بقلم هاني الترك OAM

عرض الكوميدي في برنامج Tonightly  على القناة الفضائية ABC برنامجاً يهزأ بالمعتقدات الدينية لرئيس الوزراء سكوت موريسون في الكنيسة العنصرة Pentecost اي الكنيسة الخمسينية» التي ينتمي اليها ويمارس العبادة فيها .. والحقها بأغنية قصيرة تقول : «نحن نحب يسوع وليس طالبي اللجوء .. وكنيسة العنصرة تؤمن بالله وهي كنيسة صغيرة الحجم وقليلة العدد يقوم فيها المؤمنون بالصلاة من خلال رفع الأيدي للسماء والقاء التراتيل الدينية والرقص والتكلم بلغة يعتقدون انها لغة السماء.

ورغم عدم ايماني مثل الأغلبية الساحقة من الاستراليين بعدم دقة  كنيسة العنصرة الا ان الهزء بـ سكوت موريسون والإيمان بالكنيسة يُعتبر دعاية رخيصة وهابطة المستوى .. لأنه يحق لأي استرالي الاعتقاد بما يريد طالما انه لا يؤذي الأخرين .. فالسخرية من الاعتقادات الدينية مرفوض.

وشاهدت الاسبوع الماضي موريسون المؤمن بالله ويسلك حسب تعاليمه ولو كانت حتى «كنيسة العنصرة».. شاهدته وهو يقسم اليمين الدستورية بعد تقلده منصب رئيس الوزراء.. وانا احترم ايمانه .

فهو افضل من رئيسة الوزراء السابقة جوليا غيلارد التي لا تؤمن بوجود الله فهي ملحدة مع 33 في المئة من الاستراليين الذي ليس لديهم ديانة ولا يعتقدون بالله.. وعلى عكس 10 في المئة فقط من الاستراليين الذين يترددون على الكنائس مرة كل شهر من نسبة 50 في المئة من الذين قالوا في الاحصائية السكانية ان ديانتهم هي المسيحية.

لذلك حينما انتخبت جوليا غيلارد رئيسة للوزراء لم تُقسم اليمين الدستورية بحكم الحادها.. وطالعتنا الاخبار خلال الاسبوع ان العائلات المسيحية والاسلامية المحافظة الملتزمة بالقيم العائلية التقليدية والمؤمنة بالله اصبحت تعلّم اطفالها في المنازل خشية ان يتعرضوا للإستقواء والهزء والاضطهاد من قبل اللواطيين والسحاقيات وزواج المثليين.

اما ايداع الاطفال في المدارس الدينية والمسيحية الخاصة مكلف جدا ولا يستطيعون الاقدام عليه لهذا يعلمون اطفالهم في المنازل.

والحق انا لا اؤيد الإلحاد والملحدين ولا يوجد اثبات علمي ينفي وجود الله  .. وعدم مصداقية نظرياتهم غير العلمية.. فمثلاً ان العلماء الذين يؤمنون بالعالم المادي وينكرون وجود الروح لا يعرفون كنه وماهية المادة التي تؤلف الكون..  فإن غيلارد مؤهلة في القانون  ولا تقرأ في العلوم الروحانية او حتى لا تتابع تقدم العلوم الفيزيائية والاحياء والكتب المقدسة .. فقد بدأ علماء الطبيعة والفيزياء والرياضيات يميلون الى الاعتراف بالروح ويقولون ان الوعي البشري لغز من عند الله.. فإن الحقيقة المطلقة هي الله ولا يوجد اعظم من الإيمان الذي يمنح الهدوء و الراحة والسلام والطمأنينة للمؤمنين.

كنت قد قرأت منذ سنوات طويلة كتاب «الله في الانسان» للمفكر المصري الراحل محمد زكي عبد القادر الذي يقصّ فيه حكاية عالم كان يدرّس العلوم في الجامعة  ولا يؤمن بالروحانيات .. بل يعتقد بالمحسوس والمنظور والمدرك.. ولا يؤمن بالله.

وحينما كَبِرً وتقاعد ولم يكن متزوجاً وليس له اولاد للعناية به في الكبر اصبح يأخذ العقاقير الطبية للقلب و اخرى لضغط الدم وغيرها .. وعاش حياته آخر عمره تعيساً متألماً..  وفي فجر يوم فتح شباك منزله وحيداً وقال: «يا رب اعطني الكثير من الإيمان والقليل من العلم ولفظ انفاسه ومات».

فلا شيء في هذا الوجود اعظم من الإيمان بالله .. مسكينة جوليا غيلارد رغم انها كانت تشغل اعلى منصب في استراليا الا انها لا تعرف الحقيقة .. مع النسبة الكبيرة من الاستراليين المساكين الذين لم يهتدوا الى الله.

انا شخصياً ايماني قائم على قناعتي من قراءاتي الغزيرة سواء في مؤلفات عالم الروح او فلسفة العلوم المعاصرة والكتب السماوية .. بل ان اعظم عبقري وشخصية القرن العشرين الذي اكتشف نظرية النسبية العالم الفذ  البرت اينشتاين  كان يؤمن بالله.

اني اؤمن بالله الواحد خالق السماوات والارض .. وكل الابحاث العلمية المعاصرة تدعم وجود الروح على اسس علمية لا ندركها تماماً بعد..  فمثلاً فإن علماء الفيزياء والرياضيات الحاليون  يعرفون ان القوانين الفيزيائية التي تنظم عالم الذرات الدقيقة تختلف عن القوانين الفيزيائية التي تنظم الكون الفسيح البعيد.. ومنذ فترة وهم يبحثون عن القوانين الفيزيائية  التي تجمع العالمين الذرة والكون ويسمونه «نظرية كل شيء» The Law of Everything .

لذلك بدأوا يتجهون الى عالم الروح في تفسير وفهم القوانين .. ومعظمهم بات لا يعتقد بالعالم المادي فحسب ولكن اللجوء الى عالم الروح للبحث عن القوانين الفيزيائية الذي تنظم الكون كله.

والحق ان الوعي البشري Human consciousness  هو نقطة من بحر «الوعي المطلق» اي «الله» Absolute Consciousness.. اما الروح فهي سر من اسرار الوجود .. وهنا ليس امامنا سوى ان نلجأ الى الكتب المقدسة التي تضم المنطقة الحرام وهي معرفة الروح.

ففي اليهودية ان الروح هي نسمة من عند الله اعطاها للبشر.. وفي المسيحية قال السيد المسيح وهو على الصليب «يا ابتاه في يديك استودع روحي» وفي الاسلام يسألونك عن الروح فقل انها من عند ربي.

بالحق عظيم هو الإيمان بالله فإن الله موجود في كل مكان والله يهدي مَن يشاء.