بقلم هاني الترك OAM

مع ان رئيس الوزراء مالكولم تيرنبل من الأثرياء الا انه يهتم بأحوال الفقراء ويتبرع من ماله الخاص للأعمال الخيرية.. فهو قد نشأ في ظل الفقر بدون رعاية عائلية مناسبة.. كافح وجمع ثروته بعرقه وكدّه وذكائه .. فهو رجل اعمال حرّة ومستثمر من الدرجة الاولى.. تبلغ ثروته الشخصية مئة مليون دولار..

يتلقى تيرنبل سنوياً ما لا يقل عن نصف مليون رسالة.. وبالطبع لا يستطيع قراءة هذا العدد الضخم من الرسائل والردّ عليها.. لذلك يقوم عادة البيروقراطيون في الدائرة بقراءتها والردّ عليها.. ولكن تعليماته الى الموظفين في الدائرة باختيار عدد من الرسائل يومياً من الكمّ الهائل من الرسائل ليقرأها شخصياً من اجل معرفة ما يدور في البلاد من خلال عامة الشعب..

كتبت متقاعدة رسالة اليه تشرح فيها الحياة صعبة التي تعيشها تقول فيها:

«اني لست حمقاء ولا اعتقد انك سوف تقرأ هذه الرسالة لأنك تستلم عدداً هائلاً من الرسائل ولكن كتابة الرسالة سوف يجعلني اشعر بقليل من الفرج لأُخرج ما اعانيه في صدري .. مع انني اعلم تماماً ان كتابتي للرسالة هو مضيعة للوقت ورغم ذلك سوف ارسلها لك».

كتبت إمرأة اخرى رسالة مع انها كانت تعلم تماماً انها لن تصل الى رئيس الوزراء مطالبة بإصلاح احوال المتقاعدين تقول:

«لا يمكنني الانفاق على كلب مع انني اتمنى ان امتلك كلباً للصحبة والأمان.. فقد دفعت الضريبة طيلة حياتي.. فإن حياتنا كمتقاعدين بالحق صعبة وغير عادية.. نحن بحاجة لدفع وصفات الادوية».

ان الاطلاع على مشاكل المواطنين الحقيقية لمعرفة طبيعة الاوضاع المعيشية لهم هو هام لرئيس الوزراء تيرنبل والمقابلة معهم في واقع المجتمع هو هدف رئيسي له حتى انه امس الأول زار مدرسة للأطفال وتحدث مع تلاميذها.

لذلك عادة يقوم رؤساء الوزراء الاستراليون ومن بينهم تيرنبل الخروج الى المناطق والاحياء والتجوّل في مراكز التسوّق والمدارس .. اضافة الى عقد اجتماعات لمجلس الوزراء في المدن والأقاليم من اجل معرفة آراء الشعب.

تحضرني قصة عن اهمية اطلاع الرئيس على واقع اوضاع الشعب وحكمه في التاريخ العربي قرأتها منذ فترة بعيدة اظن انها للمفكّر المصري الكبير توفيق الحكيم ان لم تخنِ الذاكرة تحمل عنوان «نهر الجنون»  ملخصها:

«ان عامة الشعب في احدى المدن شربوا من نهر الجنون واصبحوا مجانين باستثناء الملك ونائبه.. اسدى النائب للملك النصيحة بأن يشربا من ذات النهر حتى يصبحا مجانين مثل عامة الشعب .. ويتمكنا من حكم الشعب بطريقة عادلة.. وهكذا كان.

فإن معرفة مشاكل الشعب هو هام في الحكم الديمقراطي العادل .. وقراءة رسائل الشعب والخروج الى حياتهم في مناطقهم هما ضمن الوسائل الهامة لممارسة العدالة في النظام الديمقراطي.