الدولة فقدت هيبتها، والبلاد باتت اسيرة الحوادث اليومية المتنقلة دون ايّ رادع، واستسهال استخدام السلاح في حلّ المشاكل، ممّا يرفع عدد القتلى والجرحى وذرف الدماء والدموع دون ايّ مُحاسبة، مع عودة ظهور سلطات الزواريب والاحياء الداخلية وحمل السلاح الظاهر للعيان والمراقبة الليلية، وانتشار شبان الامن الذاتي والطوائفي على الطرقات والاحياء والساحات، وكأن هذه الطبقة السياسية الفاسدة تحضّر الساحة الداخلية للفتن، وكأنها لم تشف غليلها من دماء الابرياء ولقمة عيشهم في الحرب والسلم.

وفي المعلومات، وحسب الشهود واخبار الحزبيين، فان جميع قوى 8 و14 اذار عادت الى اسلوب التدريبات العسكرية وتحديداً الشباب على استخدام السلاح الخفيف وقذائف «ب 7»، و«اربي جي»، وهناك مخيمات تحت عناوين كشفية يتمّ فيها التدريب العسكري، وهذه معلومات تملكها الاجهزة الامنية، كما ان جميع قوى 8 و14 اذار اعادوا شبكاتهم الامنية واجهزتهم. واللافت، ان هذه القوى تنظر للدولة انها الحلقة الاضعف، والبقرة الحلوب ولاول مرة تطغى هذه الاجواء منذ الطائف .

لكن الخطورة الاكبر حسب المعلومات، تكمن في ظواهر التسلّح والاستعدادات عند رجال الدين من كلّ الطوائف تحت شعارات الحماية ومُواجهة الاخرين، في حين ان جميع قوى 8 و14 اذار يستأجرون شققاً ويُحوّلوها الى مكاتب عسكرية. وتبيّن من حادثة كفتون واستشهاد الشباب الثلاثة، ان القوى الارهابية تخطط وتملك المعلومات والتنصّت والرصد والتنظيم والتخطيط والرؤية السياسية للتحرّك، مُستفيدة من التراخي الامني لاعادة ترتيب اوراقها، كما تحاول هذه القوى اقامة خلايا في مناطق حساسة كالناعمة وبرجا لقطع طريق الجنوب، واللافت، ان حادثة كفتون اظهرت مدى اجرام المنفذين باطلاق النار على الصدور والرؤوس مع السرعة الفائقة برمي الرصاص واختيار مكان الجريمة بدقة بحق القوميين واتهام القوات مُباشرة لاحداث الفتنة، واظهرت ايضاً خضوع المناطق المسيحية لمراقبة هذه القوى، كما ان الاشتباك الاقليمي الكبير يجعلها مادة وأداة لتحريكها عندما تأتي الساعة.

وفي موازاة ذلك، فان الفلتان الامني يشمل انتشار السرقات والتعديات الشخصية على الاملاك العامة والمشاعات وعدم دفع مستحقات الدولة ممّا يُبشر بانهيار وشيك، حيث الدولة لم تظهر في مثل هذه الصورة من الهريان حتى في ايام الحرب.

وحسب مصادر مُتابعة، ان ما يحصل يُصيب مشروع الدولة وبقائها، وهذا يستلزم الشروع بتشكيل الحكومة ومُلاقاة الجهد الدولي وعدم تضييع هذه الفرصة، لان الهيكل سيقع على الجميع وتحديداً على القيادات السياسية الذين حكموا البلد بمنطقين، منطق الميلشيات ومنطق الدولة، وخرّبوا الدولة بالمنطقين، وها هم حاليا يُكمّلون على ما بقي منها لصالح اقطاعياتهم ومناطقهم.

وتضيف المصادر، ان البلاد تحتاج لقامات سياسية غير موجودة باعتراف السفراء الاجانب والعرب ويستثنون سماحة السيد حسن نصرالله والرغبة بلقائه، اما الاخرون من السياسيين فكل همّهم «العشاوات» وتقديم التقارير من اجل خدمات، وسها عن بال الطبقة السياسية انها تلعب في استقرار البلد في اخطر ظرف استثنائي على لبنان والبلاد العربية منذ عقود، ولم تتعظ الطبقة السياسية من تجارب الماضي القريب والبعيد وانها قدمت اثماناً جراء انخراطها في لعبة الامم، وهذا الكأس شرب منه معظم عائلات ورموز الطبقة السياسية في لبنان، وكانت الحلول على حسابهم، وعلى القيادات السياسية ان تدرك انها تلعب في ظرف مصيري ولبنان ساحته الرئيسية مع قرار فرنسي مدعوم سورياً ومصرياً وسعودياً واردنياً وعراقياً بالتصدي عسكرياً للنفوذ التركي في كل الساحات وشمال لبنان سيكون ساحة من ساحات المواجهة.

وتختم المصادر السياسية بدعوة الجميع الى التعامل مع المرحلة بحكمة من اجل تخفيف الخسائر على اللبنانيين الذين ذاقوا الامرّين من تعامل الطبقة السياسية بفجور وخفة مع مصالح الناس.