في أواخر تسعينات القرن الماضي، انشغلت الصحف الأسترالية بفضيحة توقّف رحلات طيران الشرق الأوسط الى سدني، وساد الغضب في أوساط الجالية اللبنانية، التي ما كادت تصدّق ان طيران الأرز وصل الى سدني، وإذ بها تفاجأ بإعلان توقفه وان الرحلات على هذا الخط غير مربحة، علماً ان اللبنانيين الأستراليين هم جزء من أرباح عشر شركات طيران على خط أستراليا بيروت.
ولأن قصة توقّف الخط تعود الى فضيحة شارك فيها افراد ومؤسسات عبر عروض سفر مغرية، نشرت الصحف الأسترالية الكثير عن تلك الفضائح.
وفي الأثناء صدرت جريدة ال «سدني مورنينغ» وعلى صدر صفحتها الأولى صورة لوكيل طيران لبناني في سدني تتهمه بأن له ضلعاً في توقّف الميدل والتسبّب في خسارتها على خط سدني.
اتصل بي يومها الزميل هاني الترك كعادته قائلاً:» يا أنطووون الجرايد الأسترالية عمّاتحكي عن وكيل سفر لبناني له ضلع في توقّف الميدل إيست والخبر مانشيت على الصفحة الاولى مع صوَر، هل اترجمه»؟
قلت له :» ربما تكون الصحف الأسترالية تبالغ، واختصر الخبر ببضع كلمات من باب العلم والخبر، حتى لا يقول القرّاء اننا مغفّلون وغافلون ريثما نجلي الأمور».
في اليوم التالي نشرت «التلغراف» الخبر ببضع كلمات في أسفل صفحاتها الداخلية.. وفوجئنا بعد ايام، بأحد الأشخاص يدخل مكاتب «التلغراف» مكلّفاً من أحد المحامين يحمل أشعاراً بشكوى ضد «التلغراف» بتهمة تشهير بوكيل السفر المذكور.
ونحن، بطبيعة الحال ، توجهنا الى أحد المحامين لمعالجة الأمر ، وقلنا له ان الخبر ليس من «عندياتنا» بل هو ترجمة من صحيفة ، بل هو منشور في معظم وسائل الإعلام الأسترالي».
طلب منا محامينا أصل الخبر الذي ترجمناه بإيجاز كبير..وتمّ ارسال الخبر الأصلي الى مكتب المحامي صاحب الإدعاء..
مرّت الأسابيع والشهور ولم نتلقّ جواباً، لأن الشاكي سحب شكواه بعدما كتبنا مقالاً قلنا فيه:» بعض أبناء الجالية يتعرّصون للتشهير والنقد والهجوم من الإعلام الأسترالي وعلى صفحات كاملة وعبر نشرات الأحبار ولا يجرأون على التعليق حتى ولو بكلمة، أما اذا ترجمنا نحن خبراً ليس من صنعنا تثور ثائرتهم وتُنتقص كرامتهم ويتم النيل من شرفهم.. أما هذه الكرامة والشرف فمحفوظان في الإعلام الأسترالي حتى «لو مسح بهم الأرض».
بعد سنة من الحادثة، التقيت بوكيل السفر، الذي اصبح في ديار الحق» ، وسألته:» هل رفعت شكوى على ال»سدني مورنينغ» يوم شكوت علينا؟!.. هزّ رأسه يمنة ويسرة كأنه يعترف بالخطأ!!.
أسوق هذه الحادثة لأحيل القراء على الصحافة الأسترالية التي وصلت الى أعلى مستوياتها في الأيام الأخيرة في الحديث عن المطوّر العقاري جان ناصيف وهروبه الى لبنان لأوفّر على نفسي الترجمة، وهو كان على الصفحة الأولى في « ساترداي تلغراف» يوم السبت ( الصورة) وفي الأستراليان والسدني مورنينغ والآي بي سي.
فيا جماعة، فتشوا عن كرامتكم في مكان آخر، ولا ترفعوا شكاواكم على من يحفظ لكم هذه الكرامة؟.