بقلم هاني الترك OAM

الثلاثاء يوم 8 مارس الحالي يوم المرأة العالمي وكثيراً ما توقفت اثناء البحث في كنوز الكتب التي تتناول كفاح المرأة الاسترالية امام احدى الشخصيات التي تبهرني باعمالها ومنجزاتها  مثل المصلحة الاجتماعية كارولين تشزلم المطبوعة صورتها عفي ورقة العملة الاسترالية.. فتجدني من حيث لا ادري انطلق وراء  خيالي متذكراً من قراءاتي كفاح المرأة الاسترالية في سبيل الحصول على حقوقها حتى وصلت الى ما وصلت اليه في يومناالحالي.
في التاريخ الاسترالي لم يتحسن وضع المرأة الاسترالية بمعني الكلمة حتى عام 1875 حين بدأت الدفاع عن حقوقها.. وفي عام 1884 تألفت اول منظمة من النساء الاستراليات من اجل المطالبة بتحسين اجورهن واحوالهن.. وفي عام 1888 صدرت اول صحيفةعن المرأة اسمها «انتربرتر».. وفي عام 1903 تأسست الهيئة الانتخابية للمرأة الاسترالية لتعليم وتطوير مواهب وقدرات النساء والاطفال.. وفي عام 1906 قامت فيد غولدين رئيسة جمعية المرأة السياسية المطالبة في البرلمان بالزواج المتكافئ وبإصلاح قانون الطلاق وترقية المرأة في قطاع الخدمة العامة في الحكومة والمساواة في المرتبات.
اول احتفال بيوم المرأة شق طريقه عام 1928 حيث نظمت حركة النساء  الاستراليات يوم المطالبة بالمساواة الاقتصادية من اجل اجور وظروف عمل افضل فعقدت الاجتماعات واقيمت التظاهرات في ذلك العام على مختلف مستويات الدول كلها لتعبئة الروح العامة بتحقيق المطلب السياسي في المساواة الاقتصادية بني الرجل والمرأة.. وكانت المؤسسات  النسائية في ذلك الوقت بمثابة اللوبي الضاغط لتحقيق مطالب المساواة.
وحتى الحرب العالمية الثانية وصل عدد العاملات في استراليا حوالي 555 الف امرأة.. وفي عام 1955 وافقت الجمعياتالمتحدة النسائية على المطالب بالمساواة في الاجور وتحسين ظروف العمل وحث النساء على دخول ميادين مهنية وعلمية مثل الطب والعلوم التي كانت في الماضي مقصورة على الرجال فقط.
اما في السبعينات من القرن الماضي طرحت شعارات جديدة لحقوق المرأة منها استعمال حبوب منع الحمل والعناية بالاطفال ومنع العنف المنزلي او اعتداء  الرجل على المرأة.. وهنا اصبحت مناقشة الحرية الجنسية وممارستها علناً حتى بلغت اعلى نقطة قدّر ان تصل اليها.
توج كفاح المرأة الاسترالية في الثمانينات بصدور قوانين مختلفة سواء فيدرالية او عن الولايات تحمي حقوق المرأة وتصونها مثل قانون العاذلة وقانون عدم التمييز الجنسي الذي منح المرأة المساواة التامة بينها بين الرجل في مجال العمل ويحد من ملاحقة الرجل لها في العمل او يمنع من تربيتها او معاملتها باسلوب هابط يؤذي شخصيتها او يحط من كرامتها او يعاملها على اساس انها اقل من الرجل.
نالت بذلك المرأة الاسترالية اعلى درجة من الحقوق نالتها اي امرأة في تاريخ البشرية.. والدرس الواضح المستنبط من هذه النبذة التاريخية لكفاح المرأة الاسترالي عبر قرن من الزمان هو ان نضال المرأة قد بدأ اساساً بالكفاح من اجل التحرير الاقتصادي والذي هو الشرط الاساسي لنيل الحريات الاخرى.. فتساهم المرأة اليوم في ثلث حجم الانتاج القومي.. وتلا انتصارها  في المجال الاقتصادي بحصولها على حرياتها الاخرى السياسية والاجتماعية والتعليمية والدينية والشخصية حتى الجنسية.
فقد تطور التحرر الاقتصادي وادى الى تحقيق الحريات الاخرى في صورتها الحالية.. حيث اصبحت المرأة الاسترالية تتمتع بالشخصية القوي وتتميز بالاستقلالية وتحمل المسؤولية والحزم والارادة والاعتماد على النفس والولع في المعرفة والرغبة في التجول والسفر والتمتع بقدرتها  والقدرة على اسعاد نفسها مما يكسبها الخبرة في الحياة والنضج الفكري المبكر.. ويمكن ملاحظة هذه الصفات الحميدة في طريقة تربيتها للطفل ومن الجو العائلي وعلاقاتها العامة في المجتمع وكيفية ادائها لوظيفتها..تتميّز المرأة الاسترالية ايضاً بالثقافة والعلم وتهتم بالقضايا العامة المجردة.. وهي سيدة مجتمع .. تعتني بمنظرها وزينتها وملبسها خصوصاً المرأة العاملة.. صريحة وتعتز بنفسها الى حد الكبرياء .. تهوى الحرية ولا تعبأ بالزواج.. من الصعب ارضاؤها.. واذا تزوجت يصيبها الملل وتشعر بالحاجة الى التغيير.. وحينما يجف الحب تبحث عن مغامرة جديدة وتطلب الطلاق اذا ان نسبة الطلاق في استراليا 40 في المئة  من عدد الزيجات.. فلا تضحي بنفسها من اجل بيتها واولادها وزوجها.. وهي ارض خصبة للمتعة والصحبة الجميلة.
ويتحلى ذلك في احتلالها مراكز قيادية وسياسية واقتصادية وعلمية واجتماعية بل ان عدد النساء اللواتي يشغلن مناصب عامة في استراليا اصبح يفوق عدد الرجال.. ووصلت المرأة الاسترالية الى اعلى  مراكز قيادية في البلاد مثل رئيسة الوزراء السابقة جوليا غيلارد.. ورئيسة حكومة نيو ساوث ويلز السابقة كريستينا كينيللي.. والحاكم العام السابقة كونتن برايس.. ورئيسة حكومة كوينزلاند انستازيا بالاسيك .. وحاكم الولاية السابقة بروفسورة ماري بشير وغيرهن من النساء المميزات.
تحتفل المرأة الاسترالية باليوم العالمي للمرأة العالمي 2019 وترفع شعارات عالمية لتحرير المرأة في العالم والمشاركة في القضايا الدولية.. مثل شعارات السلام، العدالة، التضامن، التنوع الحضاري ومقاومة الحرب ومكافحة العنصرية.
واحتفالاً بالمناسبة تجرى المكتبات عبر البلاد ندوات تثقيفية حول كتابات المرأة وفيما اذا كانت كتابات المرأة تختلف عن الرجل.. وذلك تمهيداً لإقامة جائزة تحمل عنوان Stella Prize للكاتبات النساء وقيمتها 50 الف دولار.. مماثلة للجائزة Stella Miles Francklin مؤلفة كتابها الشهير Brilliant Career.
والمرأة العربية عموماً امرأة جميلة رقيقة خجولة عملية لا تجذبها القضايا العامة المجردة كالفكر والآداب والعلوم.. سيدة بيت من الدرجة الاولى.. تحافظ على زوجها واولادها وبيتها بحكم التدين والايمان والعادات والتقاليد.. في الاغلب تخلص لزوجها  وتتميز بالوفاء  بالرغم من انه قد تصبح الحياة الزوجية رتيبة ومملة ويفقد الحب بريقه وتوهجهه مع العشرة.. فهي تبقى مع زوجها واولادها من الصحة والمرض والسراء والضراء.. والمرأة العربية التي تسلح نفسها بالثقافة والعلم تتفوق على المرأة الاسترالية.