– عباس الصباغ
تركت استقالة وزير العدل أشرف ريفي جدلاً دستورياً حول إمكان تعيين خلف له في ظل الفراغ في سدة الرئاسة، وما إذا كان يمكن الحكومة مجتمعة أن تعين وزيراً بديلاً، علما أن عدم تعيين بديل يجعل الحكومة الحالية غير متوازنة طائفياً على شاكلة الحكومة الأخيرة للرئيس نجيب ميقاتي.
بعد اتفاق الطائف أضحى تشكيل الحكومات يخضع لقاعدة المناصفة بين المسيحيين والمسلمين، وضمنا المثالثة بين الطوائف الثلاث الكبرى (الموارنة والشيعة والسنّة). ووفق هذه القاعدة تألفت جميع الحكومات بعد عام 1990، مع استثناء وحيد في حكومة نجيب ميقاتي الثانية حيث كان عدد الوزراء السنّة 7 مقابل 5 للشيعة بعد المخرج الذي وجده الرئيس نبيه بري لتوزير فيصل عمر كرامي من حصة الشيعة، بعد تعذر التوافق مع ميقاتي الذي تمسك بالوزير أحمد كرامي.
اليوم انقلبت الصورة وبات عدد الوزراء الشيعة، وكذلك الموارنة أكثر من السنّة (5 مقابل 4).
الوزير السابق والخبير الدستوري خالد قباني كان وصف في حديث سابق الى «النهار» تشكيل الحكومة عام 2011 على قاعدة 7 وزراء سنة مقابل 5 شيعة بغير الدستورية، «لأن الدستور اعطى الحق للطائفة وليس لممثلها في السلطة، وبالتالي لا يمكن أحدا التنازل عن حق دستوري».
إلا أن الدستور ينص ايضاً على ان رئيس الحكومة يقدم التشكيلة الحكومية لرئيس الجمهورية الذي يوقع مع الاول مرسوم تأليف الحكومة، علماً ان مرسوم إقالة الحكومة أو اعتبارها مستقيلة يوقعه رئيس الجمهورية منفرداً.
لكن في غياب رئيس الجمهورية الذي انتقلت صلاحياته الى الحكومة بموجب المادة 62، هل للحكومة مجتمعة أن تمارس صلاحية لصيقة بشخص الرئيس؟ واستطراداً، لماذا لا تركن الحكومة والحالة هذه الى توقيع مراسيم اعتماد السفراء او منح العفو الخاص او تقليد الاوسمة وترؤس الحفلات الرسمية وغيرها من الصلاحيات اللصيقة بشخص الرئيس؟ أما عن اجراء الاستشارات النيابية فيوضح قباني ان الامور عندها تكون معقدة، «وكيف يمكن القوى السياسية ان تجري الاستشارات مع نفسها؟».
وبالوصول الى الخلل الميثاقي في التشكيلة الحالية بعد استقالة ريفي، يوضح ان «لا خلل ميثاقيا لأن الأساس هو الدستور، وبما ان مرسوم تأليف الحكومة يصدر معه ايضاً مرسوم يعين الوزراء بالوكالة، فإنه بعد استقالة الأصيل يتولى الوكيل مهماته عملاً بمبدأ استمرارية المرفق العام، ولا يمكن هذا الاجراء ان يكون موضع شك دستوري، وفي حال تم تعيين وزير أصيل من غير طائفة الوزير المستقيل عندها يمكن الحديث عن الخلل الطائفي».
وفي المحصلة، يمكن تعيين وزير بديل من ريفي إذا وقع رئيس الحكومة والوزراء الـ22 الباقون على مرسوم التعيين ليصبح نافذاً.
إلا أن رأياً آخر يقول بعدم جواز تجيير صلاحيات الرئيس اللصيقة للحكومة حتى في ظل الشغور في سدة الرئاسة، وبالتالي يمكن الوزير الوكيل ممارسة صلاحيات الوزير المستقيل، والامر ينسحب على عدم جواز تبديل الوكيل لأن صلاحية تعيين الوكلاء هي ايضا تصدر بمرسوم بتوقيع رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة.
لكن ما سيحصل سيكون سابقة في الحياة السياسية اللبنانية، لجهة أن يتم تعيين وزير جديد في غياب رئيس الجمهورية.