عمًق سقوط مدينة تل أبيض قرب الحدود السورية التركية في قبضة مقاتلي «وحدات حماية الشعب الكردي»، الفجوةَ بين واشنطن والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وعزز إمكان ربط الإدارات الكردية الثلاث في «غرب كردستان»، وزاد من قلق أنقرة من قيام كيان مماثل في شمال العراق. لكن هذا السقوط طرح أسئلة عن أسباب انسحاب «داعش» من تل أبيض من دون قتال فيما يتقدم في مناطق أخرى بينها تدمر وسط سورية.
وكان مقاتلو «وحدات حماية الشعب» دخلوا بمشاركة رمزية من «الجيش الحر» إلى المدينة من طرفها، وحاصروها وقطعوا الطريق بينها وبين الرقة معقل «داعش» في شمال شرق سورية قرب العراق. وتعتبر استعادة تل أبيض النكسة الثانية للتنظيم منذ إعلان «الخلافة» في حزيران (يونيو) العام الماضي وإزالته الحدود بين سورية والعراق، وذلك بعد خسارته مدينة عين العرب (كوباني) في الخريف الماضي.
واللافت أن «داعش» لم يقاتل بقوة للبقاء في تل أبيض، مع أن خسارته المعبر الحدودي مع تركيا يقطع خط إمداده الرئيس باتجاه مدينة الرقة. وبسيطرة الأكراد على هذا المعبر يزداد تحكمهم بالمناطق الحدودية مع جنوب تركيا، حيث يتمتع «حزب العمال الكردستاني» بزعامة عبد الله أوجلان بنفوذ كبير.
ويعود القلق التركي إلى أن مقاتلي «الاتحاد الديموقراطي الكردي» برئاسة صالح مسلم المحسوب على «حزب العمال» والمصنف على قائمة الإرهاب الأميركي، يحقق المكاسب بدعم واشنطن، إذ شكلت غارات التحالف الدولي- العربي غطاء جوياً لتقدم المقاتلين في استعادة لمعركة عين العرب. وقتذاك، ترددت أنقرة في دعم الأكراد وضبطت المساعدات العسكرية التي أرسلها رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني المقرب من أنقرة، فردت واشنطن بإلقاء الذخيرة من الجو إلى الأكراد لزيادة الضغط على أردوغان.