أنطوان القزي
بالأمس قيل: شو هم جونية من هدير البحر»، واليوم لكثرة ما يتعرّض له البطريرك الراعي يقال:» شوهم بكركي من ذباب الممانعة». ..حتى أن “المطارنة يحملون المبيدات الى بكركي لرشّها أثناء اجتماعهم الشهري مع سيّد الصرح”!!!.
بتنا في لبنان معتادين على الخلاف والتراشق الإعلامي والسياسي والذي ينسحب بطبيعة الحال على مواقع التواصل الاجتماعي معارك افتراضية … لكن اللافت في الأيام الأخيرة هو الانحطاط في التعابير التي يستخدمها بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي والهجوم على الآخر المختلف بالشخصي وهو ما يحصل مع البطريرك الر اعي، خصوصًا ممن ينضوون تحت ما اصبح يعرف بـ”الذباب الالكتروني”..
وإن كان كل ذلك جزءًا من الحملات المتبادلة، فإن ما لا يمكن “هضمه” او تفسيره او حتى تقديم أي مبرّر له، هو ما يجري من قبل مجموعة من المستخدمين في ما يتعلق بالراعي، أقل ما يقال فيه انه منحطّ اخلاقيًا وساقط انسانيًا ولا يولي اعتبارًا لأي من القيم البشرية او آداب التخاطب والتعبير في هكذا حالات.
ومع التشديد على ان الخلاف السياسي او العقائدي والفكري امر طبيعي لا بل مطلوب في مجتمع تعددي تنوعي مثل لبنان، فإن الانزلاق الى منطق التشفي الشخصي غير الأخلاقي لا يمكن الا ان يكون دليلًا اضافيًا على الانحدار.
وتستعر حملة محور الممانعة على البطريرك لمطالبته بعدم جر لبنان الى حرب لا ناقة له فيها ولا جمل. كما طاولت الحملة كل من وافق وأيد البطريرك او عارض الحزب لخوضه مغامرات دونكيشوتية وتعريضه اللبنانيين للخطر.
على ما يبدو، فان اسرائيل واتباع الممانعة يتشاركون الكثير من الصفات ، فكل من يعارض اسرائيل وسياستها تتهمه بمعاداة السامية، وكل من ينتقدها تعتبره منتمياً الى «حماس»
وفي لبنان كل من يدافع عن سيادة الدولة ، يخوّنونه ويحبسونه في قفص شتائمهم؟.
خطيئة الرّاعي أنه تحدّث عن معاناة الجنوبيين
ورفضهم أن «يكون أهل الجنوب رهائن ودروعاً بشريّة وكبش محرقة لسياسات لبنانية فاشلة»، حتّى شنّت حملة
شعواء ضدّه على مواقع التواصل الاجتماعي.
فحملات التخوين على البطاركة الموارنة وغيرهم ليست جديدة، إذ رافقت البطريركية المارونية منذ نشأتها.
ولا يزال القول الشهير لحاكم لبنان العثماني مظفّر باشا إنّ «العشب سينبت على درج بكركي» عبرة لكلّ من يريد شطبها وخنق كلمتها. رحلوا كلّهم وبقيت بكركي ، لا بل نبت الشعر على ألسنتهم وهم يكرّرون المكرّر!.
صورايخ التخوين تطال البطريرك لأنه وضع يده على الوجع الجنوبي، ولأنه رفع صوته حيال مصادرة قرار الدولة، ولأنه ينطق من أجل كل اللبنانيين وليس المسيحيين وحدهم؟.
غريب هذا الذباب الألكتروني، الذي ينحدرمن مكانة صواريخ حيفا وما بعد حيفا لينحدر إلى إطلاق ذبابه، وهل يعقل أن تعيش مقاومة الضواريخ وممانعة الذباب على صفيح واحد.. فلماذا هذا الإصرار على إهانة بكركي «كلمّا دقّ موقف سيّدها بالوجع الحقيقي».
أيها المقاومون، لا تدعوا الممانعين يرفسون «سطل إنجازاتكم» ليشفوا غليلهم البطريركي»، ولا تدعوا صواريخكم تسقط في وكر ذبابهم؟!.