كلمة رئيس التحرير / انطوان القزي

 لا يمكن التوقف عند ما حصل في نيوزيلندا يوم الجمعة الماضي إِلَّا من باب الإجرام الذي يأخذ العالم الى مطارح جديدة، ولا يمكن وصف المجزرة البشعة والمزدوجة التي حصلت في كرايس تشيرش إِلَّا من باب الغريزة الحيوانية إذ كيف لمخلوق بشري أن يمارس هذا الإجرام بحق أبرياء وهم يُصَلُّون في بيت الله.

لا يمكن بعد اليوم اعتبار مكان آمن في هذا العالم لأن الوحوش يملأون الكرة الأرضية، ولأنّ كثيرين لفظتهم الإنسانية باتوا يستمرئون القتل وكأنهم يصطادون العصافير.

ونحن نترحّم على الضحايا نكرّر مناشدة العقلاء قي هذا العالم وخاصة في أستراليا كي يبقى هذا الوطن بعيداً عند لوثة هذه المظاهر الشيطانية.

لا بدّ لنا أن نقتنع أننا كلّنا في سفينة واحدة، وما يصيب فئة منّا يصيب الجميع، وحسناً فعل المطران انطوان شربل طربيه بتوجّهه إلى مسجد لاكمبا فور وقوع المجزرة، ليس ليصلّي ويعزّي فقط، بل ليقول لمن يعنيه الأمر أننا كلّنا واحد فكيف إذا كان المصاب جللاً بحجم ما حصل في نيوزيلندا؟!.

المطلوب اليوم من بعض السياسيين الذين سارعوا الى التعزية ان يساهموا في تخفيف الغلواء العنصرية التي يمارسها زملاء لهم كالسناتور الكوينزلندي المتعصب فرايزر أنينغ الذي حمّل حكومة نيوزيلندا مسؤولية ما حصل لأنها استقبلت مسلمين ، هذه الغلواء هي التي تساهم في تعبئة الكراهية والحقد.

والمطلوب ثانياً من بعض الزملاء الذين أطلّوا على الفضائيات العربية  أن يكونوا في إطلالاتهم على قدر من الوعي والمسؤولية لا أن يصبّوا الزيت على النار. فأحد الذين انبهروا بنفسهم وهو يطلّ على إحدى الفضائيات العربية نسي أنه إعلامي وراح  يخبط كالذي سلَّموه قطعة ذهب فاعتقد أنها كتلة من الصدأ.. سألته الإعلامية:» ما رأيك بما قالته رئيسة وزراء نيوزيلندا بأنه يوم أسود وحزين في تاريخ البلاد وأن لا مكان للمجرمين بيننا وليس لهم مكان في نيوزيلندا وأن الذين اختاروا بلادنا ولجأوا للعيش فيها صاروا منّا وهم نحن».. فأجابها زميلنا الإعلامي من استراليا:» هذا كلام انتخابي للتسويق ليس أكثر»!!.

أنعم وأكرم، فَلَو كان هذا الذي يزعم أنه إعلامي على قدر متواضع من المعرفة لأدرك أن تاريخ جاسيندا أرديرن معروف بمناصرة اللاجئين والمهاجرين وهي فتحت لهم أبواب بلادها يوم أقفل العالم كلّه أبوابه بوجههم، والغريب أن مذيعة الفضائية استغربت جوابه ولَم تتوقع أن يصدر عنه هذا الكلام.

وَيَا أيها الذي يدعي انه صحافي، فَلَو كان كلام جاسيندا انتخابي لما فتحت ابوابها للاجئين أصلاً  ولكان بقي رصيدها الإنتخابي مرتفعاً.

نناشد الأصدقاء الذين تستدعيهم الفضائيات لأنها بحاجة لأي شخص يحدثها من أستراليا، الاّ يقابلوا المجزرة بمجزرة ثانية، لأن دورهم هو تهدئة الخواطر وليس العكس ، والعمل على تعزيز الأمان الإجتماعي، لأن إقتصاص الإجرام هو الذي يفيد وليس استغلال الشاشات لتسويق المزيد من الفتن.

رحم الله الضحايا الأبرياء وأوقع بالمجرم السفّاح أسوأ عقاب!؟.