في وقت سابق من الشهر الجاري، تواردت الكثير من الأنباء التي تؤكد على ازدهار الاقتصاد الأسترالي رغم تصاعد النزاع التجاري الأميركي-الصيني من جهة وارتفاع مستويات ديون الأسر من الجهة الأخرى.
وكان بنك الاحتياطي الأسترالي قد حذر في السابق من أن التوترات التجارية المتصاعدة بشكل حاد بين الولايات المتحدة والصين تمثل خطرًا خارجيًا متزايدًا على الآفاق الاقتصادية لأستراليا.
وفي تقرير نصف سنوي عن استقرار القطاع المالي، قال البنك الاحتياطي الأسترالي، حيث تعد أستراليا مصدر رئيسي للمنتجات المعدنية ومنتجات الطاقة للاقتصاد العالمي، ستكون في خط إطلاق النار من أي تباطؤ ناجم عن الخلاف التجاري المتفاقم.
فعلى الأرجح إن التوسع الاقتصادي في أستراليا الذي استمر لأكثر من 25 عامًا، بدأ يتلاشى وبشكل سريع، حيث إن النشاط الاقتصاد الأسترالي أخذ في التباطؤ متأثرًا بقطاع الخدمات، الذي يعد المحرك الأكبر للنمو الاقتصادي الأسترالي.
سجل مؤشر مديري المشتريات المركب لشهر أكتوبر هبوطًا بلغ 51.2، وهو أدنى مستوى يسجله المؤشر منذ عامين ونصف. حيث تضاءل معدل النشاط الاقتصادي مقارنة بالعام السابق.
ومن بين الإشارات التي أدت إلى تزايد التخوفات حيال مسار الاقتصاد الأسترالي، أوضح التقرير الأخير أن هذا التباطؤ كان مدفوعا بالكامل من قطاع الخدمات، وهو يشكل جزء رئيسي من الاقتصاد الأسترالي نظرًا لأنه يستخدم الغالبية العظمى من القوى العاملة في أستراليا.
ووفقًا لبنك ذا كومنولث، جاء نمو نشاط الخدمات في أكتوبر هو الأبطأ منذ مايو 2016، في حين انخفضت الثقة في الأعمال التجارية انخفاضًا إلى أدنى مستوياته في 28 شهرا».
ومع ذلك، على الرغم من الاعتدال الشديد في مستويات النشاط، قال المشاركون في الاستطلاع أنه لا يؤثر على مستويات التوظيف التي لم تزد فقط في الشهر الماضي، ولكنها فعلت ذلك بوتيرة أسرع من سبتمبر ايلول .
هذا، وقد كشفت البيانات الصادرة في وقت سابق من الشهر الجاري عن انخفاض مذهل في معدل البطالة ليصل إلى مستوى أقل من 5 في المائة خلال شهر سبتمبر ايلول ، مما دفع الاقتصاديين إلى تحويل أفكارهم إلى النقطة التي تبدأ فيها الأجور ومعدل التضخم في الارتفاع، كما قد تدفع البنك الاحتياطي الأسترالي إلى الابتعاد عن سياسة هامش.
«ومن الناحية التاريخية، بالنسبة لأستراليا، يقدر هذا المستوى بـ 5 في المائة،» حسبما أوضح بيل ايفانز، كبير الاقتصاديين في ويستباك، محذرًا من أن المستوى الفعلي قد يكون أقل من ذلك.
وفي الوقت الذي أضيفت فيه 5600 وظيفة فقط شهر سبتمبر، انخفض معدل المشاركة إلى 65.4 في المائة من 65.7 في المائة وانخفض المعدل الرئيسي من 5.3 في المائة.
هذا، وقد تزايدت قوة سوق العمل في بعض الولايات، حيث انخفض معدل البطالة في نيو ساوث ويلز إلى 4.4 في المائة في الشهر الماضي، وهو مستوى لم تشهده منذ عام 1978. ويأمل المحللون الاقتصاديون أن تراجع مسار البطالة في وأستراليا قد يدلل على بدء مستويات الأجور في الارتفاع.
وجاءت تلك القوة في قطاع التوظيف على الرغم من استمرار ضغوط الهامشية، حيث ارتفعت أسعار المدخلات أسرع من الأسعار النهائية للعملاء. وعلى النقيض من الصورة القاتمة التي رسمتها شركات قطاع الخدمات، تحسنت مستويات النشاط في الشركات المصنعة بفضل القراءات الأقوى لمشتريات أسهم التوظيف وإطالة فترات تسليم الموردين، مما ساعد على تعويض التدهور في الإنتاج والأوامر الجديدة، وهذا الأخير يعكس إلى حد كبير تراجع معدل الطلب من الخارج.
وعلى صعيد أخرى، ذكر البنك الملكي الكندي اليوم الأربعاء أنه من المرجح أن تشهد أستراليا انخفاضا في أسعار العقارات وتضاؤل في الإنتاجية وسط اقتراحات السياسة التي يقدمها حزب العمل المعارض الذي في طريقه للفوز بالتشكيل الحكومي الجديد.
وأشارت سو-لين اونج، رئيسة استراتيجية الاقتصاد الأسترالي والدخل الثابت في البنك الملكي الكندي إلى أن أن «سوق الإسكان ضعيف ودخل الأسر المعيشية ضئيل، ومن شأنهما أن يجبرا البنك الاحتياطي الأسترالي على الإبقاء على سعر الفائدة بلا تغيير لفترة أطول، في الوقت الذي نتوقع فيه التزاما بفوائض الميزانية والتأكيد على استقلالية الاحتياطي الأسترالي».
في نهاية المطاف، قد لا يتمكن الاقتصاد الأسترالي من الصمود وسط تزايد التحديات التي يواجهها سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي، ولا سيما مع تجدد الإشارات التي تدلل على معاناة القطاع الخدمي بالبلاد.