زهير السباعي
الكثير منا يكتب ويحلل محاولاً الوصول إلى السبب في تأخر إنتصار الثورة السورية شارحاً الإيجابيات والسلبيات للثورة وموقف الكثير من أبناء الشعب السوري تجاهها، والبعض الأخر يبحث عن أسباب فشل كثير من المؤوسسات العسكرية والسياسية والإغاثية والمدنية والتي سببها ضعف الإنتماء لدى الكثير منّا تجاه تلك المؤوسسات التي نعمل تحت ظلها من مجلسٍ وطني أو إئتلاف أو حكومة أو وزارةٍ أو جمعيةٍ أو منظمة مجتمع مدني أو مشفى ميداني أو مدرسة أو هيئة مهما كان تسميتها أو تشكيل مهما كانت صفته، لدى المواطن السوري مشكلة حقيقية وهي ضعف الإنتماء للوطن والثورة والأمة وسبب ضعف الإنتماء للثورة يعود الى النظام الذي وعلى مدار خمسة عقود من حكمه عمل على طمس كل الإنتماءات للمواطن السوري من إنتماءٍ للوطن والدولة ومنع الحريات وهدر كرامة المواطن واستعباده، فلم يكن هناك إنتماءُ للحزب أو تشكيل سياسي مدني مجتمعي- منظمات المجتمع المدني – مما ساعد وغذّى الإنتماء الذاتي الشخصي المنفعي الذي نتج عنه الأنانية -سِلفِش- ذلك هو الإنتماء الوحيد الذي تربى عليه المواطن السوري خلال الخمسة عقود الماضية من حكم النظام في بداية ثورة الكرامة والحرية كان المواطن يفتخر بإنتمائه لمجموعةٍ ما أو منظمةٍ ما يعمل فيها وكان شعاره انتماؤه للمنظمة التي يعمل فيها اكبر وأسمى من إنتمائه للثورة والوطن ربما يكون هذا الوجه من الإنتماء إيجابياً ولكن إذا نظرنا للوجه الأخر وهو الإنتماء المفرط او المبالغ فيه والذي لاحظناه في بعض التشكيلات العسكرية والتحزبات السياسية والجماعية والإغاثية والتي لاتتعامل إلاّ مع مجموعتها وجماعتها أو المحسوبة عليها، مما نتج عن هذا الإنتماء التمسك بالخاص على حساب العام وبالتالي تقديم المصلحة الصغرى على الكبرى بهذا نكون قد حصرنا أنفسنا بين وضعين أحلاهما مر ضعف الإنتماء والإنتماء المفرط ، فالأول أضعف مؤوسساتنا العامة وأفشلها وتسبب في تشرذم كثير من المنظمات والجمعيات والهيئات حيث سيطرت الأنا المَرَضِيَةِ وحب الذاتِ والمصلحة الشخصية والمنفعة الأنية-لقصر النظر لدى البعض- على مصلحة الثورة الوطنية والعامة والمؤوسساتية مما أفرز لنا أشخاصاً يعملون بمنظماتٍ حكومية ومدنية وإغاثية وهم غير مؤمنين ومقتنعين بها وبدورها الريادي، فالمصلحة الشخصية تجبرها على العمل فيها وسط فساد لامثيل له، فكيف لمثل هذا الشخص أن يفيد الثورة؟ أما بالنسبة للإنتماء الثاني وهو الإنتماء المفرط والغلو فيه جعل بعض التشكيلات والحركات المسلحة تتقوقع على نفسها وتلفظ كل من لاينتمي لها حتى لو كان أقرب لها من حيث تفكيرها ومعتقدها وقد لاحظنا ذلك في معارك حمص وريفها-القصير وتل كلخ والقلمون كيف نحل هذه المعضلة معضلة الإنتماء بشقيها ؟ حلَّ هذه المعضلة يحتاج إلى جهدٍ كبير ووقت طويل، فهو يحتاج إلى إصلاح النفس والفرد والمواطن والحزب والجماعة والمؤوسسة والهيئة والجمعية ويحتاج إلى تضافر أصحاب الأنفس الكريمة وتعاضدهم وتعاونهم وتوحدهم على تحمل الريادة والقيادة لهذا الإصلاح البشري الكبير. نحن في ثورةٍ ومأساةٍ وأزمةٍ ومرحلةٍ خطرة تتطلب منَّا جميعاً تجاوز سلبيات الإفراط والتفريط والإسراف والتقتير في الإنتماء على أقل تقدير وفاءً للدماءِ الطاهرة التي سالت وللمعتقلين والمغيبين والمشردين والنازحين واللاجئين والمنكوبين، والحل يكمن في أنفسنا في كل واحدٍ منّا فهلمَّ نبدأ بأنفسنا ثم أهلينا ونبتعد عن الأنا المقززة والمنفرة ونستعمل بدلاً عنها نحن ونترفع ونبتعد عن سفاهات الأمور