كاتب الرأي والباحث: منير الحردول
-المملكة المغربية-

البعض ممن لديه تفكير ميكانيكي في قطاع التربية والتعليم، وحتى قطاعات اخرى، ينظر بنظرة دونية للأدب، والشعب الأدبية والعلوم الإنسانية، وكأنه بعلمه الذي اكتسبه من خلال اجترار النظريات التي انتجها أهل العلم الحقيقيون، في البلدان التي تقدر الفكر والأدب والعلم على حد سواء!  هؤلاء يتجاهلون تمام الجهل، قيمة الفكر والأدب في حياة الأنسان السوي العاقل!
فأهل المعرفة والتواضع يقدرون قيمة الأدب والفن بمختلف أبعاده، والفلسفة، واللغة، والتاريخ والجغرافيا، في تكوين شخصية قادرة على التحليل والتركيب والتفسير والإحساس بالوجود كتكامل، وليس كآلات جامدة، تلهث وراء الماديات المجردة، الخالية من أية مشاعر وأحاسيس إنسانية عاقلة!

فعلى من يتبجح بالعلم، ويهين العلوم الإنسانية، أن يجيب ويعطي للواقع، وللبشرية قاطبة انتاجاته العلمية، والتي تهم الفضاء والطب، والرياضيات والفيزياء وغيرها..فإذا كان البعض يجتر المعرفة العلمية للعلوم البحتة لكي تصل لمنصب ما، فما عليه إلا الاستحياء واحترم جميع التخصصات، والتي لها قيمتها الفكرية والنفسية والوجدانية الأخلاقية وهكذا دواليك!

ولعل الهرولة اللامفهومة للبعض في اتجاه احتقار الشعب الأدبية، والشعب المرتبطة بالعلوم الإنسانيةبصفة خاصة، يطرح أكثر من علامة استفهام، خصوصا في ظل سياسة الرفع المعنوي لمعاملات المواد البحتة، مقابل إحداث نوع من التمثلات المرتبطة بدونية العلوم الإنسانية والاجتماعية، وهو ما يستشف من خلال التباهي بالتخصصات والميولات عند الكثيرين،  ممن يفترض فيهم شمولية التكوين للمواطن الصالح او الإنسان الكامل من حيث صفات البشر العاقل.

وهذا ما دفع اغلب التلاميذ والطلبة خصوصا في الوطن العربي، إلى تكوين أفكار أقل ما يقال عنها انها متخلفة، فاصلة للعلم، آلية ميكانيكية، مجردة من قيم ونبل وأحاسيس ملهمة، موجودة ومغروسة في علوم برع وتفنن فيها العظماء عبر مر التاريخ، عظماء من كل الأجناس، “كجبران خليل جبران”، و”طه حسين” و”ابن خلدون” و”فيكتور هيجو” و”أفلاطون” و”هيكل” و”ماركس” و”شكسبير”و”عابد الجابري” وغيرهم ليس بالقليل!