نظّم مكتب رابطة قنوبين البطريركية للرسالة والتراث في أوستراليا برئاسة بشارة كيروز، حفل إطلاق كتاب «الديمان عليّة قنوبين» للإعلامي الكاتب الزميل جورج عرب، برعاية سيادة المطران أنطوان شربل طربيه، راعي أبرشية أستراليا ونيوزيلندا ودول الباسيفيك للطائفة المارونية، وباستضافة دير مار شربل للرهبانية اللبنانية برئاسة الأب د. أسعد لحود، وذلك بحضور (ويللي وهبي، رئيس التجمع المسيحي الأوسترالي اللبناني، لودي أيوب فرح، رئيسة حزب الكتائب، ميشال الدويهي، الرئيس الإقليمي للجامعة الثقافية في العالم، طوني طوق وميرا الشدياق من رابطة بشري، القاضي جو متلج، رئيس نادي الديمان، طوني خطار، الرئيس السابق للمجلس الماروني، … أنتم لكم ترتيب وذكر بقية الأسماء)، الى حشد من المهتمين من مختلف أبناء الجالية اللبنانية، بخاصة بلدات نطاق الوادي المقدس اهدن وبشري وبلوزا وحدشيت ووادي قنوبين وبقرقاشا والديمان.
وقائع الإحتفال
قدمت الإحتفال الزميلة هنا رحمه، فنقلت، بداية، تحيات وبركة سيادة المطران طربيه واعتذاره عن عدم تمكنه من الحضور بسبب صحي طارىء، وقد كلّف رئيس دير مار شربل الأب د. أسعد لحود تمثيله في المناسبة. ثم تناولت مضامين الكتاب الجديد الحامل الرقم الخامس والسبعين في اصدارات الزميل عرب، والذي يندرج في إطار مشروع المسح الثقافي الشامل لتراث الوادي المقدس، الذي أعدّه الزميل عرب، وتحققه رابطة قنوبين للرسالة والتراث منذ حوالي 25 سنة. ويتضمن الكتاب وثائق تاريخية تنشر للمرة الأولى حول انتقال البطاركة الموارنة من وادي قنوبين الى الديمان، والدور الروحي والراعوي والوطني الذي لعبوه ولا يزالون، وحول أبرز المحطات التاريخية التي شهدها الكرسي البطريركي في الديمان منذ عهد الحويك والحرب العالمية الأولى، الى عهد عريضة والحرب العالمية الثانية، الى عهد المعوشي وما شهده من تحولات ديموغرافية فوق أراضي البطريركية في الديمان والجوار، وكانت في أساس هجرة أبناء تلك الأراضي الى أوستراليا وكندا وسواهما، فإلى عهد خريش وبداية الحرب اللبنانية، الى عهد صفير بمحطات الحرب وتسويتها وصولاً الى عهد البطريرك الراعي واستمرار دور الكنيسة المارونية ورسالتها. وأشارت الزميلة رحمه الى أن الكتاب يضيء، بالوثائق التاريخية أيضاً، على مسيرة تشكّل الجماعة البشرية حول الكرسي البطريركي في الديمان، وعلى أبرز المعالم الدينية والطبيعية التي تحتضنها أرض الديمان المتصلة بنطاق وادي قنوبين. ولفتت الى أن ريع الكتاب يعود الى دعم نشاطات رابطة قنوبين الثقافية ذات الصلة بتراث الكنيسة المارونية ودعوتها، الى الخدمات الإجتماعية والصحية والتربوية لعائلات محتاجة في الظروف الصعبة التي يمّر بها لبنان.
الأب لحود
ثم توالى المتحدثون على الكلام ، وبداية تحدث الأب د. أسعد لحود، وقال:
جورج عرب ابن الديمان، وعاشق وادي قنوبين طبيعة وبيئة وجمالاً وتراثاً وقداسة وبطريركية، مؤلف كتاب «حارس الذاكرة» تعرّف على المطران نصر الله صفير نائباً بطريركياً ثم بطريركاً، فأحبّ فيه روح الفضيلة والتّقوى والتّواضع والنسك والزهد، ومحبته للانسان والوطن، ودفاعه بشجاعة واخلاص عن قيم الكرامة والحق والحريات العامة والديمقراطية الحقيقية والاستقلال والثقافة والعيش المشترك والرسالة.
رافق البطاركة في الوديان والجبال، وجالسهم في البطريركية، يصغي اليهم ، ويسألهم ، ويتبادل الآراء معهم. وبحكم عمله الاعلامي كان يتردد يومياً على الكرسي ليسهل أمور الزائرين والاعلاميين. نتج عن هذه العلاقة صداقة ومودة واحترام وثقة. غرف معلومات قيّمة من خزانة أسرار البطريرك صفير، الذي سلّمه « محاضر سرية نشرت للمرة الأولى، وهي مدونات البطريرك في مهماته واجتماعاته مع شخصيات دينية ووطنية وعربية وأجنبية. فكان «حارس الذاكرة» صفحة من تاريخ لبنان المعاصر. يسلط الضوء على جهاد البطريركية المارونية في الدفاع المخلص عن قضايا الشعب والوطن معاً، ومقاومة بعض الاشخاص والاحزاب والدول التي عملت على خدمة مصالحها واستغلال المواطنين والوطن، وحالت دون تحقيق الوحدة والسلام بين اللبنانيين واشقائهم.
وأضاف: اليوم، لا أعرف أفضل من جورج عرب من يؤلف كتاب « الديمان علية قنوبين « ليس فقط لما يتحلى به المؤلف من قدرة وثقافة ومهارة لغوية ، بل كذلك لما يتميز به من قرب من الكرسي البطريركي وهو ابن الديمان، وهما مدخلان طبيعيان لفهم الوثائق والمحاضر والاسانيد التي عمل عليها بجد ووعي ومسؤولية ليضع بين أيدينا هذا الكتاب القيم، بأسلوب المتمكن، العارف، القابض على ناصية الكلمة قبضة القادر فيأتي نتاجه كاملاً ، يزاوج المتعة والفائدة.
وتابع: نحن في حاجة إلى حارس « الذاكرة « و « الديمان علية قنوبين» والى كل كتاب يقوي روابطنا بوطننا لبنان وبقرانا وبأهلنا، في زمن يقف لبنان عارياً وحافياً على حد سيف الازمات والمآزق والفواجع والخلافات والانقسامات، تتنازعه أهواء وتعصف به الاهواء ، وتتآكله المطامع وينخره الفساد ويسوس شعبه قادة معظمهم عاديون وتافهون، علينا أن نتعلم من تاريخنا، تاريخ الصمود والدفاع عن معتقداتنا، عن قيمنا المسيحية والمارونية واللبنانية، عن الحق والصلاة والتضحية ، علينا ان ننشيء أولادنا على ذلك،
لذلك أجل، نحن في حاجة الى « حارس الذاكرة « والى « الديمان علية قنوبين « في زمن بات المسيحيون اللبنانيون يتساءلون عن المصير في صحوهم وأحلامهم … وأمام أبصارهم تجارب مسيحيي هذا المشرق الكبير الذي افتقد برحيلهم عنه الكثير من الروعة والتنوع الخلاّق .
وختم: فلنظل نشهد للبنان كما عملت في سبيله البطريركية ابداً ، وكما ناضل في سبيله حارس الذاكرة: وطناً للسيادة والحرية والكرامة، وطناً للتنوع في العالم ، وطن الوحدة التي لا قيمة له إلا بها ، وطن الحياد والمحبة، وطن البطاركة العظام، الحويك، صفير والراعي، وطن الانسان الحر المفكر والمبدع، وطن القديسين، البطريرك الدويهي، الأخ اسطفان، مار نعمة الله، القديسة رفقا، والقديس شربل.
بشارة كيروز
مسؤول مكتب رابطة قنوبين في سدني أوستراليا بشارة كيروز ألقى كلمة رحّب فيها بالحاضرين، وبالزميل عرب، أحد مؤسسي الرابطة في لبنان، وقال: شرفني غبطة البطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الراعي بتعييني في 25 أيلول 2022 عضواً في مجلس أمناء الرابطة، أميناً لشؤون الإنتشار في أوستراليا. وها نحن اليوم ننظم هنا أول لقاء باسم الرابطة، برعاية سيادة راعي الأبرشية المارونية، وبالتعاون والتنسيق مع مختلف هيئات ومؤسسات الجالية اللبنانية المعنية. وسوف نطلق لاحقاً سلسلة من النشاطات المتعلقة بنقل التراث الروحي والوطني من لبنان الى أوستراليا؛ وهذه النشاطات تهدف الى تعميق ارتباط المنتشرين، بخاصة جيل الشباب، بجذورهم الروحية والثقافية والوطنية. ومن أجل ذلك تنتج رابطة قنوبين الكتب والأفلام باللغات العربية والأجنبية لتوزع في بلدان الإنتشار. وختم شاكراً رعاية المطران طربيه، واستضافة الأب لحود وحضور المشاركين المهتمين.
الزميل حرب
ثم كانت كلمة الزميل أنور حرب، ناشر النهار الأوسترالية، وجاء فيها:
قلم الزميل جورج عرب يحمل همين، هم الوطن المصلوب وهم قنوبين التاريخ والمعالم والنضال والمقاومة والبقاء … قنوبين البطاركة والإيمان، دون ان تغيب عن باله الديمان التي سماها «علية قنوبين» ، والتي وثقها في وجدانه ويراعه حكاية جذور وملاعب طفولة واحلاماً وناساً وجغرافية وهوية.
جورج الإعلامي ، جورج الكاتب ، جورج الموثق أطل من خلال مسيرته وعلاقته بالكلمة بمسؤوليات تربوية وإعلامية وبمشاريع تراثية وبمؤلفات أغنت مكتباتنا وحفرت عميقاً في ذاكرة الأحداث والبطاركة التاريخيين . واذا فلفشنا الزمان ، فالأمانة تفرض علي عدم استثناء أي بطريرك من عظماء كنيستنا ، ولكن تستحضرني سداسية من مثلثي الرحمة الذين حفروا عميقاً في تاريخ قنوبين وعلية قنوبين وهم تباعاً: الشهيد دانيال الحدشيتي، الإهدني اسطفان الدويهي، السائر على طريق القداسة، البشراوي الأبي أنطوان عريضة، التاريخي حارس الذاكرة مار نصرالله بطرس صفير وصولاً الى رأس الكنيسة الراهن مار بشارة بطرس الراعي وله التحية.
ومن يمكنه أن ينسى مذكرات المثلث الرحمة البطريرك مار نصر الله بطرس صفير في سلسلة «حارس الذاكرة»؟!. وعرب الذي أطلق «حديقة البطاركة» كأشهر المعالم الحديثة للكنيسة المارونية ، هو أيضاً «حارس بالسين وحارث بالثاء» الأول لحقائق تاريخية نقب عنها ووثقها في مؤلفات، والثاني حارث بالفكر والأناشيد والأوبرايات الغنائية والمطبوعات التوثيقية، الى أن وصل الى حبيبة عمره، الى الرحم الذي انطلق منه الى العلية التي احتضنت البطريركية صيفاً ، الى الضيعة التي عشق، الى مسقط رأسه ورأس أجداده وأجدادي في وليده الجديد «الديمان علية قنوبين» .
وأـضاف: الديمان ليست مجرد مزارعين وناس طيبين وشعراء ومحامين ومفكرين وفلاحين ومناضلين وإعلاميين.. .إنها أيضاً حكاية نجاح تحت الشمس حيث المنتشرون منها رواد في الفلاح هنا في استراليا، وفي طليعتهم القاضي جو متلج والراحل الباقي في البال شيخ الأوادم حبيب غصن، وهناك في كندا حيث عائلة رميا والقنصل الفارس وديع فارس ، دون ان نستثني أية عائلة أو أي فرد هنا وهناك .
وتابع: هذه الضيعة الباقية في وجدان الكاتب قصة وفاء، خصها جورج بهذا الكتاب الأنيق أناقة كلمته وصفاء تعبيره وعمق أحاسيسه ، وأحب أن يطلع الجيل الجديد على أرض الآباء والأجداد ، على الأحداث التاريخية والعائلات، على البشر والحجر والشجر ، فكان الكتاب باللغتين الإنكليزية والعربية، وللأمانة والوفاء، أستعير هذا التعبير من سعادة قنصل لبنان في كندا الاستاذ وديع فارس الذي خص الكتاب بمقدمة رائعة يقول فيها: «لقد حفظت منذ صغري من صاحب المزامير أن لا أخون أمانتي … وأمانتي للهوية وللأرض مرادفة للحرية «. وجورج كان في كتابه أميناً لكل من ناضل واستشهد واضطهد في سبيل الايمان والكرامة والحرية، وكان طبعاً أميناً ووفياً للأحداث والحقائق المتعلقة بقنوبين وعليّة قنوبين.
وأكمل: صديقي جورج، شكراً لك أكثر من مرة … شكراً لانك أخذتني الى التاريخ الذي علمني الكثير، تاريخ بطاركتنا التاريخيين . شكراً لأنك أمسكت بيدي الصغيرة وأعدتني الى التراب الذي دفن فيه أجدادي … شكراً لأنك حارس وحارث: حارس للأمانة وحارث في كلمة رفضت إلا أن تظل وفية لحقائق لن تغيب او تذوب لأن الديمان كقنوبين ولبنان، عصية على الرحيل والاندثار والموت، وهي كالبطريركية باقية مدى الدهر . والمثال على ذلك ان حارسها الأكبر في دنيا الانتشار سيادة المطران انطوان شربل طربيه هو نطف من قنوبين ونموذج من عنايا، صامد كالعاصي، وديع كالمحبة وصلب كـ «الأمانة والانفتاح».
وقال: قنوبين أنت الوادي المقدس … أنت القيامة وأنت الحكاية .
الديمان حلمي الباقي في الذكريات، أنت الساكنة في سكون تذكارات الله، لك مني الوفاء ، وستبقين كما صورك جورج عرب في كتابه ضحكة مائية انبتت علية قنوبين لترقص على ضفافها رياح الحرية والسماوات.
جورج، هنيئاً لك في كتابك.
التجمع المسيحي
ثم ألقى الزميل أنطوان القزي، رئس تحرير «التلغراف» ، كلمة التجمع المسيحي الأوسترالي اللبناني، معلناً فيها دعم التجمع لمشروع جمع وتحقيق تراث الموارنة وسائر اللبنانيين في أوستراليا. وقال:
كيف ترافق الإعلامي والبحّاثة جورج عرب، هل في اشراقة الذاكرة عبر سيَر الاحبار، أم في عبوسها عبر جحافل المماليك والعثمانيين التي دنّست صفاء الوادي؟ أم من كروم الحفافي التي عصرت خمر القداديس فأغنت كؤوس المذابح وخبزت برشان الغفران.
أم في سدني وأنت تراه يكرز وفاءً لأهله وأرضه حيث تفرّعت أغصان الشجرة القنوبية الديمانية.
ومع من تسير في قنوبين، هل مع القديسين ام المتصوّفين أم مع الرهبان المتسلحين بالصلاة والزهد والتأمل، أم مع الناس السائرين كل يوم على دربِ قيامةٍ جديدة؟ أم مع التراتيل الطالعة من أعماق الوادي ، تجلس على شرفة الديمان، تغرف من الماضي كنوز الروح وتزفّ الى المستقبل مارونية جديدة لا يتسع لها كون ولا تحصرها دائرة. إنه الوادي المقدّس المتحف الحي الذي يغفو في اعماق الروح وتشرق شمسه حيث وجه الله تاجٌ للقمم وحيث التراب يغزل ذهب النذور.
هذا الوادي ارتاده جورج عرب لأنه سليل ذلك الموروث الحيّ، ولأنه حفيد تلك الحضارات النضرة، ولأنه مؤمن ان هذه الايقونة الطبيعية التي رسمها الله ولونتها الملائكة وحماها الموارنة بأرواحهم لا تتسع لها السطور ولا تحصرها الخواطر.
وأضاف: قرأتك يا جورج في سيرة البطريرك صفير»حارس الذاكرة»، وعبرت معك تقلّب صفحات العصور ، واجمل العابرين من يحمل تاريخه وارضه في دفتي كتاب.
نذرتَ الوطنَ فعل حياة، نذرتَ البعد حنيناً وصبابة، عينٌ على الارض، عين على التاريخ وعين على الاغتراب، كأنك في حصادك تكرّم ارضك واهلك، تزنّر مساحة الوفاء سياجاً يلفّ محبّيك ، كأني بك تسمع نداء تلك الارض، تنهل من ورودها نقاء الصباحات وتخطف من جراح البعد بلاسم شفاء، كأنك ترصف المداميك العتيقة ترصفها، تقبّلها وترفعها ابراجاً قنوبية في ديمانك التي تحب.
وتابع: والتجمّع المسيحي الذي واكب إصدارات جورج عرب وآمن بمراميها ومضامينها وأهدافها، يشدّ اليوم على يديه ويعده باسم رئيسه والي وهبة وأعضاء أسرته أننا سنبقى مع أصحاب الأقلام النبيلة التي تؤرخ للحضور المسيحي في الشرق عامة والماروني خاصة، هذا الحضور الذي اصبح مدرسة في التصبّر والعناد في الإيمان. والتجمع سيبقى الى جانب جورج وكلّ مّن يحفر عميقاً لتبيان جذور إيماننا الحقيقي.
ولأنك تقول:»وربما كانت المعرفة الأكثر إلحاحاً هي معرفة الأجيال الجديدة، بخاصة في كندا وأوستراليا، لجذورها في أرضها الأولى « .
يسرني أن ألفتك أن اللبناني الأول مسعود النشبي الفخري الذي وصل الى استراليا سنة 1854 ، وهو من أطراف قنوبين ملأ حقيبته مسابح وأيقوناتٍ وصلباناً وصوراً للقديسين، وبعد إقامة تسعة أشهر في أدليد عاد الى لبنان. وكرّت السبّحة ليملأ القنوبيون أستراليا إنجازات وإعلاء مداميك.
من رشيد ويوسف عريضة اللذين بنيا معاملهم الكبرى في كوينزلاند سنة 1882 ، الى شلبية اسطفان عبدالله سمعان التي هاجرت سنة 1890 وقطعت 420 ميلاً وهي تحمل الكشة من سدني الى كوبار ، الى كاتلين ميخائيل المولودة في لبنان سنة 1903 وأول امراة اثنية تلتحق بالجيش الاسترالي، الى جولي كيروز اول امراة اثنية تنتج فيلما في استراليا سنة 1928 قبل ان يدخل الصوت الى السينما .. هذه عيّنة من الثمار القنوبية يا صديقي أزهرت وأينعت في أستراليا.
وأكمل: ان الماروني المهاجر، الذي حمل كشته منذ مئة وسبعين عاماً يجوب اطراف الكون، ترى احفاده اليوم يحنّون الى السير على درب قنّوبين والتبرّك من حجارتها وهوائها وانتشاق عبق البخور الطالع من جذور شتولها.. تتوالد الأجيال، تتبدّل الوجوه، تتغيّر المطارح، لكن قنوبين تلازم الموارنة في حلّهم وترحالهم دماً يسري في العروق وايماناً يشع في النفوس ولحناً بكل لغات العالم. هناك تركع الهامات الكبيرة بعد طول سفر، هناك تحجّ المواجد الى صفائها، هناك تُغمض العيون اجفانها على ماضٍ اعمق من البدايات وتتكئ الى قبور الأحبارفتجدها أرحب من ميادين العالم.
فباسم التجمع المسيحي،سلمت يداك جورج عرب، فغداً تعود مطمئناً الى هناك لتقول لتراب قنوبين ان كهوف نسّاكها أزهرت أشرعةً ومنارات خلف البحار، وان تمتمات شفاههم أينعت حبّات حنطة، وتقول لشرفات الديمان أن سواعد أبنائها الضارعة أصبحت أعمدة هياكل ورفّات أجنحةٍ تعانق النجوم وتردّد: المجدُ لله في العلى وعلى الارض السلام .
وختاماً، أظنك توافقني الرأي يا صديقي وأنا أقول:» إذا كانت الديمان عليّة قنوبين فإن قنوبين هي عليّة لبنان»…
وختم بالأبيات الشعرية التالية:
ليلك قداسة وراهبو سهران
وقنديل يعصر عتمتو بردان
كتابك يا جورج مرافق التكوين
جهد وسهر وحروف من ايمان
وموارنة بالكون منتشرين
معهم صلا النسّاك وين ما كان
جايب شموع وزيت قديسين
كتابك صدى لجراسنا بلبنان
رغم السفر منضلّ متحدين
مارون معنا وشربل السكران
ويوبيلنا قطّع الخمسين
بالأبرشية مع بطرك ومطران
بتصرخ بسدني شفافنا آمين
كلما انرفع ببلادنا قربان
وعطور قاديشا هون موجودين
بأستراليا صار الوفا عنوان
وجينا نقول اليوم ممنونين
قرينا يا جورج كتابك المليان
بيكرز صلا رهبان قنوبين
ويوصل صدى الترتيل عالديمان
الزميل عرب
ختاماً كانت كلمة الزميل جورج عرب. وجاء فيها:
بعد مذكرات البطريرك صفير نحقق اليوم عملاً متصلاً بدور البطاركة الموارنة ومسيرة انتقالهم من قنوبين إلى الديمان . ولم يكن لهذه الأعمال الثقافية أن تتحقق لولا التمسك بالهوية وبكنز الانتماء، لدى أبناء الجالية اللبنانية ، بخاصة المارونية، في أوستراليا، إن التمسك بالهوية متوّج بعناية ورعاية سيادة المطران أنطوان شربل طربيه ، راعي أبرشية أوستراليا المارونية، وراعي هذا اللقاء بمحبته وعمق رؤيته لمستقبل اللبنانيين والموارنة في أوستراليا. إن الهدف الأهم من كل هذه المبادرات الثقافية، التي تطلقها رابطة قنوبين البطريركية للرسالة والثراث، هو تعميق ارتباط جيل الشباب المولودين في أوستراليا بتراثهم وبهويتهم الروحية والوطنية. وكتاب اليوم المنشور بالعربية والانكليزية يتوجه الى الشباب أمل المستقبل في حفظ الأمانة والوفاء للبنان. ومن أجل ذلك كان السعي لتعميم هذا الكتاب في أوساط الشباب. وأسجل عميق الشكر والتقدير لمن أسهم في هذا الجهد، وقد بدأ مع عائلة المرحوم فواز فؤاد غصن، التي تبنّت توزيع الكتاب على عائلات الديمان في أوستراليا ، ومع نادي الديمان هنا برئاسة الصديق القاضي جو متلج والعميد طنوس يوسف ضاهر وسائر الأعضاء الشباب المعلقة عليهم الآمال ، وأتوجه في هذا اللقاء بأعمق مشاعر الشكر إلى رئيس دير مار شربل الأب أسعد لحود وسائر جمهور الدير لكلمته الطيبة النابعة من القلب والعقل، لاستضافتنا في هذا اللقاء، وللأخوة المتحدثين الأحباء بشارة كيروز و أنور حرب وأنطوان القزي، مع حفظ الألقاب، الذين أغنوا المناسبة بكلماتهم القيمة التي عكست عمق انتمائهم والتزامهم بلبنان الوطن الرسالة، ولكل منهم اسهامات مقدرة لتعميق هذين الانتماء والالتزام. وأشكر التجمع المسيحي الاوسترالي اللبناني برئاسة الصديق ويللي وهبي الذي له مبادرات سابقة عديدة داعمة لعملية نقل التراث الروحي والوطني من لبنان الى أوستراليا ، ولا يزال على هذا العهد . وأشكر الصديق جورج الغصين الداعم الدائم لكل مبادرات الخير والخدمة، وله الأثر الطيب في لبنان وأوستراليا وفي كل مكان يعرفه. وأشكر الآنسة هنا رحمة، ابنة الوادي المقدس، لا بل علم من أعلامه لتلطفها وإدارة هذا اللقاء إدارة جمعت جمال الشكل والمضمون. وأشكر الصديق جو طوني ضاهر ، ابن الديمان، لاهتمامه بانجاح هذا اللقاء، وتنظيمه ولكل جهوده المخلصة مع سائر شباب الديمان المتعاونين المتضامنين.
تبع ذلك توقيع الكاتب كتابه للحاضرين، فضيافة المناسبة والصور التذكارية.
جورج عرب يشكر (ضمن كادر)
يشكر الزميل جورج عرب جميع الذين تعاونوا لانجاح حفل إطلاق كتابه الجديد «الديمان عليّة قنوبين» ، ولاتمام زيارته الى أوستراليا . يتقدمهم سعادة قنصل لبنان العام الأستاذ شربل معكرون، وسيادة المطران أنطوان شربل طربيه. ويحيّي رئيس دير مار شربل الأب د. أسعد لحود، والمتحدثين في الحفل السيد بشارة كيروز والزميلين أنور حرب وأنطوان القزي، ومقدّمة الإحتفال الزميلة هنا رحمه، ونادي الديمان برئاسة القاضي جو متلج، والمنظّم جو طوني ضاهر، ويقدّر، باسم جميع المستفيدين، الدعم المعنوي والمادي الذي قدّمه داعمو المناسبة التجمع المسيحي الأوسترالي اللبناني برئاسة ويللي وهبي، وشركة غصين غروب لصاحبها جورج الغصين، وشركة JABBSCIVIL لصاحبها بشارة كيروز، وعائلة المرحوم فوّاز فؤاد غصن، بالإضافة الى مساهمات جميع الحاضرين الكرام. ويسأل الله أن يعوّض الجميع صحة وتوفيقاً، وأن يمكننا من تحقيق مشروع جمع التراث اللبناني عموماً، والماروني خصوصاً في أستراليا.