بقلم هاني الترك OAM

هل رأيتم فيلم الهروب الكبير The Great Escape الذي سطع فيه الممثل الكبير ستيف ماكوين.. فقد شاهدته حينما كنت في مطلع الشباب عام 1963 وقد اعجبني جداً ولا زلت اتذكر بعض مشاهده.. وهو يحكي قصة هروب 76 اسيراً من دول الحلفاء.. ومن بينهم استراليون في سجن في بولندا في الحرب العالمية الثانية عام 1944 كانوا محبوسين اسرى للجيش الالماني حينما كانت القوات النازية محتلة بولندا وفرنسا وبلجيكا ومعظم الدول الاوروبية.

فقد حفر الاسرى نفقاً تحت سطح ارض السجن وحاولوا الهرب.. واطلقت القوات النازية النيران على بعضهم وسقطوا قتلى والبعض الآخر تمكن من الهرب مختبئاً لدى العائلات البولندية.

والقليل تمكن من الفرار الى اسبانيا التي كانت محايدة في الحرب.

ومن ضمن الذين تمكنوا من الهرب الملاح في الطيران الملازم الاسترالي بول رويل.. الذي امضى حياته في ولاية غرب استراليا.. فقد توفي خلال الاسبوع عن عمر يناهز 101 عاماً.. وهو آخر جندي اسير من الاسرى الذين تمكنوا  من الفرار من السجن النازي وبقوا على قيد الحياة.. واعدم 50 جنديا من الذين حاولوا الهرب.

قال ابنه بروفسور غوردون الذي يعلّم مادة الرياضيات في جامعة غرب استراليا ان والده عاش الحياة بملئها وتمكّن من الهرب من السجن النازي.. ولم يذكر له والده كيف كان محظوظاً ونجح في الهرب من السجن.

هذه النازية البشعة في اوروبا في الحرب العالمية الثانية .. لقد كانت انطلاقاً من المقولة التي اطلقها الانسان الغربي منذ زمن بعيد:  «الحرب شرّ لا بد منه».. ان الانسان الغربي هو اساس البلاء في الماضي والحاضر في سقوط الانسان في معظم الحروب الفتاكة في العالم.. مثل الحروب الصليببية في الماضي.. والحربين العالميتين الكبريين المدمرتين .

رفع الانسان الغربي بعض هذه الحروب الطاحنة الكبرى الشعار الزائف: «مارس الجنس ولا تشن الحرب»  Make Love don’t make war.. طبقه على نفسه وعلى حلفائه.. ولكن واصل في حروبه الصغرى بتدخله الاستعماري في البلاد المستضعفة بهدف السيطرة عليها ونهب ثرواتها وتقسيمها.

افضل مثال: الصراع الدموي الذي اجتاح الشرق الاوسط واندلاع الحروب الاهلية فيه.. مثل اليمن وسوريا وضياع فلسطين وبعض الدول العربية التي تعود جذورها الى الاستعمار البريطاني في الحروب التي شنها في العالم وفي العالم العربي بالذات.. بريطانيا هي الاول والأساس في مصائب العالم العربي حتى اللحظة الراهنة.

فإن سياستها الظالمة في القرن التاسع عشر وحتى منتصف القرن العشرين .. مثل وعد بلفور .. وتغذية الحركات الاصولية المتطرفة في الشرق الاوسط .. بهدف السيطرة عليه ونهب ثرواته هي سبب بلاء العالم العربي الآن.

صارت السياسة الوحشية عليها الولايات المتحدة منذ منتصف القرن العشرين وحتى الآن رغم تواطئها قبل ذلك مع بريطانيا .

سارت الولايات المتحدة في ذات السياسة الاستعمارية ولكن بوجه مستتر .. فإنها تغذي وتدعم وتموّل الحركات والدول الاصولية المتطرفة في المنطقة.. واعترفت بالقدس عاصمة اسرائيل .. وايضاً لذات الاهداف هي التقسيم والسيطرة ونهب الثروات.

أفلم تتعلم الولايات المتحدة الدرس بتطبيق المبادئ الانسانية من شرور الحرب النازية؟ .. الولايات المتحدة تقود الحضارة الغربية التي نضجت وتتبنى المبادئ الانسانية المتحضرة وتطبقها على شعبها ونفسها وحلفائها فقط .. ولكن لا تزال بشاعة سياستها النازية المستترة في احداث الدمار والخراب وزهق الأرواح في العالم العربي مستمرة.

استيقظ الانسان الغربي في اوروبا من غفوته الطويلة ولم يزل الانسان الغربي بشعاً في الولايات المتحدة.