يقولون: «المصيبة تجمع» ولكن مصيبة ال»كورونا» فرّقتنا كجالية، وتحوّلت الى فرصة يمتطي البعض صهوتها ليدلي بدلوه ويخبط خبط عشواء.

ولأننا نرفض أن نعطي الخبز للخباز، أفلتنا العنان لآرائنا ورحنا نزرع الشك والتشويش في أذهان المواطنين، بدءاً بما قلناه عن عديد الشرطة منذ أسبوعين في غرب سدني وصولاُ ألى ما سمعناه من آراء  حول استقدام عناصر من الجيش الى منطقة غرب سدني.

أجريت عدداً من المقابلات الإذاعية  وكتبت سلسلة مقالات أغالط فيها معظم «المُعتَبرين» الذين أطلوا على وسائل الإعلام المسموع والمرئي، وسرعان ما صوّب بعضهم البوصلة وبعضهم صوّبها متأخراً، والبعض الثالث له حسابات لا علاقة لها بالوباء.

يوم الأحد، قال لي أحد الأنسباء الذي يسكن في منطقة «بونداي بيتش»  أن عديد الشرطة هناك يكاد يفوق عدد الناس ، وهم يحرّرون محاضر ضبط بالمخالفين وكأنهم يوزّعون بطاقات معايدة؟!.

وللتوصيح أقول:أولاُ، إن رجال الشرطة تعرضوا للشتم والإهانات و»التدفيش» في عشرات الوقائع الموثّفة في غرب سدني ليس لأنهم يمارسون العنصرية علينا بل لأنهم يطبّقون القانون ويعملون لحفظ سلامتنا، ولا أذيع سرّاً إذا قلت أنه تم تخصيص خط لتلقي شكاوى الناس ضد الشرطة ، لم يتلقّ الخط أي إتصال.

ثانياُ، الجيش الذي خوّفونا منه لم يعتدِ على أحد ولم نلمحه إلا لماماً في الشارع وانحصرت مهمته حتى الآن في أيصال المؤن والمساعدات الى العائلات الممعزولة في الأبنية ( الصورة).

وللمعترضين على نزول الخيالة، فإننا كنا نرى العشرات من هؤلاء في شوارع ملبورن في الإغلاق الأول ولم يخطر على بال أحد يومها أن هذا المشهد هو ممارسة عنصرية.

أعرف عائلات كثيرة دخلت عناصر الشرطة الى منازلها بعد طرق الباب  وكان يوجد في المنازلعدداً من الأشخاص مدعوين الى غداء أو عشاء، وكانت الشرطة تمهلهم نصف ساعة كي يغادروا المكان.

فهل هذا اعتداء على المواطنين أم حماية لهم في ظلّ الأرقام المتصاعدة والمخيفة للوباء.

وأخيراً، التقيت شخصاً أعرفه يمتلك مزرعة تبعد أكثر من مئتي كيلومتر عن سدني، اصطحب منذ أيام عاملَين بسيارة ال»يوت» لإجراء بعض الأشغال في مزرعته ، وبعد سير أكثر من ساعتين ونصف، ولدى وصوله الى مدخل مزرعته ، ترجّل من السيارة ليفتح الباب  حين باغته عنصر من الشرطة  يسأله عن رخصة القيادة، ولما رأى الشرطي أن العنوان في إحدى ضواحي بانكستاون نظر الى الرجل مستغرباً: «ماذا جئت تفعل هنا»؟ .

أجابه:» جئت أقوم ببعض التحسينات في المزرعة: قال له الشرطي :»معك تصف ساعة لتغادر المنطقة»، أجابه :»ولكن يا حضرة الكومندان بعدما قطعت  كل هذه المسافة، معقول»؟.. وكرّر الشرطي : «معك نصف ساعة ونقطة على السطر؟»

ورغم أن الرجل لم يكن أجرى فحصاً رغم أنه خرج من منطقته.

ورغم أنه لم يكن يضع كمامة على وجهه.

ورغم أنه قطع 250 كلم والمسموح خمسة كيلومترات.

ورغم أنه كان يضع راكبين الى جانبه، ورغم أنه لم يكن مطعّماً وهو ينتقل الى منطقة أخرى.

ورغم أن الشرطي لم يسطّر مخالفة في حقّه ، فإن صاحبنا ما زال يفتش في القواميس عن المزيد من الشتائم ليكيلها لرجل الشرطة. وتوجّه اليّ قائلاً: «شفت ، شفت معقول»؟!.

ولدى مغادرتي قلت له:» إسمع، غداً عندما ينتهي الإغلاق عليك أن تذهب الى مدخل مزرعتك وتقيم تمثالاً لهذا الشرطي..

أدرت ظهري وهو يقهقه ساخراً مني ومن الشرطي.

صاحب المزرعة هذا، يوجد في كل حي من أحيائنا، فاحذروه؟!!.