بقلم / أنطون سابيلا

جاء معظم الأتراك من وسط آسيا قبل أن ينتقلوا إليها من مزارع في أطراف الصين، ومن هناك، مثل هولاكو التتري، كانت لهم أطماع في غرب أسيا وأوروبا.
اعتنق الأتراك الإسلام لأول مرة عندما التقوا بالإمبراطورية العربية الآخذة في التوسع في إيران (وبشكل طفيف إلى الشمال والشرق). كان هذا هو المكان الذي استقر فيه الأتراك، وكان العرب ينتصرون في أواخر القرن السابع والثامن الميلادي. وخشي العرب من البراعة العسكرية التركية أكثر من خوفهم من براعة «السكان المحليين.» وعلى المدى الطويل قدّموا الحوافز الاقتصادية والاجتماعية (على سبيل المثال تعليم أفضل) إلى الأتراك الذين في وقت لاحق حرموا العرب من التعليم تحت ظل الإمبراطورية العثمانية. ولدعمهم قدّم لهم العرب «حزمة» كريمة ثمّ عرضوا عليهم الدين الإسلامي.
وبحلول الألفية، تضاءلت القوة العربية (ما أشبه اليوم بالبارحة) تاركة فراغًا في السلطة للأتراك للانتقال إليه. انتقل هؤلاء الأتراك المسلمون حديثًا غربًا عبر العراق، إلى الجزء الشرقي من تركيا الحديثة. وفي حوالي عام 1200 ، قام المغول العنيفون بتسريع العملية من خلال طرد الأتراك من إيران إلى تركيا.
عندما قامت الإمبراطورية العثمانية تعهدت بالقضاء على القومية العربية فمنعت التعليم باللغة العربية ونشرت اللغة التركية وأعدمت العرب الأحرار في القدس ودمشق وبيروت وأقدمت على مذابح الأرمن والسريان والروم الأرثوذكس. وفي الوقت ذاته أقامت أطيب العلاقات مع المنظمات القومية اليهودية قبل ظهور الصهيونية فسمحت ببناء المستوطنات اليهودية في فلسطين.
تم إضفاء الطابع الرسمي على العلاقات التركية-الإسرائيلية في آذار/مارس 1949، عندما كانت تركيا أول دولة ذات غالبية مسلمة تعترف بدولة إسرائيل. وأعطى البلدان أولوية عالية للتعاون العسكري والاستراتيجي والدبلوماسي ، بينما تقاسما المخاوف فيما يتعلق بعدم الاستقرار الإقليمي في الشرق الأوسط، بكلمات أخرى تقاسما أحلامهما بالسيطرة على منطقة الشرق الأوسط.
لقد جاء إعلان الرئيس التركي أردوغان عن قبول قرار «محكمته» (أشبه بمحاكم الكناغر الصورية الموجودة في تركيا وإسرائيل) بتحويل كاتدرائية آيا صوفيا إلى مسجد في وقت تواجه فيه تركيا مجدداً نمو القومية العربية في سورية وليبيا ضد المتطرفين الدينيين الذين تستغلهم تركيا وإسرائيل ودويلة قطر لتحقيق أطماعهم في المنطقة.
وهذا الإعلان هو «هدية» للمتطرفين (وليس لأغلبية المسلمين المعتدلين الذين استنكروه وأدانوه لأنه ليس من القيم الإسلامية الحقيقية) لكي يواصلوا دعم طموحاته في سورية وليبيا والعالم العربي.
ولكن أردوغان لا يريد فقط أن تكون سورية وليبيا أو دول خليجية أخرى تحت سيطرته. هو يريد القنبلة النووية!
وهذا الطموح أدى إلى تراجع ملحوظ في العلاقات بين تل أبيب وأنقرة. فإسرائيل لا تريد دولة شرق أوسطية أن تمتلك السلاح النووي حتى لو كانت هذه الدولة هي تركيا التي لديها عشق لإسرائيل اكثر من عشقها للمسلمين من العرب.
في الأسابيع التي سبقت أوامره بإطلاق الجيش لغزو الحدود السورية تحت زعم تطهير المناطق الكردية، لم يخف أردوغان طموحه الأكبر. وقال في اجتماع لحزبه الحاكم «بعض الدول لديها صواريخ برؤوس نووية». وأضاف إن الغرب يصر على «أننا لا نستطيع الحصول عليها». «هذا، لا يمكنني أن أقبل به.»
تركيا ماضية ببرنامجها النووي وتريد أن تسبق ايران بالحصول على القنبلة. الغرب والشرق يعرفان أن فيلم الكاتدرائية «محروق» وأن اسمها كاتدرائية آيا صوفيا وستبقى كذلك لأنها مدغمة بالتاريخ. ولكن الغرب والشرق يحاربان سراً وعلانية لمنع اقتناء تركيا للقنبلة النووية. والسؤال الآن متى سيحدث الانقلاب الناجح في انقره لتحويل أحلام أردوغان إلى كابوس مرعب في السجون التركية!!