بدا المشهد السياسي الداخلي عشية جلسة مجلس النواب التي ستبت مصير التمديد للمجلس اليوم، كأنه اخضع لجرعات منشطة سريعة من شأنها ان تحيي حيوية استثنائية من خلال مواقف متعاقبة من الصنف الثقيل على غرار المفاجأة التي برزت في خطاب الامين العام لـ»حزب الله « السيد حسن نصرالله في الليلة الاخيرة من عاشوراء مساء امس الاول وما يكون قد اعلنه رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في مؤتمره الصحافي ظهر أمس.
ذلك انه وسط العد العكسي لجلسة التمديد التي ستتخذ اطارها النهائي المفترض في الساعات المقبلة لجهة حسم الكتل المسيحية الثلاث الاساسية (التكتل العوني و»القوات» والكتائب) مواقفها النهائية حضوراً واقتراعاً ايجابياً او سلبياً حملت الاطلالة العلنية للسيد نصرالله امام الحشود في «مجمع سيد الشهداء» في الرويس مفاجأة سياسية ايجابية من حيث اعترافه عبر موقف نادر بـ»الدور الأبرز لتيار المستقبل وقيادته في احتضان الجيش وانقاذ لبنان مما كان يدبر له في طرابلس والشمال». اتخذ هذا الموقف بعداً مهماً بالنسبة الى ما رأى فيه مراقبون ملاقاة للمبادرة التي اطلقها الرئيس سعد الحريري غداة انتهاء أحداث طرابلس الاخيرة، بدليل ان نصرالله الذي لفت الى «اننا نختلف في كثير من المواقف وقد نصل الى مرحلة العداء»، استدرك بالقول «لكن أخلاقنا تقول إنه عندما يكون هناك موقف صحيح وشريف يجب ان نشكره ونقدّره بمعزل عن كل الخلافات بيننا». كما أضاف مرحباً بدعوة «المستقبل» الى الحوار قائلاً: «نحن جاهزون للحوار وهناك مصلحة وطنية فيه».
أما في الملف الرئاسي، فان موقف نصرالله تميّز بأنه سمّى العماد ميشال عون للمرة الأولى علناً مرشحاً للحزب وحلفائه. واذ دعا الى «العمل على استعادة هذا الملف من القوى الاقليمية» قال: «نحن ندعم ترشيحاً معيناً ومحدداً يتمتع بافضل تمثيل مسيحي ويجب ان يكون الحوار الاساسي معه ونحن جاهزون لنكون جزءاً من الحوار مع مرشحنا والحرف الاول من اسمه العماد عون». وفي موضوع التمديد للمجلس قال إن «لا مانع لدى الحزب في التمديد كما انه جاهز للانتخابات»، لكنه شدد على «اننا لسنا جاهزين أبداً لذهاب البلد الى الفراغ».
في المقابل، عقد جعجع مؤتمراً صحافيا ظهر أمس في معراب عرض فيه «مبادرة الساعة الاخيرة» لتفادي التمديد .وركز جعجع على انتخاب رئيس الجمهورية نقطة بداية لمعالجة الازمات الداخلية وابداء الاستعداد لتقديم كل التضحيات في سبيل انتخاب رئيس. لكن هؤلاء اعربوا عن اعتقادهم ان كتلة «القوات» ستمضي الى التصويت مع التمديد للمجلس في جلسة اليوم الاربعاء متخطية ما وصفوه بدائرة المزايدات في هذا المجال.
وبالنسبة الى موقف حزب الكتائب قال وزير العمل سجعان قزي إنه من خلال الاتصالات مع المرجعيات الدولية «تبيّن لنا أن هذا المجتمع لا يحبّذ تمديدا لمجلس النواب لأكثر من سنة». وأضاف: «اذا كانت الذريعة للتمديد هي عدم حصول فراغ بغياب رئيس الجمهورية فلماذا التمديد سنتين وسبعة أشهر مما يبدو انه يستهدف ملء الشغور الرئاسي وليس مواجهة الفراغ النيابي نفسه؟».
الاتفاق السعودي – الفرنسي
وسط هذه الاجواء، شهدت الرياض امس تطوراً بارزاً يتمثل في الانطلاقة التنفيذية لترجمة هبة الثلاثة مليارات دولار السعودية لتسليح الجيش اللبناني من خلال التوقيع النهائي بين الجانبين السعودي والفرنسي لاتفاق التسليح. وقد وصل الى المملكة العربية السعودية قائد الجيش العماد جان قهوجي لحضور توقيع الاتفاق بدعوة من المملكة وتمت مراسم التوقيع ظهر امس في الرياض. وأبلغ مصدر فرنسي «وكالة الصحافة الفرنسية» ان العقد الذي يتم التفاوض في شأنه منذ أشهر ويتناول قائمة العتاد الذي يطلبه لبنان سيطبق بشكل سريع.
وعلم ان مصادر سعودية أبلغت عدداً من المسؤولين عشية توقيع اتفاق هبة الثلاثة مليارات دولار للجيش اليوم في المملكة «ان هذا الحدث يدحض الشائعات التي راجت سابقا عن موت الهبة». وبررت التأخير الذي طرأ على إنجاز تقديم الهبة بأسباب «تقنية وفنية وليست لاعتبارات أشيعت في لبنان وفرنسا».
من جهة أخرى، من المقرر ان يعرض وزير الدفاع سمير مقبل على مجلس الوزراء غداً الخميس تقريراً عن محادثاته الاخيرة في طهران والمتعلقة بالهبة العسكرية التي عرضت إيران تقديمها للجيش اللبناني.