علّمونا على مقاعد الدراسة أن لبنان مثل طائر الفينيق ينهض من الرماد ليعود ويحلّق.
درّسونا أشعاراً وقصائد مثل : «يا ثلج قد هيّجت أشجاني» لرشيد أيوب و «وطن النجوم أنا هنا» لإيليا أبوماضي» و «لي صخرة» لسعيد عقل ولكنهم لم يتوقّعوا أن يحفر نواب ووزراء من لبنان بئراً عميقة ليدفنوا الفينيق فيه صانعين سقفه من الباطون المسلّح ليتعذّر خروجه منه.
أخبرونا عن قدموس وأليسار اللذين شقّا الامواج ليبنيا صروح الحجر والبشر في العالم، ولم يتوقّعوا أن قوماً سيشقّون صدر بيروت ليخزنوا النيترات ويدمّروا نصف المدينة ، وأن مسؤولين لبنانيين يستميتون لدفن حقيقة الإنفجار؟.
درّسونا عن ميليشيات وفصائل تناحرت وعن غزاة بطروا وسكروا، وعن أم الشرائع التي كانت وحيدة عصرها ولم يتوقّعوا ان تفرز المدينة مشرّعين يقتلون العدالة ويحنقون القانون بأيديهم و يعيدون الوطن الى شريعة الغاب.
حدثونا عن تصدير الأدمغة وما أكثرها من جبران ونعيمة وحسن كامل الصباح ومايكل دبغي وصلاح ستيتية وأمين معلوف وسواهم ولم يتوقّعوا أن يصدّر وطن الأرز المقاتلين الى سوريا والعراق واليمن وأفغانستان وسواها؟.
علّمونا كل ذلك وأكثر، لا بل أن لبنان هو وقف الله. ولم يبقَ من هذا الوقف الإفتراضي سوى التلهّي بما يتوقّعه له ميشال حايك وليلى عبداللطيف؟.
قبل صعود أميركا إلى سطح القمر بتاريخ 20 تموز يوليو عام 1969 بنحو قرن، كتب أديب الخيال العلمي الفرنسي جول فيرن رواية شهيرة بعنوان «من الأرض إلى القمر» تخيل فيها الرحلة الحقيقية قبل حدوثها بـ113 عاما.
المثير للشغف أن الرواية توقعت الكثير من الأحداث الحقيقية بالأرقام، ما جعل العلماء يشيدون بعبقرية مؤلفها الذي تخطى الزمن بخياله ليعرف ما سيحدث.
مشى رائد الفضاء الأميركي نيل أرمسترونغ على سطح القمر (الصورة)، محققًا خطوة كبيرة فى تقدم البشرية، فقد خرج الإنسان أخيرًا من حدود كوكبه ليغزو الفضاء والأجرام الأخرى.
واليوم يخرج لبنان من جلده بعدما سلخوه، وهو ينتطر جول فيرن أخر يحقّق الإفتراض ليصبح واقعاً.
مسكين يا وطني؟!.