ليس غريباً النجاح على الممثلة والإعلامية هيام أبو شديد، التي تشارك حالياً في مسلسل «أمير الليل» بدور الست سوسن، فالنجاح يبقى حليفها ويرافقها في جميع اطلالاتها التلفزيونية، سواء كانت تمثيلية أو في البرامج الفنية والإنسانية والإجتماعية التي أعدّتها وقدمتها عبر «أل بي سي أي» و  «أم تي في» و»الحرّة» وغيرها، والتي كانت تجذب المشاهدين لمتابعتها لما كانت تتمّتع به من حسّ انسانيّ صادق وعمق ثقافة ورقّي في الكلام، الذي نفتقده في العديد من البرامج التلفزيونية على الشاشات، وهذا ما تطرقنا اليه مع أبو شديد، التي طرحنا عليها جملة أسئلة تتعلق بدورها في «أمير الليل» وبتقويمها للدراما اللبنانية وعن برنامج «استوديو الفنّ» ونظرتها للبرامج المماثلة، فضلاً عن ظاهرة البرامج الترفيهية الخفيفة التي تشوّه صورة المجتمع اللبناني وسواها من الأمور التي نفصّلها في هذه المقابلة مع شخصية استثنائية في عالم الاعلام والتمثيل.
أبو شديد أكدّت أنها تحبّ الإعلام والتمثيل اللذين جمعت بينهما والاثنان مهّمان بالنسبة لها، وقالت في هذا السياق إنّ «التمثيل هو تحصيلي العلمي الأساسي وهو اختياري الأول وأنا درست دبلوم دراسات عليا في الاخراج والتمثيل التلفزيوني المسرحي السينمائي والاذاعي، إنما دخولي إلى الاعلام كان حقيقة نعمة في حياتي أولاً على يد أميل شاهين والمخرج شارل صوايا اللذين اختاراني كوني متخصّصة بدراسة السينما، وذلك من أجل تنشيط حوار عبر طاولة مستديرة حول فيلم في «LBC» تتعلق بمضمون وتقنية الفيلم»، وعندها رآني المخرج سيمون أسمر وطلب منّي أن أقدّم «استوديو الفن».
وفي هذا السياق وصفت أبو شديد ما حصل معها بأنه نعمة حلوة كثير بحياتها لأنّ العالم الإعلامي هو عالم حلو كثير وقد علّمها وصقلها وكسّر زوايا بشخصيتها ممكن أن تكون بقربها ومؤذية.
وأشارت إلى أن البرامج الفنية التي قدّمتها كانت حلوة وإنما أكثر البرامج التي أحبّتها هي البرامج الاجتماعية، مثل «جدل» و»جدل حّر» و «أنا كمان». ولفتت إلى أن كلّ هذه البرامج التي أعدّتها والتي تحكي عن وجع الإنسان «كانت تستند إلى قصّة وصاحب العلاقة هو الذي يحكي ولم تكن هذه الطريقة معتمدة كثيراً في حينها، وقد نفذّتها مع المخرج سليمان أبو زيد إذ كانا يشاركان معاً بالاعداد وهو على الاخراج وهي على التقديم.
وأشادت بنوعية هذه البرامج التي تولّت إعدادها وتقديمها، واصفة إياها بأنها كانت حلوة.
وقالت «كنّا نضع صاحب الاختصاص بالريبورتاج بمعنى الحكيم يحكي عن المرض أو المحامي يتحّدث عن القضية القانونية وعالم النفس على القضية النفسية «وخصوصاً وأنهّم كانوا يعملون العكس أي كانوا يضعون الريبورتاج مع قضية ويحكوا مع صاحب العلاقة على طاولة الحوار، فنحن كنا أول من قلب المعادلة وطلبنا من صاحب العلاقة المجيء ليتحدّث على الطاولة أما المسؤول والمتخّصص فكان يمرّ عبر الريبورتاج.
أما في شأن تجربتها في برنامج «استوديو الفنّ» وهل من مقارنة بينه وبين البرامج المماثلة ولجان التحكيم حالياً، فوصفت أبو شديد استوديو الفن بأنه كان أكاديمية حقيقية لأنه كانت توجد فيه معظم أنواع الفنون.
وكانت لجنة التحكيم فيه تضمّ أصحاب الاختصاص، ولم تكن تحكم على المشترك وحسب بل كانت تواكبه، وأثنت على دور المخرج سيمون أسمر، الذي كان يهتّم بالتفاصيل الكاملة ويواكب المظهر الخارجي والفني والاخلاقي للمشترك، وحتى يهتمّ بطريقة التّصرف إذ كان هناك بعض المشتركين يأتون من خلفية لم يتسن لهم أن يتصرفوا بطريقة معينة أو ليست لديهم الثقافة المعينة، فكان يسعى إلى أن يشغّلهم ويدّربهم ويعلّمهم، فكان بجّد مدرسة وأكاديمية، ويمكننا القول إن «استوديو الفن» ّكان حقيقة «ستار أكاديمي»، لأنّه كان بكلّ معنى الكلمة أكاديمية تخّرج نجوماً، ولفتت في الوقت عينه إلى أن النجوم الذين تخرجوا من «استوديو الفن» هم نجوم لامعون من النواحي كلها، سواء في الغناء أو الرقص الشرقي أو عرض الأزياء والموضة أو الرسم الكاريكاتوري أو كتابة الشعر، وذكرت العديد من الأسماء التي تخرّجت ولا تزال لامعة ومن بينهم على سبيل المثال الشاعر رودي رحمة وجرمانوس جرمانوس عن فئة الشعر، أما في الفنّ فالنجوم اللامعون هم وائل كفوري ورامي عياش ونوال الزغبي وإليسا.
ولفتت إلى أنهم لم يكونوا في البرنامج من الأوائل ولم يحصلوا على الميدالية الذهبية ومع ذلك وبمجّرد مرورهم في «استوديو الفّن» نجحوا ولمعوا لأنه كان مدرسة مهمة أطلقتّهم وعلّمتهم.
وأضافت أبو شديد لـ»القدس العربي» أن استوديو الفنّ كان شغلة كبيرة جداً وخصوصاً أعضاء لجنة الحكم، فهم كانوا من أصحاب الاختصاص، لا بل كان كلّ واحد منهم مدرسة بحدّ ذاته، سواء أكان من الشعراء وهم الشاعر الراحل إيليا أبو شديد وجوزيف أبي ضاهر وهنري زغيب وفي الغناء الأستاذ روميو لحود، الله يطول بعمره، الراحل الأستاذ زكي ناصيف والسيدة إيميه سكر في اللياقة والايتيكيت أو بعرض الأزياء تونيا مرعب وبالاعلام ماغي فرح والاخوان شويتر وبرسم الكاريكاتور ستافرو جبرا.
وأضافت: أما اليوم فنجد الإعلام وبرامج الفنون تشبه بعض الشيء هذا الزمن، والمجتمع بات مختلفاً لأنه أصبحت تهّمه السرعة أكثر، والأغنية أصبحت أقصر، ولفتت في الوقت عينه إلى أنه بتنا نشعر الآن بأن الزمن هو زمن سرعة، زمن يريد الشخص أن يقطف ما يستهلكه بسرعة.
وحول البرامج الفنية السخيفة التي تعتمد على الاثارة والابتذال، والأخرى التي تدّعي أنها اجتماعية وانسانية فأكدت «أنّ الإعلام هو صورة المجتمع وهو في النهاية يعكس هذه الصورة، وهذا ما أقوله لطلابي في الجامعة اليسوعية إذ أعلّمهم المادة الأخلاقية في الإعلام.
وهذه المادة تظهر في بعض الأحيان كم هو الاعلام مريض لأنّ المجتمع مريض. وهذه البرامج التي قلت عنها إنها تنّصب نفسها بانّها إنسانية وإجتماعية ويهمّها الأنسان كانسان أو كفرد حتى تبنيه وتبني المجتمع من خلاله هي في أغلب الأحيان مستعملة للقضية ومستعملة للانسان وللفرد حتى تعمل «السكووب» أو خبطة إعلانية وليس إعلامية.
وهنا فارق كبير بين الإعلان والإعلام وفي أغلب الأوقات هذه البرامج التي تعطي لنفسها صيغة انسانية تكون هي مدفوعة، ووراءها مؤسسة أو «مّمول» يقوم بالدفع من أجل أن يعمل اعلاناً بصيغة الاعلام»، ومن هنا دعت المشاهد إلى أن يكون واعياً في وقت شددّت فيه على دور الإعلامي، الذي يجب أن يبني المجتمع والفرد والإنسان ويحاكي المجتمع ككّل وليس كجزء.
بمعنى ألاّ يحاكي فقط غريزته العنيفة وليس فقط غريزته الجنسية، فعليه أن يحاكيه ككل ويبنيه ككل لأن ببناء الفرد تبنى الأوطان والمجتمعات، وهكذا تقف الأوطان.
وإنما لفتت إلى أنّ ما يحصل هو بالعكس هو يحاكي غريزته وعاطفته ويصّغره ويعطيه احياناً صورة مشّوهة ليست هي حقيقية وذلك تحت ستار «أنني أساعدك وأقف إلى جانبك»، وهذا هو الخطر الأكبر برأيها ولا سيما عندما تكون الحرب حرب تدمير عقول البشر، وهذا ما يحصل تدمير عقول البشر بالاعلام وهذه مسألة خطرة جداً. وهذه حرب حقيقية لأن التلفزيون وشبكات التواصل الاجتماعي تدخل إلى كل بيت وتدخل في كثير من الأحيان من دون استئذان، وتابعت أنه توضع صور وأخبار ليس من المفروض أن تكون موضوعة في وقتها. ورأت أن «الاعلام عليه مسؤولية كبيرة والإعلاميون هم جنود يمكن أن يبنوا البلد أو يمكن أن يهدموا البلد وهذه هي الخطورة الكبرى».
كما انتقدت بشّدة البرامج التي تسيء وتشّوه صورة الفتاة اللبنانية، إذ يظهرونها في برامجهم منذ مدة بطريقة مشينة، الأمر الذي أساء إلى صورة هذه الفتاة التي أظهروها وكأنها فتاة لعوب أو مغناج أو خفيفة العقل. وهذا الأمر ليس صحيحاً أبداً، مؤكدة أن لدينا فتيات يتمتعن بالكفاءة ومتعلمات ولديهن الحكمة ويتحليّن بأخلاق عالية، وهذا ما أقوله لأولادي ولطلابي «ليس الأكثرية وإنما النوعية وليس بالضرورة أن ما نشهده من انفلاش على «الميديا» أو على التلفزيونات تكون هي الحقيقة، ليس كل شيء نراه هو الحقيقة، وخصوصاً أن علم النفس يقول إن المشاهد لديه الاستعداد أن يصدّق للوهلة الأولى كلّ شيء يسمعه ويراه، لأن ليس لدينا الوقت في أن نهضم المعلومة التي نأخذها، وأعطت مثالا على ذلك بقولها: «أيام أهلنا كانوا يقرأون الجريدة لمّدة أسبوع أما الآن فنحن نأخذ المعلومات بشكل سريع جداً.
والصورة التي يعطونها عن الفتاة اللبنانية هي أيضا تدمير للمجتمع اللبناني، واستشهدت في هذا السياق بالكلام الذي تسمعه من أصحابها في الخارج ولا سيما في الأردن وغيره إذ يقولون «أنتم البنات اللبنانيات لعوبات أو سهلات» مع العلم أنّ هذا الأمر ليس صحيحا، ومن هنا رأت أن الاعلام والإعلامي ومدراء وادارات التلفزيونات عليهم أن يدركوا تماماً مدى المسؤولية الملقاة على اكتافهم وهي مسؤولية ليست سهلة، وحذّرت من هذا الاستسهال الحاصل الذي وصفته بأنه خطر جداً، مشككّة في الوقت عينه بأنه ليس ببريء.
وعن تقويمها للدراما اللبنانية أكدت أن «الدراما كانت طوال عمرها سبّاقة من أيام تلفزيون لبنان وتلفزيون المشرق.
وبالفعل مرّت بظروف صعبة في الحرب اللبنانية ولم يكن الفرد مبالياً بأيّ شيء سوى بتأمين لقمة العيش وبحماية رأسه، وهذا ما أثّر سلباً على الدراما التي تلقت ضربة قوية في وقت كان لبنان يصدّر قبل الحرب هذه المسلسلات اللبنانية إلى الخارج والمسرحيات الغنائية مع الرحابنة والسيدة فيروز وغيرهم.
كما أشادت بالمسرح فى أيام منير أبو دبس وانطوان ولطيفة ملتقى وانطوان جبارة وكل هؤلاء الكبار وموريس معلوف وغيرهم وغيرهم إذ كان لبنان سبّاقا بالفن.
ولفتت إلى أن صورة الفن مثل الاعلام تعكس أهمية هذا البلد وكم هو راق ومهم ومنفتح.
وأثنت هنا على دور المنتجين الذين شكرتهم لأنهم يتشجّعون على الانتاج، واصفة عملهم بالبطولي لأنهم يغامرون بوقتهم وبأموالهم لأن السوق ليست دائماً مفتوحة وبامكانهم أن يستردّوا هذه المصاريف.
وحول شخصية سوسن التي تؤّديها في مسلسل «أمير الليل» فعبّرت عن فرحتها بهذه الشخصية، التي اعتبرتها بأنها جديدة عليها كممثلة، وأعلنت أنها شخصية مكتوبة بطريقة قاسية وهي عندها طبقية وعنصرية وتعتبر نفسها من المجتمع المخملي وهي حاولت أن تحبّها حتى تتمكن من فهمها وتقديمها.
ولفتت إلى أنها وبقدر ما هي مقتنعة بما هي مقتنعة فيه تصبح مضحكة وهي تشبّه كثيراً من الناس في المجتمع.