مرّة جديدة يسجّل لبنان سبقاً لافتاً في دعم القضية الفلسطينية متجاوزاً كلّ المواقف الفولكلورية العربية ومتحدياً دونالد ترامب وبنيامين نتنياهو معاً.فبعد ثلاثة أشهر ونصف الشهر، من تدشين رئيس الباراغواي السابق هوارسيو كارتيس سفارة بلاده في القدس، عدل خلفه المتحدر من أصل لبناني ماريو عبده بنيتيز عن الخطوة، وأعلن إعادة السفارة إلى تل أبيب، علماً أنه كان رئيساً منتخباً في حينها (21 أيار/مايو الماضي) وأعرب عن معارضته للعملية؛ لكن حكومة كارتيس أصرّت على قرارها المتخذ قبل الانتخابات الرئاسية في 22 نيسان (أبريل) الماضي.

وتعهدت حكومة الباراغواي الجديدة، في بيان «المساهمة في تكثيف الجهود الديبلوماسية الإقليمية والدولية بهدف التوصل إلى سلام شامل وعادل ودائم في الشرق الأوسط».

وسارعت إسرائيل إلى الرد ببيان بالإنكليزية أصدره مكتب رئيس وزرائها بنيامين نتانياهو، بأنها «تنظر بانزعاج بالغ لقرار باراغواي الغريب والمخيب للأمل الذي سيلقي بظلاله على العلاقات الثنائية»، قبل أن تعلن إغلاق سفارتها في أسونسيون.

وصفت صحيفة «يسرائيل هيوم» قرار باراغواي، بإعادة سفارتها من القدس المحتلة إلى تل أبيب، بـ»ضربة قاسية للغاية ومباشرة» لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وذكرت الصحيفة العبرية المقربة من حزب الليكود الحاكم في إسرائيل أنه بينما يعمل نتنياهو للحصول على اعترافات دول أخرى بالقدس عاصمة لإسرائيل، يحدث العكس.

لكن وزير خارجية الباراغواي لويس كاستيليوني اعتبر ردّ الفعل الإسرائيلي «غير متناسب» وذكّر بأن بلاده تلتزم قرارات الأمم المتحدة، وقال: «علينا احترام هذه الإجراءات والقول بوضوح إن من الضروري العودة إلى حدود ما قبل حرب عام 1967». وأوضح أن «عملية إعادة نقل السفارة إلى تل أبيب ستتم «فوراً».

ودافع الرئيس بنيتيز عن قراره قائلاً إنه يأتي في إطار مساعي دعم «سلام شامل ودائم وعادل»، مؤكداً في تغريدة على «تويتر» أن «باراغواي بلد مبادئ».

ورحّبت السلطة الفلسطينية بالقرار وأعلنت أنها ستفتح سفارة لها في أسونسيون، داعيةً الدول العربية إلى حذو حذوها. وقال وزير الخارجية الدكتور رياض المالكي: «سنفتح سفارة فلسطين فوراً في عاصمة باراغواي أسونسيون، بتعليمات من السيد الرئيس، وذلك تقديراً لموقف حكومة الباراغواي الشجاع».

واعتبر المحمود أن هذه الخطوة «تشير إلى مدى استمرار النجاح الديبلوماسي الفلسطيني، وتحقيقه النتائج الإيجابية بقيادة الرئيس محمود عباس»؛ علماً أن المالكي بذل جهداً كبيراً في هذا الصدد، خلال لقائه بنيتيز في حفل تنصيبه قبل أسبوعين، مبعوثاً خاصاً من عباس.

وقال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الدكتور صائب عريقات إن قرار الباراغواي يحمل دلالات مهمة، إذ «يعني أن القرار الخاطئ الذي اتخذته الإدارة الأميركية الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارتها إليها لا يخلق حقاً ولا ينشئ التزاماً».

وحيّا عريقات ما وصفه بـ «القرار الجريء والشجاع» للبارغواي ورئيسها، داعياً الدول العربية والإسلامية كافة إلى التعامل مع هذه الدولة بأكبر قدر من التعاون. وأشار إلى أن المطلوب الآن هو التحرك باتجاه غواتيمالا حتى تعمل على سحب اعترافها بالقدس عاصمة لإسرائيل «حتى يبقى الرئيس الأميركي وحيداً في خطئه».