بقلم هاني الترك OAM

كان دارين هينش مذيعاً مشهوراً لامعاً في محطات التلفزة والاذاعة والصحافة.. كان يقبض ملايين الدولارات عن برامجه.. وهو يعتقد بمبادئ ومثل وقيَم لا يحيد عنها مثل دفاعه الاعلامي عن حقوق الاطفال وحمايتهم من المجرمين الخطرين الذين يعتدون جنسياً على الاطفال .. واليكم قصته وما حدث له:

اثناء محاكمة متهم في المحكمة لارتكابه جنحة  ذكر هينش على الاذاعة اسم المتهم بأنه كان قد ادين بجريمة سابقة بالاعتداء الجنسي على طفل.. وكان هدف هينش من الذكر علنا  اسم المتهم المدان سابقاً الذي يخضع للمحاكمة بالجنحة ليس لها علاقة بالاعتداء الجنسي على الطفل هو توعية الناس وتحذيرهم من المجرم الخطير.

اعتبر ذلك خرقاً لحرمة القضاء .. لأن هيئة المحلفين التي كانت تبت ببراءة او ادانة المتهم قد تتأثر بالاستماع لسرد المذيع  إسم المتهم وسوابقه الجنائية وهو المجرم السابق .. مما يحدو بالهيئة بالحكم ضد المتهم..ويعتبر ذلك في القانون الاسترالي عرقلة مجرى العدالة .Contempt of Court

أُجلت محاكمة المتهم بالجنحة بسبب اعلان هينش على الاذاعة اسمه .. وبعد فترة اعيدت المحاكمة من جديد .. وادين المتهم بالجنحة..

غير ان المذيع هينش وُجهت اليه في المحكمة الاقليمية تهمة عرقلة مجرى العدالة.. وانزلت فيه عقوبة السجن وغرامة مالية مقدارها 2000 دولار.

رفع هينش دعوى استئناف في المحكمة العليا الاسترالية وهي اعلى محكمة في البلاد الا انها اصدرت حكماً يؤكد حكم المحكمة الاقليمية استناداً الى ان هينش قد عرقل مجرى العدالة في محاكمة المتهم.. وهكذا خضع هينش لحكم القانون وهو الاعلامي المشهور.

تضافرت ضد هينش الظروف الصعبة .. ولحظه السيء وبعد خروجه من السجن استثمر كل ماله في شركة اقامها فشلت فأفلس.. وطلقته زوجته الممثلة الشهيرة بعد افلاسه .. فإن معظم النساء يلهثن وراء المال والشهرة حتى الزوجة.

اعتكف هينش في بيت صغير متواضع جداً استعمل فيه الطاولة في المطبخ كمكتب له .. يستيقظ كل يوم مبكراً يلخص الاخبار لإذاعة في جنوب استراليا بأجرة قليلة جداً من اجل سدّ رمقه..  فلم يعد متألقا  ثرياً كما كان.. فهجره جميع الناس.

مساكين الصحافيين الاحرار الذين لا يُباع قلمهم ولا يُشترى.. لا يغتنون من مهنة المتاعب ويقاسون من دافع حبهم للمهنة .. يصابون بالامراض من شدة الضغوط عليهم ويموتون مبكراً.

رغم ذلك تمسك هينش كصحافي بمبادئه وقيمه .. فقرر اقتحام معترك السياسة.. وهو حق لكل مواطن استرالي.. وترشح وانتُخب لمجلس الشيوخ سيناتوراً في زمام يده ميزان القوى مع عدد قليل من السيناتورات في ان يوجه صوته الحر الى الحكومة او المعارضة.. وكلتاهما في حاجة اليه من اجل تمرير مشاريع القوانين في مجلس الشيوخ الذي يسّن القوانين او يعرقلها.

ان السيناتور دارين هينش له صوت هام  وربما حاسم في البرلمان كسيناتور مستقل في سن القوانين .. وهو الذي ادين بجريمة عرقلة مجرى العدالة.. مع انه كان يدافع عن حقوق الاطفال وحمايتهم من المجرمين .. هينش اصبح الآن صانعاً للقانون.

ان قصة صعود وسقوط ثم صعود نجم السيناتور الحالي دارين هينش تظهر قيمة الانسان الحر في استراليا .. فيها اعظم حرية  اعلامية في العالم.. وحكم القانون في المجتمع الديمقراطي .. ان استراليا بلد الحرية والقانون والعدالة.