لا يزال فرز الاصوات البريدية مستمراً في المقاعد المتقارب فيها نتائج الانتخابات وخصوصاً في خمسة مقاعد متأرجحة بين الإئتلاف والعمال. وقد اعرب الإئتلاف عن ثقته بالتوصل الى تشكيل حكومة بفارق نائب او اكثر اي الرقم 76 مقعداً. مع ان هناك احتمالاً بأن تتمخض عن النتائج برلماناً معلقاً.
فقد بلغت نتائج عدد الاصوات حتى يوم امس 74 مقعداً للإئتلاف و71 مقعداً للعمال وخمسة مقاعد للاحزاب الصغرى والمستقلين.
ومهما كانت النتائج بقدرة الإئتلاف على تشكيل حكومة الأقلية الا ان الإئتلاف سوف يواجه الصعوبات الجمة في تمرير سياسته سواء في مجلس النواب او مجلس الشيوخ الذي يمسك بميزان القوى فيه المستقلون.
ورغم ذلك فإن شعبية مالكولم تيرنبل كرئيس وزراء مفضل قد بلغت 51 في المئة وشعبية بيل شورتن كرئيس وزراء مفضل بلغت 47 في المئة في حين ان شعبية طوني آبوت كرئيس وزراء مفضل بلغت 21 في المئة.

في الوقت الذي يخيم الغموض على نتائج الانتخابات والمفوضية الاسترالية للانتخابات تسابق الزمن في فرز الاصوات بعد ان وجه لها الانتقاد بالتباطؤ في الفرز وخصوصاً في المقاعد المتأرجحة بين العمال والإئتلاف  فإن فرز الاصوات البريدية هو الذي سوف يقرر مصير الأمة. فقد بلغ عدد المقاعد للإئتلاف حتى الآن 74 مقعداً والعمال 71 مقعداً والمستقلون 5 مقاعد ولا يزال الحساب جارياً ومن المتوقع ان يستغرق ظهور النتائج الدقيقة خلال عشرة ايام.
وقد عززت الاصوات البريدية من موقف الإئتلاف وخصوصاً بعد حساب الاصوات التفضيلية ويأمل الاستراتيجيون في الإئتلاف ان ترجح الاصوات البريدية من الدعم للإئتلاف وقد تؤدي الى حصوله  على الرقم السحري 76 مقعداً لتشكيل حكومة الأقلية منفرداً.
وقال رئيس الوزراء مالكولم تيرنبل انه يتحمل المسؤولية كاملة في فشل الحملة الانتخابية متهماً حزب العمال انه قد بت الكذبة الكبرى وهي نية الإئتلاف في إلغاء الميدي كير وان هناك دروساً يجب استخلاصها من الفشل.
وقال الزعيم العمالي بيل شورتن الذي تجوّل في المقاعد التي فاز فيها  العمال مهنئاً ان هناك فرصة حقيقية بأن يلجأ تيرنبل الى اجراء  انتخابات جديدة للخروج من المأزق السياسي الذي حوصر فيه.
ويقول الاقتصاديون ان التأخير في التوصل الى نتائج حاسمة التي قد تستغرق بين اسبوع وعشرة ايام قد يؤثر على اعمال المصالح والمؤسسات وعدم الثقة بالاقتصاد وربما يؤدي الى خسارة استراليا التصنيف الإئتماني AAA الذي تحظى به استراليا ضمن تسعة دول  في العالم.
ومع احتمال ان تكون نتائج الانتخابات برلماناً معلقاً قال الخبير الاقتصادي بول بلوكسهام انه حتى لو تمخض عن النتائج برلماناً معلقاً او فوز الإئتلاف بالأقلية فإن الحكومة لن تتمكن من المضي قدماً بالاصلاح الاقتصادي الذي تهدف اليه.
يقال دائما اينما تتجه نيو ساوث ويلز تتجه استراليا ولكن الانتخابات اثبتت اينما يتجه غرب سيدني تتبعها الأمة الاسترالية. فإن مقعد ليندسي تحول من مقعد عمالي مضمون لحزب العمال الى مقعد احراري في عهد رئيس الوزراء الاسبق جون هاورد بين الاعوام 1996  – 2007. غير انه في الانتخابات الاخيرة تغيّر الى مقعد عمالي اذ كانت نسبة التغير في الاصوات بمعدل 1،5 في المئة وبفارق 2500 صوت لصالح العمال.
وكذلك عادت مقاعد ماكواري وماكارتر وباراماتا الى العمال مع ان ماكرتر تغير بشكل جزئي الى صالح العمال بعد اعادة التوزيع الجغرافي لحدود الدوائر الانتخابية.
وكان تيرنبل قد قال ان الفوز بمقعد ليندسي هو حاسم والحزب الذي يفوز بالمقعد سوف يفوز بالانتخابات. وكانت الحملة الانتخابية للعمال قد ركزت على مقعد ليندسي.
وقال رئيس الوزراء الاسبق جون هاورد ان مناطق غرب سيدني هي حاسمة لأي حزب يفوز بالانتخابات وتعتبر عاملاً هاماً في مسرح السياسة الاسترالية.
وقالت الامينة العامة لحزب العمال كيلا مورين اينما يذهب غرب سيدني تتوجه الامة الاسترالية.
وقد استعاد حزب العمال مناطق غرب سيدني في الانتخابات عام 2007 حينما انتاب الناخبون الكره لقوانين جون هاورد الخاصة بـخيارات مكان العمل.
وقال هاورد : انه ما يجب ذبح اعناق الداعمين للإئتلاف اثر النتائج الصادمة للانتخابات واعرب عن ثقته بأن الإئتلاف سوف يفوز بالانتخابات ويشكل حكومة وليس هناك اي فرصة للعمال لتشكيل حكومة. وطلب هاورد من حزب الاحرار الحفاظ على وحدته لأن الحزب معروف بوجود جناحين تقليدين منه الاول جناح المحافظين والثاني اليساريين وهما يعملان بالتعاون ويجب الحفاظ على هذا التقليد في الحزب.
وقال النائب الاحراري المحافظ مايكل سكر ان نواب جناح المحافظين في الحزب متحدون الى جانب الجناح اليساري للحزب في ظل قيادة تيرنبل بالرغم من النتائج السيئة للانتخابات.
ونفى سكر  ان جناح المحافظين يريد الانتقام من تيرنبل ويريد التفاوض مع تيرنبل لتشكيل حكومة متحدة. ويعتبر سكر وهو من اصل لبناني زعيماً لجناح اليمين المحافظ لحزب الاحرار في ولاية فكتوريا وقد جذب اكثر تحول في الاصوات لحزب الاحرار في استراليا وكان سكر قد دعم وزير الخزانة سكوت موريسون اثناء الحملة الانتخابية فيما يتعلق بآدائه – اي موريسون – وقت الانتخابات.
واكد سكر ان حزب الاحرار متحد في ظل قيادة تيرنبل اذ ان نقابات العمال التي تسيطر على شورتن هي العدو الأساسي للإئتلاف.
واضاف سكر ان موريسون قد ناقش وزير الظل للخزانة كريس بوين الاوضاع الاقتصادية للبلاد وفاز موريسون على بوين.
وكذلك دعا وزير الخدمات الاجتماعية كريستيان بورتر الى وحدة حزب الاحرار وطالب من زملائه الحفاظ على الوحدة.
وكذلك حث النائب المحافظ في حزب الاحرار غريغ كيلي على التواصل تحت قيادة تيرنبل مؤكداً اننا نريد الاستقرار.
ومن ناحية اخرى واصل شورتن التجول في الدوائر الانتخابية مهنئاً النواب العماليين الفائزين. ونفى شورتن انه مستمر بحملته الانتخابية من اجل منفعته الخاصة وشكر الناخبين لتصويتهم لصالح حزب العمال وتعهد بالمحافظة على الاستقرار واتخاذ قرارات يمكن تطبيقها من اجل الحفاظ على استراليا دولة عظيمة.
ومن جانبه اعرب زعيم الحزب الوطني ونائب رئيس الوزراء بارنابي جويس عن ثقته بتشكيل الإئتلاف الحكومة.
وفي استطلاع للرأي نشر امس مفاده ان تيرنبل هو رئيس الوزراء المفضل اذ بلغت نسبة التأييد له 51 في المئة في حين بلغت نسبة التأييد لـ بيل شورتن كرئيس وزراء مفضل 47 في المئة وتلقى طوني آبوت نسبة التأييد 21 في المئة كرئيس وزراء مفضل.
والحكومة في حاجة الى الفوز بـثلاثة مقاعد لتبلغ الرقم السحري 76 مقعداً. ولا يزال الفرز جارياً اذ ان خمسة مقاعد هي التي تقرر مصير الحكومة والمعارضة وهي مقعد هندمارش في جنوب استراليا اذ يتقدم العمال على الإئتلاف بـ 151صوتاً. والمقعد الثاني فلين اذ يتقدم العمال على الإئتلاف بـ 772 صوتاً ولا يزال 70 في المئة من الاصوات البريدية تخضع للفرز ومن الارجح ان يفوز به الإئتلاف.
وفي مقعد كوان في غرب استراليا يتقدم العمال بـ 777 صوتاً.
اما مقعد كابريكورنيا في كوينزلاند يتقدم العمال على الإئتلاف بـ 732 صوتاً.
وفي مقعد هيربيرت يتقدم العمال  بـ 1200 صوتاً.
وتتزايد الثقة بين صفوف الإئتلاف بأنه سوف يتمكن من تشكيل حكومة الأقلية بمقعد واحد على الأقل واذا لم يتمكن من ذلك فسوف يلجأ الى تشكيل حكومة مع المستقلين. وقد تحدث تيرنبل مع المستقلين من اجل تشكيل حكومة الاقلية اذا لم يصل تعداد مقاعده منفرداً 76 مقعداً. واعرب موريسون عن ثقته بتشكيل الإئتلاف حكومة منفرداً دون اللجوء الى المستقلين.
وفي مجلس الشيوخ مع متابعة فرز الاصوات للمجلس بدا من الواضح امساك المستقلين بميزان القوى اذ من المتوقع ان يفوز حزب «امة وحدة» بمقعد في نيو ساوث ويلز اضافة الى مقعد بولين هانسون في كوينزلاند. وقد فاز المذيع المثير للجدل دارين هينش بمقعد . وكذلك جاكي لامبي فازت بمقعدها وثلاثة مقاعد لحزب نيك اكسنافون. وهناك فرصة فوز مرشحة الحزب الديمقراطي المسيحي نيلا هول ومرشح الحزب الديمقراطي الاحراري ديفيد ليونيلهم ومرشح الدفاع عن حقوق الحيوان حتى ان هناك فرصة لفوز مرشحة حزب الجنس ميرديش دواغ.
وقد تستغرق الحسابات قبل معرفة الفائزين والخاسرين في مجلس الشيوخ مدة طويلة.

تعليق من محرر الشؤون الاسترالية هاني الترك

لو ان نتائج الفرز للاصوات سوف تكون برلماناً معلقاً فإن هناك احتمالاً ان يحصل الإئتلاف على 76 مقعداً ويشكل الحكومة واذا لم يحصل على هذا الرقم فهناك احتمال ان يشكل الإئتلاف الحكومة مع المستقلين.
وفي كلتا الحالتين فإن حكومة الإئتلاف سوف تواجه العراقيل في كل من مجلسي النواب والشيوخ. اذ ان المستقلين سوف يمسكون بميزان القوى في مجلس الشيوخ وقد يعين نائب مستقل كرئيس لمجلس النواب.
وتضطر الحكومة الى تغيير بعض من سياساتها مثل الموافقة علىاقامة مفوضية ملكية للتحقيق في اعمال المصارف. وكذلك إلغاء التدابير الطبية  التي اتخذتها في الموازنة مثل إلغاء فرض الرسوم على اشعة إكس راي مما قد يؤدي الى ثغرة مالية في الموازنة. وكذلك من المحتمل ان تتراجع الحكومة عن نيتها بإلغاء المفوضية الملكية للتحقيق في فساد نقابات العمال والذي على اساسه لجأت الى الحل المزدوج للبرلمان.
اضافة الى ذلك فقد تضطر الحكومة الاصغاء الى جناح اليمين المحافظ في الإئتلاف الذي يتزعمه طوني آبوت مما يتطلب العمل مع آبوت ومنحه حقيبة وزارية هامة.
اي ان امام الحكومة برئاسة تيرنبل مهاماً كبرى وعراقيل صعبة في تطبيق سياسة الإئتلاف مما يتطلب التخلي عن جزء كبير منها مما يلزمها التفاوض مع المستقلين في مجلس الشيوخ وخصوصاً بولين هانسون المتطرفة والعنصرية. واذا تعثرت حكومة الإئتلاف بقيادة تيرنبل تنفيذ سياستها فربما يدعو الى انتخابات اخرى وهنا قد تكون الخسارة الفادحة للإئتلاف .. ولذلك بأي شكل يواجه الإئتلاف  مهامه في البرلمان فهو الخاسر. لقد قامر تيرنبل بالحل المزدوج وفشل.