By Hani Elturk OAM

قال البابا فرنسيس في محاضرة في اكاديمية العلوم في الفاتيكان ان نظريات التطور Evolution و الانفجار الكبير Big Bang وعدم وجود الجحيم هم حقيقة علمية على عكس البابا الذي قبله البابا بنديكتوس السادس عشر الذي كان يميل للاعتقاد بنظرية الخلق Creation والتصميم الذكي Intelligent Design .. وذلك كالآتي:
< نظرية الخلق قد جاءت في الكتاب المقدس في العهد القديم وتقول ان الله خلق العالم خلال ستة ايام وارتاح في اليوم السابع .. ويبلغ عمر الحياة على كوكب الارض طبقاً للكتاب المقدس حوالي عشرة آلاف سنة.. وهذه النظرية لا يؤيدها العلم.. ولكن البابا فرنسيس قال في المحاضرة : ان الله ليس ساحراً ولا يحمل العصا السحرية ليخلق الكون بهذه الصورة الساحرة.
< نظرية التطور التي اكتشفها شارلز داروين وهي اكثر النظريات شيوعاً في علم الاحياء واكثر دقة من نظرية الخلق .. تقول كما صاغها داروين بعد دراسات قرون عديدة من الممارسات الانتقائية ومنجزات علم الاحياء (البيولوجيا) وعلم طبقات الارض (الجيولوجيا) تقول ان العوامل الرئيسية في تطور الكائنات الحية هي التحول والوراثة والنشوء الطبيعي .. اذ يبقي الأصلح والأفضل والأقوى من بين الكائنات الحية في عملية الصراع من اجل البقاء .. وتطورت الحياة عبر اكثر من نصف مليار عام من خلية واحدة وتكاثرت الى ان وصلت الى الصورة المعقدة التي عليها الآن .. لذلك يرى مؤسس النظرية داروين ان الانسان قد تطوّر من القردة وان جدنا هو القرد .. واصبحت نظرية النشوء والارتقاء (اي التطور) هي الأساس لعلم الاحياء.
ويضيف البابا فرنسيس ان نظرية داروين لا تتعارض مع وجود الله الذي يتطلب خلق القوانين الكامنة في الكائنات من اجل حدوث التطور .. فإن الله قد صنع القوانين الكامنة في التطور مما سمح بنشوء الحياة البيولوجية من خلال التطور الطبيعي وصولاً الى الوعي البشري Consciousness فمثلاً اذ زرعنا بذرة في الأرض فهي تنمو بطريقة طبيعية على شكل نبتة وطبقاً للقانون الكامن فيها .. وهذا ينطبق على الكائنات الحية جميعها في الحياة البشرية الى الحياة الحيوانية والنباتية ولا يوجد عامل الصدفة كما قال داروين.. وهي عكس نظرية الخلق التي يأخذ بها رجال الدين ويفسرون نصوص الكتاب المقدس ترجمة حرفية.. مع انه قد يكون يوم في عين الله كما جاء في الكتب المقدسة الف سنة.. ولا يجب تفسير نصوص العهد القديم في الكتاب المقدس تفسيراً حرفياً .
< نظرية التصميم الذكي التي تقول ان هناك ادلة علمية تثبت ان الحياة على كوكب الارض هي من عمل مصمّم اذ ان استخدام الحمض النووي DNA والمعادلات الرياضية تقود لإثبات صحتها.
ويرى العلماء ان نظرية التصميم الذكي هي غير علمية وهي صياغة جديدة لنظرية الخلق ولكن بصورة جديدة وقائمة على استنباطات غير علمية وبحاجة الى الأدلة حتى تعتبر نظرية علمية اذ ان معظم العلماء يعارضونها بأنها لا تشرح الصورة المعقدة للعالم ويؤيدون نظرية التطوّر.
< نظرية الانفجار الكبير المتعلقة بخلق الكون تتمثل في ان العلماء يقولون ان الكون قد خُلق قبل حوالي 15 مليار عام.. وان الكون في حالة تمدّد وانكماش مستمر وذلك بعد ان حصل الانفجار الكبير Big Bang .. ومن شدة عنف الضربة في الانفجار الهائل لا يمكن ان يهرب الضوء من حدتها .
واذا عرفت الطريقة التي نُشأ فيها الكون فمن الذي خلق العناصر التي ادت الى الجاذبية والانفجار الكبير والتطور .
< وكذلك اعلن البابا فرنسيس منذ اسبوع انه لا يوجد ما يسمى بالجحيم والنار بعد القيامة العامة .. استناداً الى اننا جميعاً ابناء الله .. والله يحب ابناءه ولا يمكن ان يحرقهم في نار جهنم الابدية.. حتى القتلة والذين يرتكبون جرائم فظيعة ليس عقابهم النار الأبدية .
وتفسير البابا فرنسيس قريب من نظرية تقمّص الارواح الخاص بهذا الشأن .. والتي تقول بعدم وجود الجحيم .. ولكن بعد الموت يتم اعادة تأهيل وتعليم مرتكبي الجرائم الكبرى مثل القتل.
الملاحظ هنا اننا ندخل في فلسفة العلم والمنطقة الحرام التي مجالها الإيمان بالدين المتمثلة بوجود خالق هو الله.. وهذا ما قاله البابا فرنسيس اذ تتطلب نظرية الانفجار الكبير وتطور الانسان وجود الله .. فإن المعرفة والحكمة والصلاة ادت الى ان يسلّم البابا فرنسيس بهذا الكلام بأنها موهبة اعطاه اليها الله.
وكل النظريات العلمية في مجال العلوم اجتهادات علمية لن تُكشف دقتها العلمية بعد مع ان بعضها يكون اكثر دقة لأنها لم تُثبت جميعها بالتجربة العلمية.. فهذه معضلات واجهت البشرية منذ فجر التاريخ.. واذا أُكتشفت حقيقتها العلمية المطلقة قد يكون في ذلك إماطة اللثام عن سر الحياة..
والله لن يقبل بهذا الاكتشاف.