المهندس نقولا داوود – سدني

نعم ، ما يحصل في لبنان ليس كارثة طبيعية،

لا تصادم نيازك فوق أرضه،

ولا هزة أرضية زعزعت البلاد في غفلة،

ولا رياح وأعاصير مدارية  اقتلعت الأشجار وهدمت المباني على رؤوس اصحابها،

ما يحصل هو ليس خطأ مخبريا حيث هرب فيروس قاتل ليغلب الجينات البشرية،

ولكن ما حصل هو نتيجة حتمية للانهيار الأخلاقي الجماعي والفردي ،

وذلك الانهيار هو صناعة محلية اولا،

شارك  بها كل اصحاب الشأن العام على كل المستويات.

أسباب الانهيار هي النزعة الفردية وتقديس الأنا،

وبإسم النزوة الفردية افتعلت الاحداث الكبرى،

ووعد الناس بالمن والسلوى على كل صعيد،

وتقدم الأفراد الى الصدارة ،

وهم يسيرون بثقة على اجساد الصغار باستغلالية مقيتة،

واعدين بالحرية .. وادخلوا الناس المسالخ البشرية،

واعدين بوطن الحرية وهم ينصبون الخيام القبلية والعشائرية ،

وينشدون بكل عزم وباطنية المجد الشخصي الواضح،

وهم يدوسون بقساوة أحذيتهم الغليظة على كل الوعود الجذابة والبراقة،

وأنهوا بحذاقة ودعاية صفراء أحلام الصغار وارسلوا الأمهات الى فراشهم باكين ،

ومتحرقين على شبابهم الذين غادروا المطار الى العالم الخارجي المجهول.

ومن هذا المجد الباطل  المغروس في نفوس الزعماء بعزيمة جامحة،

نرجو ان يستيقظ شعبنا ويعلن يقظة انسانيته ، ووعيه،

وحل الرباط الغير المقدس مع الزعامات الحالية ،

وان ينبلج نور جديد بوحدة المشاعل الصغيرة والشموع البسيطة،

وأن نهرع من كل زوايا الأرض لنصرة اهلنا ومساعدتهم في استعادة نفوسهم الجميلة،

انه الجهاد المقدس والحسن الذي يستحق كل الجهد والعرق والدماء.

المجد الباطل هو ان نرسل شبابنا الى الخنوع او الهجرة او الموت من اجل زعامة جوفاء،

وان نسقط الروحانيات الشرقية الجميلة وندفنها بالقبور المذهبة الفانية،

وما ننشده هو النقاء الإنساني ، حيث تلتقي الروحانيات وتسقط الانانيات،

ونقدم بعزم وقوة ارادة متينة وصلبة نموذجا لاقتصاد تلتقي فيه المبادرة الفردية مع العدل،

الاهداف تبدو بعيدة المنال ولكنها موجودة ومجانية،

يبقى ان تولد لنا الارادة الجماعية،

وتلك الإرادة هي صناعة المفكرين واصحاب الاقلام والأصوات الحرة،

وننتقل بعزم وقوة وارادة صلبة من الانحطاط الحالي الى السمو العظيم،

ومن المجد الباطل الى النقاء الانساني.