يمثّل تغير المناخ حقيقة مُفزِعة ليس لأستراليا فحسب وإنما لسكان العالم جميعهم؛ الذين يختبرون تداعياته يوميًا، ومنها ارتفاع درجات الحرارة والفيضانات وموجات الجفاف.
وفي هذا السياق، سلّط وزير الخزانة الأسترالي جيم تشالمرز، الضوء على تأثير الظاهرة العالمية باقتصاد بلاده خلال الـ40 عامًا المقبلة، محذرًا من تداعياتها على معدلات الإنتاجية وخفض الإنتاج الاقتصادي والكوارث الطبيعية، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
كما دعا، في تقرير «الأجيال المتعاقبة»، إلى تسريع وتيرة العمل لخفض درجة حرارة كوكب الأرض؛ للحيلولة دون تضاعف آثار وتكاليف مواجهة تغير المناخ الذي لن يؤثر في أمن الغذاء والطاقة فحسب؛ بل في طريقة اختيار الأستراليين مكان إقامتهم وعملهم، بحسب تقرير نشره موقع «رينيو إيكونومي» المحلي
وتسعى أستراليا إلى خفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري بنسبة 43% بحلول عام 2030، وصولًا إلى الحياد الكربوني بحلول 2050.
كما من المخطط رفع نصيب الطاقة المتجددة في مزيج الكهرباء إلى 82% بحلول عام 2030، فضلًا عن الإغلاق المبكر لمحطات توليد الكهرباء من الفحم والغاز.
الوقود الأحفوري وتغير المناخ
دافع وزير الخزانة جيم تشالمرز، عن التحول إلى الطاقة المتجددة، قائلًا إنها رغم أنها لن تكون رخيصة؛ فإنها لن تكون أغلى من تكلفة إرساء قواعد صناعة الغاز سابقًا.
وفي النسخة السادسة من تقرير الأجيال المتعاقبة، الذي أصدرته الوزارة، سلّط تشالمرز الضوء على دور
تغير المناخ
وإزالة الكربون من منظومة الطاقة والصناعة في تشكيل اقتصاد البلاد التي ما زالت تعتمد على الفحم لتوليد ثُلثي الكهرباء، وذلك على مدار الأعوام الـ40 المقبلة.
وأكد وزير الخزانة جيم تشالمرز، أهمية مكافحة تغير المناخ، قائلًا إنه يحمل تأثيرات عميقة في كل من الاقتصاد والمجتمع.
وبحسب الوزير، سيؤثر تغير المناخ في الطريقة التي يختار بها الأستراليون مكان العيش والعمل وأمن الغذاء والطاقة، فضلًا عن البيئة.
يقول التقرير: «تسعى الحكومة لاتخاذ إجراء قوي للاستجابة لتلك التحديات وموقف أستراليا
من فرص التحول العالمي للحياد الكربوني”.
ستركز معظم تلك التدابير على إزالة الكربون بصورة عاجلة من قطاع الطاقة الذي يُعَد أكبر مصادر انبعاثات الاحتباس الحراري في أستراليا.
تكاليف باهظة
تشير التقديرات إلى أن تحوُّل الطاقة وإزالة الكربون من الصناعة، يستلزمان استثمارات إضافية بـ225 مليار دولار بحلول عام 2050 فوق المستويات العادية.
يقارن التقرير الاستثمارات المطلوبة في هذا الصدد، بحجم الإنفاق الذي شهدته سوق الطاقة الأسترالية من قبل عند وضع أسس صناعة الغاز.
ويقول: «هذا المستوى من الاستثمار يماثل ما حدث عند إقامة صناعة الغاز، وعندها أنفقت أستراليا 305 مليارات دولار في مشروعات الغاز المسال على مدار مدة قصيرة عمرها 13 عامًا”.
كما يضيف أن تكلفة التحول بعيدًا عن الوقود الأحفوري في قطاع الطاقة، لا تُقارن بالتكلفة المترتبة عن الاحتباس الحراري.
ولفت تقرير وزارة الخزانة -أيضًا- إلى التأثيرات المحتملة المترتبة على تغير المناخ، محذرًا من أنها ستؤدي إلى تراجع معدلات الإنتاجية.
وقال: «إذا ارتفعت درجات الحرارة العالمية إلى 3 أو 4 درجات مئوية دون إدخال تغييرات على طرق العمل الحالية بهدف التكيف، قد تتراجع مستويات الإنتاجية الكلية بنسبة تتراوح بين 0.2 و0.8% بحلول عام 2063”.
يُشار هنا إلى أن 197 دولة تبنّت اتفاق باريس للمناخ في عام 2015، بهدف خفض الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري، والحد من ارتفاع درجة الحرارة العالمية خلال القرن الحالي إلى درجتين مئويتين، مع السعي إلى الحد من الزيادة إلى 1.5 درجة.
ارتفاع حرارة الأرض
يتوقع التقرير أن يؤدي تغير المناخ والتأثير المباشر لارتفاع درجات الحرارة في مستويات الإنتاجية إلى خسائر ضخمة للاقتصاد.
ويقول: «تلك تكلفة كبيرة ستؤدي إلى خفض الإنتاج الاقتصادي بما يتراوح بين 135 مليار دولار و426 مليار بحلول عام 2063 وفق معدلات الصرف الحالية، نتيجة للتأثيرات المباشرة لارتفاع درجات الحرارة في إنتاجية العمل”.
في المقابل، يتوقع التقرير إضافة ما يصل إلى 155 مليار دولار إلى إجمالي الناتج المحلي لأستراليا في حالة نجاح العالم في خفض حرارة الكوكب إلى درجتين مئويتين، مقارنة بسيناريو آخر ترتفع فيه الحرارة إلى 3 درجات مئوية.
“يعادل ذلك ما بين 26 مليونًا و41 مليون ساعة إضافية من العمل في عام 2063؛ ما يؤكد قيمة العمل في الوقت المناسب لخفض الانبعاثات»، على حد قوله. كما يتوقع أن يؤدي تغير المناخ إلى زيادة معدلات تكرار ووطأة الكوارث الطبيعية، وهو ما سيؤدي إلى زيادة المدفوعات المطلوبة لتعافي الأرض بأكثر من 3 أضعاف بحلول 2063.
كما ستتعرض صناعة السياحة لضربة موجعة؛ إذ ارتفعت درجات الحرارة إلى أكثر من درجتين مئويتين.
في المقابل، يتوقع التقرير تراجع الطلب على الفحم
الحراري في أستراليا إلى 1% مقارنة بالمستويات الحالية بحلول ستينيات القرن الحالي، إذا ظلت درجات حرارة الأرض عند مستوى 1.5 درجة مئوية.
المعادن الأرضية النادرة
يتوقع التقرير الأسترالي ارتفاع الطلب على الليثيوم
بمقدار 8 أضعاف، إذا ظلت درجة حرارة الأرض عند 1.5 درجة مئوية.
كما وصف المعدن النادر بأنه مكون رئيس في التحول الأخضر بقطاع الطاقة والنقل الخاليين من الانبعاثات.
وقال: «تمتلك أستراليا احتياطيات ضخمة من الليثيوم والنيكل والزنك والبوكسيت، وكلها حيوية لتكنولوجيا الطاقة النظيفة”.
كما توقع التقرير ارتفاع حجم صادرات الليثيوم الأسترالية إلى الضعف على مدار السنوات الـ5 المقبلة.
تُعد المعادن الأرضية النادرة ضرورية لتطوير التكنولوجيا منخفضة الانبعاثات؛ بما في ذلك السيارات الكهربائية والألواح الشمسية وتوربينات الرياح والبطاريات.
وتتوقّع وكالة الطاقة الدولية ارتفاع إجمالي الطلب العالمي على المعادن الأرضية النادرة، إلى 4 مرات بحلول عام 2040.
يقول وزير الخزانة الأسترالي بالتقرير، إن أستراليا إحدى الدول المعدودة في العالم التي تمتلك العناصر الرئيسة الـ3 اللازمة لصناعة الألومنيوم؛ وهي تعدين البوكسيت وتكرير الألومينا وعمليات صهر الألومنيوم.
يقول وزير الخزانة الأسترالي: «لدينا الفرصة للقيام بما هو أكثر من استخراج المعادن
وشحنها؛ يمكننا استخراجها وتكريرها وتصنيعها أيضًا، لنخلق المزيد من فرص العمل والفرص للأستراليين في المستقبل”.
واختتم بقوله: «إنها فرصتنا الكبرى لتعميق وتوسيع قاعدتنا الصناعية والدخول إلى عصر جديد من الرخاء الاقتصادي”.