بقلم هاني الترك OAM

بمناسبة اقبال 26 كانون الثاني يناير بمرور 229 عاماً على استيطان استراليا اقيم الاسبوع الحالي مهرجان سيدني الخاص بلغة السكان الاصليين الابوروجينيين.. واستعرض المهرجان قصة اللقاء الاول بين بحارة الاسطول الذي رسى على شاطئ بوتاني باي بتاريخ 20 كانون الثاني عام 1788 وبين الابوروجينيين .. والتي سجل وقائعه الفلكي في احدى سفن الاسطول وليام داوز .. والذي لولا مذكراته لاختفت هذه الوقائع تماماً.. حيث انتقلت بعد ذلك سفن الاسطول الى سيدني كوف بتاريخ 26 يناير كانون الثاني عام 1788. حينما رست السفينة على الشاطئ اعترض عليهم الابوروجينيين قائلين Warra Warra اي اذهبوا بعيداً.. وكانت نقطة البداية بين فتاة ابوروجينية تبلغ من العمر بين 10 و15 عاماً.. هي التي قامت بالتفاهم بين داوز والابوروجينيين.. كانت باتاي عارية مثل باقي الابوروجينيين البدائيين.. ومكثت في الخيمة التي نصبها المستوطنون وفيها داوز الذي كان يبلغ في العشرينات من العمر.. وربما انجذبا الى علاقة رومانسية.. وحينما اعطاها ملابس لتغطي فيها جسدها بجانب المدفأة قالت له ان الملابس تجعلها تشعر بالبرودة.. الى هذه الدرجة كانت بدائية الابوروجينيين.. كانت باتاي هي همزة الوصل بين داوز الذي سجل الكلمات الابوروجينية الى الانكليزية.. واخبرته ان الابوروجينيين غاضبون لأن المستوطنين استقروا في استراليا .. وقد كتب داوز في مذكراته عن الابوروجيني بينولونغ الذي اصبح بعد ذلك همزة وصل بين الابوروجينيين والمستوطنين.. واسم زوجته بارانغارو.. وهو الذي ذكر انه يملك الارض مع زوجته وورثها عن ابيه .. وكان بينولونغ هو اول ابوروجيني يخرج من استراليا مع المستوطنين الى بريطانيا حيث التقاه الملك جورج وتعرف بينولونغ على الحضارة البريطانية.. وعاد الى سيدني حيث ادمن على الكحول ومات متأثراً بمرض الادمان.

وكان داوز رجلاً اميناً وعطوفاً على الابوروجينيين.. فعندما اصدر حاكم المستوطنة كابتن آرتر فيليب اوامره الى داوز بقطع رؤوس بعض الابوروجينيين لينذر الباقين منهم بالعقوبة التي تنتظرهم اذا خرقوا القانون.. رفض داوز تنفيذ الامر فأرجعه فيليب الى بريطانيا.. ومع ان داوز طلب العودة الى استراليا الا ان طلبه رفض.

وقد كتب داوز باستفاضة في مذكراته عن عملية الاتصال الاول بين الابوروجينيين والمستوطنين وعن سنوات الاستقرار الاولى للمستوطنة ولكن للاسف ظلت المذكرات معه وحرقت في اعصار اجتاح ويست انديز حينما كان هناك.. ولولا بقاء بعض الاوراق من مذكراته التي وصلت مكتبة لندن عام 1972 لماعرفنا شيئاً عن وقائع السنوات الاولى لاستيطان نيو ساوث ويلز وعن الابوروجينيين وخصوصاً عن دور الفتاة باتاي.

الملاحظ هنا انه كان يظن ان لغة الابوروجينيين في القارة الاسترالية هي لغة واحدة ولكن تبين انها حوالي 250 لغة ويعتقد ان 13 لغة منها لا تزال تستعمل حتى الآن.. ويجب ملاحظة ان اللغة الابوروجينية سوف تدرّس في المدارس الثانوية للحفاظ على  تقاليد ولغات وثقافة الابوروجينيين.