آلين  فرح

اجتماع «تكتل التغيير والإصلاح» أول من أمس كان مختلفاً. وصل إليه في سيارة واحدة الوزير جبران باسيل والنائبان آلان عون وابرهيم كنعان في سيارة الأخير، ودخلوا معاً، مما أحدث صدمة إيجابية، خصوصاً لدى العماد ميشال عون. كان سبق الاجتماع غداء الى مائدة كنعان جمع للمرة الأولى منذ مدة باسيل وعون، لتأكيد التفاهمات وتكريسها بين فريقين متنافسين داخل «التيار الوطني الحر» وعلى رئاسته. هكذا، نجح كنعان في مسعاه التوافقي ومبادرته التي بدأها بالتنسيق مع العماد عون ودعمه وتشجيعه، ولولاه ولولا رعايته لما كان ذلك ممكناً، مبادرة كانت «النهار» أشارت اليها في مقابلة مع كنعان قبل اسبوعين.
في مقابلته الأخيرة جزم العماد عون أنه سيسلم رئاسة «التيار» الى رئيس جديد، وان الشرخ غير وارد ما دام موجوداً. ارتاح عون الى المبادرة، خصوصاً ان التوافق في المرحلة الحالية ينقذ «التيار» من استغلال لتعزيز انقسامات معينة في حين ان «التيار» في أمسّ الحاجة الى فاعليته ووحدته وتضامنه في المعارك السياسية التي يخوضها.
بعد تقدّم المفاوضات بين الطرفين، حصل لقاءان أساسيان نهاية الأسبوع الفائت والأسبوع الذي سبقه بعيداً من الأضواء جمعا العماد عون بالنواب كنعان وعون وزياد اسود وسيمون ابي رميا خلصا الى وضع سلة من التفاهمات الداخلية عبر مسودة اتفاق جاهزة للتطوير والإقرار، وبالتالي حصل النواب على ضمان العماد عون ورعايته للاتفاق الذي تكرّس وانبثق منه اللقاء الثنائي بين باسيل وعون في منزل كنعان. واشاع خبر اللقاء جواً جديداً من التعاون، وسقطت تاليا تراكمات المعركة الانتخابية على كل المستويات، فوصفت الجلسة بانها مهمة وأعادت بناء ثقة وحددت مسارات وركّزتها في اطار واحد. وكانت سبقت الاجتماعين اجتماعات تمهيدية مع قياديين في «التيار»، منهم نعيم عون من أجل جوجلة التوافق، ثم استكملت هذه المساعي بلقاءات لعون وباسيل مع ماكينتيهما لاطلاعهما على الأجواء الجديدة.
الطرفان يؤكدان أن صفحة التنافس طويت وبالتالي اعتبار المرشحَين يتمتعان بصفات تؤهلهما لقيادة «التيار»، وقع الخيار على باسيل لرئاسة «التيار» لعوامل عدة أبرزها اعتبار العماد عون ان من سيتسلم رئاسة «التيار» يجب أن يتمتع بخبرات محلية واقليمية ودولية وفي الإدارة، ولا علاقة لها بحسابات الربح والخسارة، مما يدل على ان التوافق كان له دور في تزكية باسيل في المرحلة الحالية مع كل ما يملك آلان عون من رصيد ومؤهلات لا لبس فيها، خصوصاً أن باسيل استطاع في مدة قصيرة تغيير الانطباعات السائدة انه غير قادر على الاقتراب من القواعد وإقناعها بقدرته على القيادة، وهذا ما أظهره التفاعل الايجابي معه في جولاته.
ونصّ الاتفاق على سلة تفاهمات داخلية تعزز الديموقراطية على قاعدة التضامن والشراكة داخل «التيار» وبضمان العماد عون، منها: تعديل النظام الداخلي لناحية آلية عمل الهيئة التأسيسية، تعيين نائبي الرئيس من العماد عون شخصياً بما يراه مناسباً لتعزيز التوافق الحاصل والدور الذي يطلع فيه نائبا الرئيس وتجسيد التوافق واقعاً، معالجة مسائل طارئة كبعض العيوب في الانتسابات والسعي الى «تطعيم» الإدارة الحزبية و»تنويعها» من الماكينتين المتنافستين، بما يضمن لاحقاً الغاء المحاور أو الاجنحة في المؤسسة الحزبية فيشارك الجميع في صنع القرار، تعزيز عمل الكتلة النيابية تشريعاً وانماءً عبر مأسسة الكتلة وأمانة سرّها وتفعيل عملها ودورها، التحضير المشترك للانتخابات الحزبية في الهيئات المحلية للمناطق. وستجري متابعة بنود الاتفاق لترجمته واقعاً وتنفيذه وتحقيقه بإشراف العماد عون وضمانه.
اليوم يفتح باب تقديم الترشيحات الى رئاسة «التيار»، وأصبح مؤكد أن النائب آلان عون لن يترشح في ظل هذا التوافق، وليس متوقعاً كذلك أن يترشح أحد من جميع الذين كانوا معنيين بالمعركة وبتفاوض بحكم التزامهم التوافق كما هو ظاهر. وتشير مصادر مواكبة الى «متضررين من الاتفاق في الفريقين، يراهنون على الخلافات الداخلية لأسباب منها شخصية ومنها غير واقعية، لكن هذا الرهان سقط، والنواب الذين كانوا معنيين مباشرة بالمعركة الانتخابية والاجتماعات الممهدة للاتفاق بتفاصيله أثبتوا أنهم يملكون الوعي الكامل والحرص على وحدة «التيار» خصوصاً في هذه المرحلة الدقيقة لبنانياً، اضافة الى التفاعل مع إرادة العماد عون وتمنياته ونظرته ورؤيته الى مستقبل «التيار» واحترامها، من دون أن يؤدي ذلك الى إلغاء مطالبهم التي كانوا على أساسها يخوضون المعركة، بل على النقيض كان الاتفاق ضامناً لتحقيق مطالبهم والأفكار البنّاءة لتطوير الحزب، وبمشاركة الجميع.