كتاب روزي باتي .. يروي «قصة أم» مع العنف العائلي لأكثر من عشر سنوات

rosy2 rosy3 rosy4 rosy7

فاطمة مارديني – نيوكاستل

تفضح روزي باتي خبايا العنف العائلي في استراليا ، تصفه « بالوباء « الذي يجب محاربته بخطة مماثلة لخطة مكافحة الارهاب التي  وضعتها الحكومة الاسترالية  في العام 2014 ورصدت لها اعتمادات لوجستية ومالية ضخمة . وتشير الاحصاءات الحكومية  الى أن ما بين 80 الى90 امرأة تقتل على يد صديقها او زوجها كل عام في استراليا ، كما يتم نقل ما بين 350 امرأة و400 طفل الى مراكز اللجوء المؤقتة خوفا على سلامتهم من زوج أو صديق عنيف .
وتنتقد  باتي في كتابها الذي كتبته بمساعدة الكاتب والصحافي برايس كوربت وصدر في اواخر سبتمر أيلول 2014صفحة المؤسسات الحكومية الاسترالية وخاصة وزارة الخدمات الاجتماعية  لعدم حمايتها وابنها لوك من رجل مضطرب عقليا ومدعى عليه في عشرات الدعاوى  منها التهديد بقتلها وقتل ابنها ، وتهديد آخرين بالقتل ، ومشاهدة صور « بونوغرافية « لأطفال في أماكن عامة ،  وتهربه من مذكرات توقيف وقرارت محكمة العائلة الابتدائية في فكتوريا لمنعه من الاقتراب منها ، وتتهمها بالتقصير والبيروقراطية ، وبالتعاطي غير الجدي مع قضايا العنف العائلي ، وتقول « هناك ثقافة ذكورية»  مهيمنة على عمل هذه المؤسسات تذهب ضحيته النساء في هذا البلد.
في شهر شباط من العام 2014 كانت روزي باتي ربة منزل عادية ، أم وحيدة  ، تبذل جهدا كبيرا لتأمين أفضل الفرص لابنها الوحيد لوك ( 11 عاما ) ليكبر وينمو ويبني مستقبلا جيدا ، ولكن عالمها تغير الى الابد  عندما أقدم صديقها السابق والد لوك  غريغ اندرسون على قتل لوك بضربه على رأسه بمطرقة الكريكيت ليطعنه في رقبته بعد ذلك ، وعلى مرأى من الجميع في ملعب الكركيت في يوم كان نهاية موسم اللعبة في تايب احدى ضواحي فكتوريا، ليقتل بعدها بقليل عندما حاول مقاومة رجال الشرطة لإلقاء القبض عليه .
تحكي باتي عن حياة  غير سعيدة ومشتتة لطفلة ولدت في بريطانيا في العام 1962 في مزرعة خارج لندن  ، لعائلة مؤلفة من أب وأم وشقيقين ، وعندما تبلغ الفتاة الصغيرة الست سنوات تفقد  والدتها اثر مرض مفاجىء  مما يترك اثره عليها ولاسيما أن الوالد وان كان يقوم بكل» واجباته الابوية» لرعايتها واخويها ، الا انه كان كتوماً وبخيلاً في اظهار عواطفه وحبه لها . بين السطور نقرأ لوما وعتابا لتقصيره في هذا الجانب وتحميله مسؤولية تورطها في علاقات عاطفية فاشلة بحثا عن الحب والحنان اللذين فقدتهما في طفولتها ، لتقع مرات كثيرة ضحية علاقات عابرة مع رجال غير مناسبين وخطيرين مدمني كحول ، لينتهي بها الامر أن تلتقي أخطرهم غريغ اندرسون.
وتتكلم  باتي باسهاب عن انتقالها الى استراليا في العام 1980 ، لتقيم علاقات عاطفية قصيرة الامد  الى أن تلتقي اندرسون في متجرفي فكتوريا  حيث كانا يعملان سويا ، فتعجب بحديثه وبوسامته واناقته الدائمة ، فيصبحان صديقين ، لتقرر أن تعرفه على اصدقائها ، الذين ينزعجون من تصرفاته المتعجرفة وغطرسته وغروره فيحذروها منه ، ولكنها لا  تستمع الى نصائحهم وتقرر المضي في علاقتها لحاجتها العاطفية الى رجل في حياتها رغم ملاحظتها لاضطرابه النفسي وسلوكه غير السوي .
بعد شهور من العلاقة تقرر باتي أن تترك اندرسون ، ولكن حملها غير المتوقع منه  يجبرها على البقاء معه ، و كانت تخطت ال 39 من العمر  و « الساعة البيولوجية « في غير صالحها ، وان هذا الحمل هو  فرصتها الاخيرة بأن تصبح أما  فتقرر الاحتفاظ بالجنين وعدم اجهاضه ليستغل اندرسون هذا الامر في السيطرة على حياتها وترويعها عاطفياً وجسديا .
وبعد ولادة لوك  تقرر باتي اعطاءه اسم عائلتها، وتخبر اندرسون أنها تريد أن تربيه لوحدها ، وتطلب منه الرحيل ،على أن يلتقي ابنه من وقت لآخر ، وفقا لما تقرره المحكمة الابتدائية في فكتوريا ، ولكن اندرسون يغضب ويبدأ بتهديدها بالقتل عبر رسائل الكترونية يومية لتعيش في رعب مستمر لمدة عشر سنوات .
تسهب باتي في وصف شخصية اندرسون المضطربة عقليا ونفسيا ، لم يكن مستقرا في أي وظيفة ، ولم  يستطع الاحتفاظ  بعشرات الوظائف التي حصل عليها ، فمصيره كان  الطرد لتعاركه مع ارباب العمل ، او لغطرسته وتعجرفه مع زملائه ، حتى علاقته بأهله لم تكن أفضل ، ولم يكن له اصدقاء، مما تركه في حالة نفسية متدهورة وغاضبة ، لتصبح هي الشخص الوحيد للتنفيس عن هذا  الغضب . تضيف انه كان  متدينا جدا و يلجأ الى الكنيسة الروسية الارثوذكسية لإيجاد حلول لمشاكله النفسية والمالية  حيث أصبح متشردا في الشوارع ، فكان يقدم خدمات صيانة وتنظيف لقاء تأمين اقامته وطعامة في الكنسية .
وتفصح باتي عن دخول اندرسون الى مصح للأمراض العقلية ، فهو كان يعاني من هلوسة وسماع اصوات ورؤية اشخاص غير موجودين ، وكان يخلط بين الامور الحياتية والدينية ، ويتحدث بفوقية معها ، وان هناك اشخاص يطلبون منه القيام بأمور معينة وانه يجب اطاعتهم ، كما ان الناس تتآمر وتتجسس عليه ، لذلك كان يتعارك مع الناس الذين يسكن معهم او يعمل معهم ، حتى اصبح مصيره أن ينام في سيارته. .وعن تأثير العنف العائلي على الاطفال ، تتحدث باتي عن معاناة لوك النفسية من تصرفات والده العنيفة ، حيث كان شاهدا مرات عدة على حوادث الضرب التي تتعرض لها على يديه ، حتى انه مرة شدها من شعرها وضرب رأسها
بالحائط ليرميها ارضا ويحاول رمي قطعة من المفروشات عليها ولم ينفع صراخ لوك الصغير في ايقافه .
وتشرح كيف أن هذه الاجواء العائلية المزرية تركت اثرها على مستوى لوك الاكاديمي وعلى تصرفاته داخل الصف ، فكان يشاغب كثيراً مما يضطر معلمته الى ارساله الى غرفة الناظر مرات كثيرة ، فلجأت باتي الى الاستشاريين النفسيين لمساعدته  ليكشف لهم « انه يتألم  لعجزه عن حماية امه ، وانه يحب والده ولكن يخجل من تصرفاته» . كما تفصح باتي عن ? أن لوك اخبرها مرة أن اباه سحب بوجهه سكينا كبيرة وقال له ، ان يوما ما سينتهي كل شيء بهذه السكين!
وتستنكر باتي أسئلة النساء الاخريات اللواتي سألنها لماذا لم ترحل عندما اكتشفت عنف اندرسون ؟. تقول ان محكمة العائلة لم تسمح لها أن تأخذ لوك وتسافر الى بلدها بريطانيا ، فاندرسون كان له حق رؤية لوك رغم كل مذكرات التوقيف وشهادة لوك امام المستشارة النفسية بأن والده سحب سكينا وقال له» سأنهي كل شيء بهذه
لا تستطيع أية  قارئة أن تنهي الفصل الأخير من الكتاب الذي تتحدث فيه باتي عن حزنها على مقتل ولدها ، فالدموع ستمنع رؤية كلمات خطتها بحساسية فائقة لوصف مشاعر أم تفقد ابنها  الوحيد في جريمة روعت استراليا ، فهي لم تعد تستطيع رؤية اصدقاء لوك يمرون كل يوم من أمام بيتها للذهاب الى المدرسة الكاثوليكية التي كان يذهب اليها ابنها ايضا ، لم تعد تشاهد البومات الصور والفيديوهات التي كان لوك يسجلها ويضعها على اليوتيوب ، فهو كان يتمتع بموهبة التمثيل الكوميدي ولم تعد تطيق المرور من أمام الملعب الذي كان لوك يلعب فيه الكركيت مرتين في الاسبوع .
وتختم باتي كتابها المؤلف من 324 صفحة أسماء وعناوين المؤسسات الحكومية المختصة في مختلف الولايات الاسترالية لمساعدة النساء المعنفات  ويعود ريع بيع الكتاب الى المؤسسة الخيرية التي اسستها بعد مقتل ابنها .
Never Alone luke  Batty Foundation
نذكر أن باتي حصلت على جائزة
Australian of the year
في حفل ضخم اقيم في العاصمة الاسترالية كانبيرا في العام 2014 لقيامها بحملة واسعة شملت كل انحاء استراليا للتكلم عن العنف العائلي وكيفية محاربته .

 

على النساء اللواتي
يتعرضن للعنف الاتصال

Australia – National
1800 RESPECT (1800 737 732)
Luke Batty Foundation
www.lukebattyfoundation.com.au