بقلم بيار سمعان

في 12 كانون الاول 2015 تمكن مؤتمر باريس من وضع الاطار العام للامم المتحدة حول التبدلات المناخية لتشهد باريس هذه المرة اتفاقاً تاريخياً وقع عليه 196 بلداً، فتمسح هذه الاتفاقية الآثار السلبية التي خلفتها الهجمات الارهابية وتسببت بتوتير العلاقات داخل المجتمع الفرنسي.
اتفاقية باريس يمكن وصفها انها اول معاهدة دولية شاملة لمكافحة التبدلات المناخية، وسوف تكمل ما انجزته معاهدة كيوتو التي تنتهي مفاعليها في سنة 2020. وستدخل حيز التنفيذ بمجرد التصديق عليها من قبل 55 دولة على اقل تعديل. ويؤمل ان تغطي على الاقل 55 بالمئة من انبعاث الغازات الحرارية على المستوى العالمي، فما هو مضمون هذه الاتفاقية وما هي اهم النقاط الواردة فيها؟!
هذه لمحة سريعة:
– خفض درجات الحرارة.
تعهدت الدول المشاركة على التعاون العملي لخفض ارتفاع الحرارة بنسبة درجتين مئوية على اقل تعديل واعادتها على ما كانت عليه قبل الثورة الصناعية التي تسببت مصانعها بتلوث الفضاء ورفع الحرارة نتيجة لتراكم الغازات حول الارض.
ولتحقيق هذا الانخفاض في درجات الحرارة التزم المشاركون انه يمكن للدول ان تبعث معاً بحوالي 3،6 تريليون طن من الغازات فقط. ويؤمل ان يؤدي ذلك الى خفض الحرارة نتيجة للتقيد بهذا الحد من الانبعاثات الحرارية، وهي توفر 66 بالمئة من الحظ على خفض معدل الحرارة. لكن للحصول على نتائج فعالة على الدول ان تخفض اكبر كمية ممكنة.
ويأمل المشاركون في مؤتمر باريس ببذل جهود لتنظيف الطبقات الهوائية حول الارض بسبب تلوثها وتراكم الغازات عبر السنين. ويتم ذلك بواسطة تكنولوجيا التحكم في الطقس على ان يرافق ذلك خفض انبعاث الغازات والتخلي عن الوقود التي تسببها.
وتأمل الدول ان يتم ذلك بين السنوات 2050 و2100.
واللافت ان 185 دولة مشاركة قدمت تعهداً بالالتزام بقرارات اجتماع باريس قبل انعقاده. وتضم هذه الدول 97 بالمئة من مجمل سكان العالم، وهي تنتج 94 بالمئة من الانبعاثات الحرارية المنتجة عالمياً. وطلب الى الدول الاحدى عشر الاخرى ان تقدم تعهداتها قبل نهاية العام المقبل خلال اجتماع خاص يعقد في المراكش.
وعملاً بتوصيات الاتفاقية، يجري مراجعة ومعالجة الجانب العملي كل خمس سنوات بعد اجراء جردة عامة للاوضاع المناخية ووسائل خفض الانبعاثات الحرارية في سنة 2023 ويؤمل ان تدعم هذه الدول تعهداتها بعد تقييم الجانب العملي الذي تعتمده الدول المتطورة والدول النامية.
تقر الاتفاقية ان الدول المتطورة هي مسؤولة اولاً وقبل سواها عن معظم التلوث المناخي عبر التاريخ الحديث. في حين ان الدول النامية لا تزال في بداية الطريق نحو المزيد من التلوث.
لذا يوصي مؤتمر باريس بعدم الاعتراف بوجود فروقات بين هذه الدول «المتطورة او النامية» لان مسؤولية التلوث هي اليوم مشتركة وعلى الجميع ان يتعاونوا لمكافحتها.
لكن بالمقابل يطلب من الدول الثرية ان تتابع اخذ المبادرة مع الاعتبار ان خفض الانبعاث الحراري وعدم الحاق الاضرار بالاقتصاد الوطني بالمقابل يجري تشجيع الدول النامية ان نحقق ذلك مع الوقت.
غير ان الدول النامية ستحتاج الى مساعدات مالية لكي تتمكن بدورها من خفض الانبعاثات الحرارية دون التأثير على اقتصادها العام.
وعملاً بهذه المعاهدة تقر الدول المتطورة مساعدات مالية لها تبلغ قيمتها ما يزيد على 100 مليار دولار سنوياً حتى عام 2020.
كما وافق المشاركون ان تصبح هذه التوصيات ملزمة قانونياً، مع احترام بعض الخصوصيات الدقيقة.
ويوصي المؤتمر بعدم دفع التعويضات للخسارات او الخراب الذي قد ينتج عن التبدلات المناخية، رغم الاعتراف باحتمال وجود نتائج عكسية مضرة للدول ولشعوبها.
وتوصي التعهدات ان تقوم الدول النامية كل سنتين بتقديم جردة حول مساعيها لخفض الانبعاثات الحرارية.
اقل ما يقال في هذه المعاهدة انها تنظر الى مستقبل العالم وتقرر اليوم العمل على مساعدة الكرة الارضية لكي لا يضربها الجفاف والتصحر نتيجة لارتفاع درجات الحرارة بشكل غير مسبوق يؤدي الى ذوبان الجليد في القطبين وارتفاع منسوب مياه البحر فتغمر جزراً وشواطىء كثيرة. الخطورة في هذه المعاهدة هي انها ستصبح وسيلة ضغط واستغلال للدول ولشعوبها بشكل ملزم ومنظم.
ربما يكون اهم ما ورد فيها يتعلق بنقطتين:
1 – العمل على تنظيف الاجواء الفضائية عبر التحكم بالطقس. وهذا ما تقوم به الآن الولايات المتحدة وروسيا الى حد ما. فالمعاهدة تمنح الدول القادرة على ذلك حق التحكم بالطقس باسم خفض التلوث.
2 – لا يحق لاي بلد تضرر من هذه المساعي (اي التحكم بالطقس) ان يطالب باية تعويضات. وهذا يعني عدم مساءلة من قد يتسبب بالفيضانات او الجفاف والهزات الارضية.
3 – التزام الدول الموقعة بالمساهمة المالية لتحقيق خفض الانبعاثات الحرارية، ومنها التحكم بالطقس اي ان الولايات المتحدة قد تتلقى مساعدات مقابل ما تقوم به من اختبارات حول الارض.
حسناً فعلت الدول المشاركة في المؤتمر… لكن باعتقادي هذه التوصيات تمنح السلطة للقوى العظمى للتحكم بمصير الشعوب من الفضاء بعد ان تحكمت به هنا على الارض.