أنطوان القزي

عندما نتطرّق في هذه الزاوية إلى شأنٍ أسترالي، يطالبنا كثيرون بالمزيد ويُصدَم كثيرون بمعلومات لا يتوقّعونها عن أستراليا.
فأخبار الشرق الأوسط والعالم هي في متناول الجميع ونجدها في كل وسائل الإعلام، أم الخبر الأسترالي فلا يتوفر في كل مكان.
في عدد سابق، تحدثنا عن أعمال الشغب التي يقوم بها مراهقون في كوينزلاند والتي تجاوزت كل حدود، مما اضطر المواطنين الى التظاهر مطالبين بمعالجة هذه الظاهرة.
واليوم، إذا تحدّثنا عن أرقام العنف العائلي في أستراليا فستكون صادمة للذين ما زالوا يعيشون في زمن ال»لاكي كانتري»!.
فننذ بداية عام 2023، تُقتل امرأة كل خمسة أيام، ومع ذلك يظل الرجال صامتين بشأن هذه القضية
وفي منطقة غريفيث تظاهرت هذا الأسبوع ناشطات احتجاجاً على ازدياد ظاهرة مقتل النساء، وفي واغا واغا علّقت ناشطات 54 شريطة بيضاء على عدد النساء اللواتي قتلن هذا العام في المنطقة (الصورة).
فالعنف ضد المرأة في استراليا مشكلة منتشرة ولها تأثير مدمر على المجتمع برمته. ويقع على عاتق الرجال واجب الرعاية لتعزيز سلامة المرأة، ومنع الاعتداء الجنسي، وفي نهاية المطاف وضع حد لقتل النساء.
إن فرصة المرأة في أن تعيش حياة كاملة ومتساوية مهددة بسبب هذه الآفة المستمرة من العنف والإساءة، والتي تشكل انتهاكًا لحقوق الإنسان ووصمة عار على جبين مجتمعاتنا.

إن التشريع الذي تم إقراره العام الماضي لتكريس 10 أيام من الإجازة العائلية المدفوعة الأجر في أماكن العمل الأسترالية بشأن العنف المنزلي سيوفر للضحايا والناجين فرصة لحضور المواعيد القانونية والطبية، والعثور على السكن والمدارس ورعاية الأطفال وغيرها من وسائل الدعم الأساسية.

وفي قلب هذه القضية، تعد حماية النساء من عنف الرجال مسألة تتعلق بالآداب والاحترام الإنساني الأساسي.

يمكن أن تكون هناك أسباب مختلفة وراء التزام الرجال الصمت بشأن منع العنف المنزلي، أولاً يمكن أن يعزى ذلك ببساطة إلى نقص الوعي – قد لا يفهم بعض الرجال بشكل كامل نطاق العنف المنزلي وتأثيره، أو الدور الذي يمكن أن يلعبوه في منعه.

ثانيًا، هناك وصمة عار اجتماعية – غالبًا ما يكون هناك عبء ثقافي ومواقف غير صحية تحيط بالعنف المنزلي، مما قد يثني الرجال عن التحدث علنًا وطلب المساعدة. هناك أيضًا الخوف من إلقاء اللوم – فقد يشعر الرجال بالقلق من أنهم إذا تحدثوا علنًا، فسيتم اتهامهم بأنهم جزء من المشكلة، بدلاً من كونهم جزءًا من الحل.

أخيرًا، هناك مسألة عدم التصديق – فبعض الرجال لا يعتقدون أن العنف المنزلي يمثل مشكلة خطيرة، أو يقللون من خطورة سوء المعاملة، استنادًا مرة أخرى إلى معايير عفا عليها الزمن حول الشكل الذي يجب أن تبدو عليه ديناميكيات العلاقة بين الرجل والمرأة.

إن وفاة امرأة على يد شريك حالي أو سابق كل خمسة أيام أمر غير مقبول بكل بساطة. نحن بحاجة إلى القيام بعمل أفضل في عام 2024 وكسر الحلقة المفرغة الآن.