أنطوان القزي

غريبة هذه «الطحشة» على الترشّح للإنتخابات النيابية التي ستجري في 15 أيار المقبل، ومعظم المرشحين لا أمل لهم، لا بل أملهم معدوم بالوصول الى ساحة النجمة، وغريب هذا التشرذم في صفوف «التغييريين» وهم يجهضون أحلامهم بأيديهم!.
فالساعون الى لقب «صاحب السعادة» بلغوا 1043طامحاً ليملأوا 128 مقعداً..
«ويبدو واضحاً من خلال الرقم الذي لم يُسجِّل لبنان مثيلاً له في تاريخه المعاصر، أن المناصب ما زالت تسهتوي جزءاً كبيراً من الشعب اللبناني، مهما بلغت الهوّة التي وقع فيها بلده، بالإضافة – طبعاً – إلى التمسّك بالحكم والسّلطة وعدم التنازل عنها مهما تغيّرت الظروف والأوضاع».
ويبدو أن الثوار التغييريين يعتقدون أنّ «كلّ من شارك في تحرّك اعتراضيّ، أو تظاهرة، أو أعلن موقفاً، أو تمرّد على حزبه، يُريد أن يكون مرشّحاً أو نائباً، ومُزايداً في الوقت نفسه على غيره، بل يجب أن يقبض ثمن ثورته مقعداً برلمانياً؛ فحتى السّاعة لا تفسير واضحاً لإقدام مجموعة مدنيّة-تغييرية على ترشيح أكثر من 65 شخصاً، كما لا يُمكن تفسير إصرار جميع الناشطين في التحرّكات على الترشّح وتمسّكهم بهذا الترشّح، ولو أدّى إلى التشرذم وعدم القبول بالتّضحية، ولو لمصلحة رفاقه من التوجّه نفسه، ممّا يجعل إمكانية الفوز صعبة جداً، خصوصاً أن المواجهة تتمّ مع أحزاب منظّمة، وتملك مقدّرات كبيرة وماكينات انتخابية ضخمة وتُجيد العمل الانتخابي».
كنتُ أتابع يوم الجمعة برنامج «صار الوقت» في حلقة مخصّصة للشباب الذين يزعمون أنهم ثوار وأنهم مستقلون. وكم كانت خيبتي كبيرة عندما رأيت أن 95 بالمئة منهم حزبيون حتى العظم يدافعون عن أحزابهم وتياراتهم بشراسة.
فهذا جاء من طرابلس يقول أنا مستقل، وراح يدافع عن الحريرية السياسية. وفتاة ثانية « مستقلة» نازلة من الجبل لتقول ان الحزب التقدمي الإشتراكي خط أحمر، و» مستقل» ثالث جاء من الضاحية ونصّب نفسه محامياً عن حركة أمل، و» مستقلة» رابعة جاءت من زغرتا لتدافع عن مرشح القوات مخايل الدويهي و أنه تعرّص لاعتداء ليقفز من بين الحضور «مستقل» آخر مدافعاً بقوّة عن تيار المردة والموضوع «محمية» إهدن.
عدا الكتائبيين و»المخزوميين» أتباع فؤاد مخزومي، والعلمانيين الذين تتطاير المذهبية والطائفية من أشداقهم!.
وبعدما رأيت الهجمة «القياسية» على الترشيحات، وبعدما تابعت حلقة «صار الوقت» التي حوّلها «المستقلّون الى «طار الوقت» ، فهمت لماذا عزف زياد بارود عن الترشّح ، فهو يريد أن يحافظ على مصداقيته واحترامه وتقدير الناس لمواقفه ومسلكيته يوم كان وزيراً.
فصاحب المعالي زياد بارود لا يحتاج الى «صاحب السعادة»، إذ يكفيه ما له من رصيد في عقول اللبنانيين. ويكفيه أنه اليوم «بارود العازف».