أنطوان القزي

لدى إبرام صفقة الغواصات الفرنسية سنة 1916 كان ائتلاف الأحرار والوطنيين يحكم أستراليا ، وكان رئيس الوزراء الأسبق مالكولم تيرنبل ( الصورة) هو الذي وقّع العقد.

ويومها كانت الصين تسرح وتمرح في بحر جنوب الصين، تتنازع على جزر سينكاكو مع اليابان وتهدّد بضم الصين الوطنية «تايوان» وكانت تصفّق بقوة يومها لزعيم كوريا الشمالية كيم أون جون وهو يوزّع  صواريخه في جنوب شرق آسيا وصولاً الى جزيرة غوام الأميركية، وأذكر يومها  أنه هدّد بتوجيه صواريخه الى أستراليا وعاش الأستراليون عدّة أسابيع على أيقاع الخوف من تهوّر مجنون بيونغ يانغ.

الصين إذن كانت في عزّ جبروتها وتسلّطها، ورغم ذلك كانت الصواريخ الفرنسية «جيّدة» بالنسبة لأستراليا. فلماذا باتت اليوم سيئة؟.

سكوت موريسون يقول أنه غير نادم غلى الإنسحاب من صفقة الغواصات مع فرنسا لأن هذه الغواصات لا تفي بالغرَض وأن ما قام به هو من باب المصلحة القومية.. ودون أن يدري أنه أولاً أدخل أستراليا في كتاب «غينيس» للأرقام القياسية عندما ألغى أكبر صفقة في التاريخ الحديث من طرف واحد.

وثانياُ أدخل أستراليا في حرب باردة جديدة مع الصين بعدما انتهت هذه الحرب على الجبهة الأوروبية.

ثالثاً وضع نقطة سوداء في سجل مصداقية أستراليا لدى مواطني الإتحاد الأوروبي؟.

رابعاً تغيّرت النكهة الأسترالية في العالم ابتداء من اليوم بنظر المراقبين الأستراليين والدوليين.

ولوحظ أن المعارضة الأشد للحلف الجديد أتت من رئيس الوزراء الأسترالي الأسبق، بول كيتنغ، عبر انتقاده اللاذع سياسات بلاده الملحَقة بواشنطن، وخشيته من فقدانها سيادتها الوطنية، بحيث تصبح «معتمدة مادياً على الولايات المتحدة، التي سلبت من أستراليا أيَّ مظاهر في حرية الخيار، في أي انخراط لها قد تراه ملائماً» .

وذكّر كيتنغ واشنطن بحجمها في منطقة المحيط الهادئ، قائلاً «الصين قوة قارّية، بينما الولايات المتحدة قوة بحرية». وأضاف «أن الأرض تتغلّب على البحر في كل مرة» في زمن الصراعات، و»خصوصاً بين القوى العظمى».

ووفقا لرويترز، فإن هذه الخطوة ستؤدي إلى اندماج أستراليا بشكل أكبر في مدار الولايات المتحدة. ومن الناحية التكنولوجية والعسكرية، لو دخلت الولايات المتحدة صراعا في منطقة المحيطين الهندي والهادي فسيكون من الصعب جدا على أستراليا ألا تشارك فيها بشكل مباشر.

الصحافة العالمية أجمعت على أن جو بايدن يريد الخروج من مأزق الإنسحاب المخزي من أفعانستان الذي أغضب الأوروبيين وخاصة فرنسا وألمانيا وتسبب باستقالة وزيري خارجية بريطانيا وهولندا احتجاجاً. .. فعل ما فعله تحت ستار تشديد الحصار على الصين رادّاً الطعنة للفرنسيين بقبضة سكوت موريسون.

في وقت يشعر موريسون وبيتر داتون بالزهو ، فقد أعلن الأول  أن أستراليا ستستحوذ على صواريخ كروز أميركية من طراز توماهوك.

بينما أعلن الثاني أن الولايات المتحدة ستشرع ببناء قواعد عسكرية وجوية أميركية جديدة في المناطق الأسترالية الجنوبية.

فهل توافقون على عسكرة أستراليا بعدما قال موريسون أنه شخصياُ مسؤول عن إلغاء الصفقة مع فرنسا وأنه غير نادم على ذلك؟!.