بقلم / رئيس التحرير

أنطوان القزي

ونحن صغار، كان لحّام الحيّ (الجزّار) يعجز عن إرضاء كل الزبائن الذين كانوا يضعون لديه أسبوعياً طلبياتهم، وكان جزّار الحيّ عندنا يذبح خروفين اسبوعياً في ستينات القرن الماضي. ومن هذين الخروفين كان عليه أن يؤمِّن قطعة من قصبة المعلاق لأكثر من عشرين زبوناً، وأن يؤمّن معلاقاً لأكثر من 15 زبوناً ، وأن يجهِّز “كيلو هبرة للكبّة” لأكثر من 25 عائلة.. وعلى هذه الحال كان اللحام المسكين يحتاج الى قطيع كامل من الخراف كي يرضي الزبائن. وكنا كل يوم سبت نسمع صراخاً آتياً من جهة الملحمة بسبب شجار بين اللحام والزبائن.
الرئيس سعد الحريري يتعرّض اليوم لما كان يتعرّض له جزّار الحيّ: فالكل لديهم مطالب وقياسات وأوزان وعلى الحريري أن يلبّي.. والأنكى أن البعض قد تمّ إهداؤهم كتلة نيابية من كتلٍ أخرى ليحصلوا على حقيبة ويدخلوا جنّة الحكومة كما هي حال النائب طلال أرسلان الذي أهداه التيار الوطني الحر ثلاثة نواب هم: ماريو عون وفريد البستاني وسيزار أبي خليل ليحجز المير مكاناً في الحكومة الجديدة علماً أنه لو لم يترك النائب جنبلاط مكاناً شاغراً على لائحته في عاليه لكان سقط أرسلان.. ومع ذلك هو مصرّ على أن يكون وزيراً رغم ان نيابته كانت إكرامية وكتلته أيضاً إكرامية، وهو اليوم يرفع صوته أسوةً بزعماء الكتل، وهذا يذكّرنا بجحا عندما راح يكذب على الناس ويوهمهم « أن في تلك القرية عرس» وعندما وجد أن الجميع صدّقوه وتوجّهوا الى القرية، قال في نفسه: «يبدو أنه عن جدّ يوجد في تلك القرية عرس».. فلحق بهم مصدّقاً كذبته. والمير طلال صدّق فعلاً أنه رئيس كتلة فهو لا يشترط التوزير وحسب ، بل هو يشترط الحصول على حقيبة الدفاع تحديداً لأنها رمزٌ لوالده؟!
.. وعلى الجزّار سعد الحريري أن يعطيه هذه القطعة من الخروف.