لعلّ المثل القائل «من جرب مجرباً كان عقله مخرباً». هو أكثر ما يردده اللبنانيون في تناولهم ملف الكهرباء العالق منذ أكثر من 25 سنة اثر انتهاء الحرب اللبنانية وتعاقب وزراء عدة عليه، أكثرهم من فريق 8 آذار والمتحالفين معه، واقرار خطط عدة لم تنفذ، آخرها خطة وزير الطاقة في حينه جبران باسيل عام 2010 التي استنبطت الخطة الجديدة من رحمها، خصوصاً أن وزير الطاقة الحالي سيزار ابي خليل كان مستشاراً لباسيل لدى اقرارها قبل سبع سنوات. لكن الاسئلة التي تبقى مطروحة عن الخطة التي هربت على عجل امس كعجلة خلاص من التعثر القائم، هي عن ضمان تنفيذها فيما لو تغيرت الحكومة، وعن القدرة على تطبيق الشروط بشفافية ووفق المواصفات المطلوبة، الى عملية ضبط الجباية التي تعجز عنها الدولة حتى اليوم في ظل رعاية سياسية ولو غير مباشرة لعمليات سرقة التيار الكهربائي في أكثر من منطقة.
فعلى رغم الدراسات والمعالجات لأزمة قطاع الكهرباء التي بلغت تحويلات الدولة اليها منذ عام 2008 حتى اليوم نحو 16 مليار دولار، لا يزال المواطنون يستعينون بالمولدات الخاصة لتوفير الطاقة الكهربائية 24/24.
أمس، أقر اقتراح وزير الطاقة والذي يعتبر جزءاً تطويرياً من الخطة الواجب استكمالها، والتي وافق عليها المجلس في 2010. وكلف وزير الطاقة اتخاذ الإجراءات واستدراج العروض وإعداد المناقصات اللازمة وعرض كل مراحلها تباعا على مجلس الوزراء وفقا للقوانين والأنظمة المرعية الإجراء.
وتتضمن الخطة انشاء معامل جديدة واستئجار بواخر لانتاج الطاقة، لكن الابرز فيها ادخال القطاع الخاص على خط الانتاج بموجب تعديلات أدخلت على خطة الوزير، بمسعى من وزراء «القوات اللبنانية» كما صرح نائب رئيس الوزراء وزير الصحة غسان حاصباني رافضا مقولة ان تكون خطة «القوات» دهست. وقال: «الخطة ليست جديدة بل استخرجت خطوطها العريضة من خطة 2010». وأوضح «ان الانتاج سيكون من حصة القطاع الخاص، وخصوصاً الانتاج من الطاقة المتجددة، وان لكل مرحلة مناقصاتها التي يعود الى مجلس الوزراء الموافقة عليها وهذا ما يضمن المتابعة الدقيقة والمراقبة». وشدد حاصباني على ان خطة الكهرباء لن تزيد العجز في الموازنة، وان الخطة الاولى التي بلغت النائب وليد جنبلاط ركزت على توفير التمويل من الخزينة في حين ان الخطة المقرة حملت المحطات العائمة وفي ما بعد الشركات المنتجة التكاليف على ان تسدد الدولة على دفعات متأخرة.
وعن ضمانات التنفيذ قال: «انه التوافق المبدئي على الخطة، وستتولى شركات تقديم الخدمات تفعيل الجباية عبر محاولة ضبط التعليقات على الشبكة التي تهدر ما بين 15 و20 في المئة من الطاقة، الى التخلص من اهدار تقني على الشبكة القديمة يبلغ نحو 15 في المئة».
القمة ورسالة الرؤساء
على صعيد آخر، وفيما ترافق الرئيس ميشال عون والرئيس سعد الحريري الى القمة العربية في عمان، انشغلت الأوساط السياسية بالرسالة التي وجهها الرؤساء أمين الجميل وميشال سليمان وفؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي وتمام سلام الى القمة.
وعبر الرئيس نبيه بري عن استيائه من الرسالة إذ قال: «يا للأسف، أعجب أن وزراء الخارجية العرب أحرص على لبنان ومستقبله من بعض الشخصيات عندنا التي تجاوزت موقعي رئيسي الجمهورية والحكومة». بينما قال الرئيس الحريري: «هناك قطار سائر في لبنان الى الامام ومن يريد ان يستقله فليتفضل والا فليبق مكانه». وصرح وزير الداخلية نهاد المشنوق من الامارات بأن «الرسالة خطيئة وطنية تجاوزت حدود الوطن». وقال الوزير محمد فنيش: «انهم سابقون ولدينا رئيس حالي». وصدرت اتهامات عدة من فريق 8 آذار ربطت الرسالة بارادة خارجية لاحراج الرئيس عون ومحور المقاومة.
في غضون ذلك، صرح الرئيس السنيورة بأنه وقع الرسالة «بصفة شخصية» منعاً للايقاع بينه وبين الرئيس الحريري في ظل التباعد في المواقف بينهما، واعتبر الرئيس الجميل انه «من واجبنا كرؤساء سابقين بما اننا احرار، القول إنه يجب على المجموعة العربية اعطاء لبنان اهميته ولا لتحميل اللبنانيين مسائل أكبر منهم، الرسالة تقوي رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والموقف اللبناني لاننا تكلمنا عن ثوابت».
وكان الرئيس عون الذي رأس جلسة مجلس الوزراء قال للوزراء إن كلمته في القمة «ستكون رسالة سلام باسم لبنان واللبنانيين، وسأدعو الى إعادة تطبيق ميثاق الجامعة العربية، المرجعية الأفضل لتوحيد الرؤى العربية».
وقالت أوساط وزارية إن الرئيس الحريري بدا واثقاً من ان كلمة الرئيس عون امام قمة عمان ستفتح آفاق تعاون مع العالم العربي وخصوصاً مع الخليج، في ظل التداعيات السلبية التي تركها موقف رئيس الجمهورية سابقاً من سلاح «حزب الله». لكن الاوساط نفسها قالت ان هناك ترقّبا لكيفية مقاربة عون موضوعيّ إيران وسوريا وهو أمر لم يكن قد إتضح قبل سفر الوفد الرئاسي الى الاردن.