دخلتُ سبعة سجون بين اليونان وتركيا وكردستان قبل أن أدخلَ خلسة إلى لبنان

وقّع الدكتور مكي كشكول في 13 أيار/ مايو الجاري كتابه «الكوفة – قراءة جديدة» في المركز الاجتماعي في ويذرل بارك وهو الكتاب الثاني في سلسلة كتب «موسوعة الكوفة» وهو كان قد أصدر سنة 2021 كتاب «الكوفة في الميزان» وسيصدر خلال الشهرين المقبلين «الكوفة بين الوفاء العلوي والعداء الأموي»
في كتابه «الكوفة – قراءة جديدة» كأن د. مكي كشكول يحدث تحريكاً للمياه الراكدة ولبعض المفاهيم الراسخة إنطلاقاً من اطلاعه ومعاينته للأحداث.
د. مكي كشكول من مواليد النجف في العراق سنة 1965، أنهى دروسه الثانوية في النجف، ثم حصل على بكالوريوس في الأدب الإنكليزي من جامعة بغداد.
درّس (اللغة الإنكليزية) في ثانويات النجف بين سنتي 1988- 1993.

ثم عمل مترجماً في إحدى الشركات السياحية في بغداد.
سافر الى الأردن وإيران واليمن وباكستان وتركيا واليونان.
سنة 1993 توجه مكي كشكول الى الأردن وأقام شهرين ثم عاد الى العراق ليعود مجددا الى الاردن سنة 1995. بعد ذلك توجه الى اليمن وهناك حصل على عقد تدريس في صنعاء لفترة سنة.
عاد الى العراق مجدداً سنة 1996.
سنة 1997 سافر الى إيران ومنها الى باكستان بغية التوجه الى بريطانيا لأن هناك في باكستان عائلات يعرفها من خلال الشركة السياحية عندما كانت تأتي لزيارة الاماكن المقدسة في العراق وتعّرف إليهم كمترجم، وأقام في كاراتشي عند عائلة باكستانية لان الشيعة عادة يتبركون من شيعة النجف.
وبعد شهرين غادر باكستان الى ايران التي أقام فيها شهرين قبل ان يتوجه الى أوروبا، ويقيم في إسطنبول شهرين عمل خلالهما في أحد المطاعم ينظف الصحون. وبعدما جمع بعض المال تعرف الى أحد السماسرة الذين ينقلون العراقيين الى اليونان سراً فدفع له 200 دولار لعبور نهر بين تركيا واليونان على قارب مطاطي «لكنهم تركونا عند الحدود داخل الأراضي اليونانية وقالوا لنا سيروا بعدما أعطونا مكسرات وتمر».
يضيف كشكول: «كنا ننام في النهار ونسير في الليل، وبعد يومين أثناء نومنا في عبّارة واسعة لتصريف مياه الأمطار رأينا رجال الشرطة اليونانية يستدعوننا ثم يقودوننا الى السجن.
من السجن أعادوننا مع عراقيين آخرين كانوا إعتقلوهم سابقاً الى تركيا عبر ذات النهر وعلى قارب أكبر للشرطة وقالوا لنا: « إذا عُدتم سنرميكم في البحر».
صباح اليوم التالي وجدنا أنفسنا في مواجهة الجنود الأتراك، فأخذونا الى أحد معسكرات الجيش وسلمونا للشرطة التركية وبقينا مسجونين نحو إسبوعين، ثم نقلونا من سجن الى سجن حتى وصولنا الى اسطنبول حيث وضعونا في السجن المركزي الكبير، ومن هناك نقلونا مع نحو 400 عراقي الى الحدود العراقية التركية وسلمونا الى الأكراد الذين رفضوا إستقبال العرب منّا وعددهم 16 وانا منهم وإستقبلوا الأكراد فقط، وتحدثتُ أنا الى أحد الضباط قائلا: «أين تريدوننا ان نذهب ونحن عراقيون مثلكم، دعونا ندخل الأراضي العراقية ونحن نتدبر أمرنا». لكنهم قادونا الى سجن زاخو ومنه الى سجن دهوك المركزي وبعد يومين نقلونا الى سجن أربيل الكبير حيث قضينا نحو 10 أيام وكان الاكراد يخرجون من السجن بمجرد ان يتوفر لهم كفيل.
قلت للضابط: «من أين نأتي بكفيل ونحن في السجن وليس لدينا إتصال بأهلنا الممنوعين من دخول كردستان؟.
ثمّ طلبوا من احد الضباط التحقيق معنا نحن العرب. وبعض التحقيق خيّرونا بين الذهاب الى إيران أو العودة الى بغداد وكانت في عهد صدام، فأنا توجهت الى بغداد ومنها الى النجف. كان ذلك 1998 وكان مجموع السجون التي تنقلت بينها 7 سجون.
كنت في كل تلك الأسفار دون عائلتي التي كانت في العراق”.

سنة 1999 توجه مكي كشكول الى بيروت عن طريق سوريا ودخل الى لبنان بصورة غير شرعية وهناك تقدم بطلب لجوء الى مكتب الأمم المتحدة في بيروت. أقام في منطقة برج البراجنة لمدة خمس سنوات عمل خلالها مترجماً في مكتب (مكتب العواضة للترجمة) في الغبيري. ودرّس اللغة الإنكليزية في معهد علي الأكبر التابع لجمعية المبرات الخيرية في لبنان. وفي لبنان أيضاً ترجم كتاباً للكاتبة الاسترالية هيلين ماكير وهو بحث عن المرأة المسلمة أنجزته في لبنان.
كما ترجم كتاب (الخارج من تحت الرماد) وهو كتاب مترجم عن صدام حسين.
في هذه الفترة قدمت الأمم المتحدة له طلب لجوء الى عدة سفارات منها الولايات المتحدة واستراليا، فتمّ قبوله في استراليا التي وصل اليها في 25/2/2004 مع عائلته المؤلفة من زوجته وأولاده الأربعة (3 صبيان وبنت).
لدى وصوله الى استراليا إلتحق كشكول بمعهد تايف في راندويك وهناك خضع لإمتحان IELTS الذ يؤهله لإكمال الدراسات الجامعية العليا. وخلال ستة أشهر أنهى دراسته، ثم عمل في مؤسسة (إعادة توطين اللاجئين) بدوام جزئي لنحو 6 أشهر بعد ذلك تم قبوله في جامعة وولونغونغ لدراسة الماجستير باللغة الإنكليزية وبعد سنة حصل على الماجستير في موضوع «تعليم اللغة الإنكليزية لغير الناطقين بها».
وأنهى كشكول في جامعة ماكواري شهادة عليا في طرق البحث العلمي لتؤهله لدراسة الدكتوراة.
ثم إلتحق بجامعة غرب سيدني لمتابعة دراسة الدكتوراه، وبعد 4 سنوات أي سنة 2014 حصل على شهادة الدكتوراه حول موضوع (علم إجتماع الأقليات العرقية).
أثناء دراسة الدكتوراه عمل كشكول مدرساً مساعداً للمشرفين على طلبة الدكتوراة العرب في جامعة غرب سيدني.
بعد ذلك إنصرف الى الكتابة وبدأ بوضع موسوعة الكوفة التي أنجز منها حتى الآن جزأين ، أما الجزء الثالث فهو قيد الطبع في لبنان في مطبعة المحجّة البيضاء، علماً ان هناك 9 أجزاء باتت جاهزة للطبع بإنتظار الإنتهاء من التنقيح.
وعن سبب إختياره هذا المنحى في الكتابات الاجتماعية رغم تخصصه باللغة الإنكليزية، يقول د. كشكول: «لأن بحث الدكتوراة كانت طبيعته اجتماعية بعنوان (عوائق إندماج الجالية العراقية في استراليا) هذا البحث فتح لي أبواباً وآفاقاً كثيرة في شؤون الجالية العراقية من معاناتها الى حاجاتها الى أوضاعها العامة، وتضمن البحث مسحاً ميدانياً عن الجالية العراقية، وأهم سؤال في الاستطلاع كان لمَ أتيت الى استراليا؟»
هناك نوعان من العراقيين جاؤوا الى استراليا: النوع الأول جاء عن طريق الامم المتحدة بصورة شرعية والثاني عبر القوارب بصورة غير شرعية”.

وما لفتني، يقول كشكول، ان العراقي في كل مكان يعتبر نفسه مذنبا لانه يعتبر ان الإمام علي وإبنيه الحسن والحسين قُتلوا (لأننا نحن العراقيين خذلناهم وما يحل بنا اليوم هو جزاء ما فعلناه بهم).

وما صدمني، يقول كشكول، أنني في الدول التي زرتها ذات الأغلبية الشيعية، يحمّلون العراقيين مسؤولية الغدر وقتل الأئمة.
أما السنة في تلك الدول فيتهموننا كشيعة ويحملوننا المسؤولية.

لهذه الأمور وجدت نفسي منخرطاً في الإنغماس في الشأن العراقي، وانا أتحدث عن الواقع كما لمسته ورأيته وليس لي غاية أكثر من عرض الحقيقة.

كيف وجدتَ قبول الناس لكتبك؟
المؤسف أن توقيع الكتب في الجالية العربية في أستراليا تحوّل الى فانتيزيا إعلامية.. يشترون الكتب، وقليلون جداً يقرأون. لكن الذين فرأوا كتابي الأخير أثنوا عليه.

هل كتبك مسمزحة في كل الدول؟
طبعاً، الكتب تباع في العراق والدول العربية، وتشارك في معارض الكتب بواسطة دور النشر، وتباع دون أي عائق لأن مضمونها اجتماعي وليس دينياً.