يدور الكثير من الحديث حالياً عن ظاهرة «الزواج الأبيض» بين الشباب والشابات في إيران.
وبدأت الظاهرة منذ ما يقرب العقدين، إلا أن وتيرة انتشارها زادت مؤخراً بشكل ملحوظ بحسب مصادر إيرانية محلية، وأدت إلى ردود فعل مختلفة في أعلى المستويات السلطة في البلاد، وعلق عليه مسؤولون بارزون بمن في ذلك المرشد الأعلى علي خامنئي.
ما هو «الزواج الأبيض»؟
«الزواج الأبيض» اتفاق شفهي بين شاب وشابة على العيش المشترك كزوجين، لكن دون إضفاء أي صفة شرعية أو قانونية ودون إلتزام أي من الطرفين بأي حقوق أو واجبات. وهو يشبه إلى حد ما، علاقة الأصدقاء الحميميين المنتشرة على نطاق واسع في الدول الغربية، إذ أنه غير موثق بعقد رسمي أو عرفي، ويسمى هذا الارتباط بالفارسية «ازدواج سفيد».
ويقول بعض نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، إن الظاهرة منتشرة على نطاق واسع في المدن الكبيرة مثل العاصمة طهران.
ويثني جزء كبير من الشباب على الظاهرة مبررين ذلك بغلاء المعيشة في المدن وخاصة طهران، الأمر الذي يدفعهم إلى البحث عن شركاء مناسبين للعيش معهم لفترة طويلة دون شروط أو التزامات بقية حياتهم.
ويقول مؤيدو هذا «الزواج» حسبما جاء في موقع «ميدل إيست آي»، إنه القيود التي تفرضها السلطات عليهم ومنعهم من العيش بشكل طبيعي، لا يسعهم إلا أن يعيشوا كما «يشاؤون وليس كما تشاء السلطات لأن حياتهم الخاصة ملك لهم».
وقوبل هذا الزواج بالرفض من قبل المجتمع المحافظ الذي يراه تهديداً للأسرة ومستقبل البلاد.
ماذا قال خامنئي؟
قال خامنئي: «إن الزواج الأبيض أو زواج المساكنة ما هو إلا مخطط إمبريالي عالمي يسعى إلى القضاء على الأسرة في بلد إسلامي كإيران».
وكانت وسائل إعلام إيرانية نقلت عن خامنئي قوله خلال اجتماعه بعدد من الأئمة في مارس/ آذار الماضي، أنه طلب منهم «التركيز على بناء العائلة في البلاد، لأن أعداء إيران عزموا على القضاء على نظام الأسرة بين البشر».
وأضاف: «لقد صمّم أعداء الإنسانية، أي الرأسمالية العالميّة والصهيونية منذ قرابة 100 عام، على القضاء على الأسرة بين البشر، ونجحوا في بعض الأماكن، لكنهم أخفقوا في أماكن أخرى ومنها إيران الإسلامية، إلا أنهم مازالوا يسعون ويعملون على ذلك».
العقاب
ويصف رجال الدين في إيران هذا النوع من الزواج: «إذا ثبت على القائمين بذلك، فستكون عقوبتهم شرعية، وتعتبر العلاقة بينهما علاقة زنا».
لكن العديد من الحقوقيين ونشطاء حقوق الإنسان في إيران دافعوا عن حرية اختيار الزوجين لحياتهما، وأشاروا إلى أن السبب الرئيسي للجوء هؤلاء الشباب لهذا النوع من الارتباط هو الوضع الاقتصادي والظروف المعيشية الصعبة وخاصة في المدن.
ودعوا إلى إلى معالجة المشكلة من جذورها، عبر إيجاد حل للمشكلة الاقتصادية في البلاد.
لا إحصائيات رسمية
ويقول صحفي من خدمة بي بي سي الفارسي، إنه رغم ظهور بعض الدراسات التي تتحدث عن معدل أعمار المرتبطين بزواج أبيض ومدى انتشاره، إلا أنه لا توجد إحصائيات رسمية دقيقة عن عددهم الحقيقي نظراً للخطر الذي يشكله على حياتهم.
وقالت الشابة أنصاري، التي خاضت تجربة الزواج الأبيض لموقع «ميدل إيست آي» إن الإيرانيات غير خائفات من أي شيء الآن».
وأضافت: «كل شيء هنا محظور، هناك جيل كامل لا يعبأ بالقوانين السائدة في البلاد. بسبب العبء الاقتصادي الثقيل للزواج التقليدي».
وقالت أخرى رفضت الإفصاح عن اسمها: «إن الزواج الأبيض أكثر إنسانية من الزواج التقليدي لأن ما نقوم به نابع عن رغبة إنسانية مشتركة بدون وجود مصالح طويلة الأمد كالأطفال والإرث وغيره».