بدا لقاء عين التينة الاول بين رئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس سعد الحريري أشبه بغرفة عناية مكثفة وعاجلة أملتها مجموعة محطات متسارعة كان من ابرزها واكثرها الحاحا احتواء التوترات التي ارتفعت وتيرتها في بعض الشوارع والمناطق بالاضافة الى مصير الحوار الثنائي بين «تيار المستقبل « و»حزب الله « والجلسة الـ36 لانتخاب رئيس للجمهورية اليوم الاربعاء.
ومع ان كل المعطيات القائمة تؤكد ان مصير الجلسة الانتخابية سيكون مماثلاً للجلسات السابقة، تتخذ هذه الجلسة بعداً سياسياً مختلفاً ومتمايزاً لجهة مشاركة الرئيس الحريري مع سائر نواب كتلته أولاً ولجهة الدلالات التي ستطبع مشهد حضور كثيف لنواب قوى 14 آذار عموما مما يغلب الطابع المبدئي لهذا الحضور على الحضور الانتخابي الذي لن يتأمن بفعل مقاطعة نواب كتل «التيار الوطني الحر « و»حزب الله « وحلفائهما ولا سيما منهم رئيس «تيار المردة « النائب سليمان فرنجية الذي يلتزم موقف عدم الحضور ما دام «حزب الله» يقاطع الجلسات.
وعلم  من مصادر نيابية مواكبة للتحضيرات الجارية للجلسة أن كل الرهانات التي وضعت لتكون هذه الجلسة منتجة رئاسيا ضمن صراع ديموقراطي بين ثلاثة مرشحين بيّنت ان الجلسة ستحرم مرشحيّن هما العماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجية. وإذا لم يكتمل نصاب الجلسة، كما هو متوقع، ستحرم الحكم أي الرئيس بري الذي لن ينضم الى جلسة لا يكتمل فيها النصاب. وهكذا ستقتصر الجلسة اليوم على أفرقاء دون آخرين في غياب كل المرشحين والحكم. علما أن نواب 14 آذار سيحضرون لكن مرشحيّهما عون وفرنجية لن يحضرا. وخلصت الى القول إن من ثمار الضغط الذي مارسه «حزب الله» قبل الجلسة أن النائب فرنجية لن يحضرها. ورأت ان زيارة وزير الصحة وائل ابو فاعور للرياض امس لن تغيّر المعطيات الداخلية الراهنة.
بيان عين التينة
لكن لقاء بري والحريري الذي تخلله عشاء ركز في بيان مشترك على التطورات التي حصلت في الشارع في الايام الاخيرة وجاء فيه: «برزت خلال الايام الاخيرة ممارسات لا تمت الى الاسلام بصلة في اطار حملة منظمة لاثارة المشاعر والهاب النفوس وتحريض المواطنين بعضهم على بعض. وبرزت بما لا يدع مجالاً للشك نيات مبطنة لدسّ الكلام المريب والمشبوه والمقصود الذي تطاول على مقام الدين الحنيف وتفسير آياته البيّنات وأحاديثه الشريفة، وبما يحدث وقعاً عند صغار النفوس والجهلة خصوصاً لجهة التعرض لصحابة الرسول والخلفاء الراشدين (رض) وهم من عملوا على نشر الاسلام واعلاء كلمته.
وقد حاولت هذه الحملة والمشاركون فيها ان يوقعوا بين المسلمين وان يثيروا الفتنة بين المذاهب التي تشكل تيارات رافدة لنهر الاسلام العظيم.
ان هؤلاء انما يكذبون بالدين ويوهمون العالم أنهم الاشد حرصاً على الاسلام بينما يعملون على تشويهه لغاية في نفوس أصحاب مشاريع السيطرة على مواردنا البشرية والطبيعية، وهم في الواقع ادوات تتحرك في اطار استراتيجية نشر الفوضى التي تتجاهل عدونا اسرائيل، وتعمل على تقسيم الدول وخلق اسرائيليات جديدة وجعل العالم العربي يفقد ذاكرته تجاه فلسطين وصولاً الى ايقاظ الفتنة، ووضعنا على محاور التقاتل الداخلي واعادتنا عقوداً الى الوراء.
ان قادة الرأي في لبنان والقيادات الدينية والسياسية ومختلف مؤسساته الاعلامية والثقافية مطالبة بالتصدي لهذه الحملات المشبوهة ومواجهة كل محاولة لاشعال نار الفتنة حرصاً على لبنان واللبنانيين».
واذا كان من المبكر الحديث عن الخلاصات التي ستؤدي اليها الجلسة الانتخابية والتي تبقى رهن تقويمات القوى السياسية، فان ما استرعى انتباه المراقبين في حركة الرئيس الحريري أمس انه بدا كأنه اضاء عملياً الاشارة الخضراء لاستعدادات «تيار المستقبل» للانتخابات البلدية والاختيارية المقررة رسميا في ايار المقبل قطعا لدابر التأويلات والاحتمالات المخالفة لهذا الاتجاه. وبرزت في حركة «بيت الوسط» استقبالات الحريري لوفود من رؤساء بلديات ومخاتير عكار ومن ثم من مخاتير بيروت حيث اكد الحريري امامهم المضي في اجراء الانتخابات البلدية والاختيارية «واي كلام آخر لا يعبر عني ولا عن تيار المستقبل». وتطرق الى ما حصل في بيروت في الايام الاخيرة، مشدداً على رفضه « محاولات زرع الفتنة ولن نرضى ان يستدرجنا أحد الى الفتنة بأي وسيلة ولن يجد له مكانا في صفوفنا».
موعد «النهاية»؟
واذا كانت الملفات السياسية والامنية الداخلية وتداعيات الاجراءات السعودية والخليجية في حق لبنان أبعدت نسبياً كابوس أزمة النفايات عن الأضواء في الاسبوعين الأخيرين فان هذه الازمة مرشحة لتفجر على نطاق واسع حكومياً وأهلياً بعد محطة الخميس المقبل حيث يبدو ان رئيس الوزراء تمام سلام قد حدد هذا الموعد ضمنا كخط نهاية حاسم أمام القوى السياسية لبت خطة المطامر والا فانه يتجه الى خطوة يرجح ان تتمثل بتعليقه جلسات مجلس الوزراء بديلا من استقالة الحكومة التي سبق له ان ربط بقاءها بحل هذه الازمة. والحال ان الازمة بلغت في أضرارها الكارثية ما ينذر بانفجار اجتماعي واسع ما لم تقر خطة المطامر التي لا يبدو ان ثمة بديلاً متاحاً منها ظرفياً على الاقل.
وأثار خبراء بيئيون  تصاعد خطر وصول سموم النفايات الى المياه الجوفية اذا استمرت الازمة على حالها بفعل تسرب هذه السموم عبر المجاري والانهر والسواقي الى البحر مما يقضي على الثروة البحرية. كما حذر هؤلاء من ان هذا التلوث يتجاوز المياه الى مولدات الكهرباء والطاقة لان الشركات تستخدم مياه البحر لتبريدها ووصول النفايات العضوية اليها يعطلها الامر الذي يرتد على السياحة والاقتصاد ناهيك بالامراض الجرثومية التي باتت تهدد البيئة اللبنانية كلا جراء استمرار الازمة.