بقلم نوفل حنا نوفل – سدني

كل عام مثل هذه ألأيام يعّيد العالم المسيحي بأسره عيد الفصح اي عيد المصالحة مع الله ، وإتمام عمل المسامحة والفداء على خشبة الصليب من اجلنا نحن البشر ، فمن البديهي جداً ان تبقى جميع أيامنا أعياد وذكرى مجيدة ومقدسة ذكرى عذاب المعلم الصالح وموته على خشبة الجلجلة بين اللصوص ، فهل نكتفي فقط بذكرى الصليب والفصح المبارك ، لكن الهدف من هذه الذكرى هو الإنجاز العظيم الذي حققه والذي اكمل به كل شيء ، والهدف الاخر هى المحبة الالهية ، الذي تجسد بها من اجلنا وأحبنا حتى الموت من اجل خلاصنا لنصبح له شعباً مقدساً وكنيسة ابدية بلا عيب أو خطيئة ، واهم واعظم امثولة صنعها لنا الرب يسوع المسيح على الصليب هى المسامحة والغفران إلى جميع الذين اهانوه وشتموه وجلدوه وعذبوه وصلبوه،
هذا العمل الجبار وهذه المسامحة وهذا الغفران قمة في التضحية والمحبة وعمل عجائبي فريد جداً في تاريخ البشرية ، واعظم درس للعالم اجمع عندما ننفذ ايماننا في اعمالنا ، ونسامح بعضنا بعضاً على كل شيء ، كي نستطيع ان ننتصر على كل الشرور وكل أنسان شرير ، فمن صليب الجلجلة نستطيع ان ناخذ اهم دروس واهم تعليم عن المحبة والصفات الحميدة ومسامحة الاعداء ، لينطلق علم شعار السلام في جميع ارجاء العالم ، لكي يعلموا بالفرح العظيم الذي حققه المسيح الرب على الصليب والذي راينا عظمة مجده وانتصاره في اليوم الثالث ظاهرا في الجسد الممجد ، ليثبت لنا الرجاء الحقيقي بالانتصار على العدو الغير منظور ، بواسطة المثابرة على الصعوبات المستحيلة ولم يتراجع عن مهمته وهدفه المقدس معطياً لنا الكلمات والصفات والكنوز المقدسة التي تكلم بها على الصليب ، اغفر لهم يا ابتي لانهم لا يعلمون ماذا يفعلون، انتصر الرب على العالم، وعلى الشرور والحروب والخطيئة والجحيم والهاوية وسلطان الموت في صعوده على خشبة الصليب ، من دون اي سلاح او جنود او مساعدة، لان المحبة التي صلبته لا تسقط ابدا، لانها قوة الله في كل انسان مؤمن لكي تبعد عنه سهام أبليس المحرقة ، وتنصره وتقيمه من الموت وقاع الجحيم ,
يا ريتنا نتعمق على ان نتفهم ما هو معنى وهدف الصليب، هل هو ضعف ام هو قمة القوة والانتصار على الباطل ؟ يعلّمنا الكتاب المقدس ويحذرنا على ان صراعنا ليس مع لحمٍ ودمٍ ، بل هو صراع مع جنود الشر الروحيين ، ومع اله هذا الدهر رئيس سلطان الهواء أبليس ، الذي هدفه الوحيد هو الانتقام والفساد والدماء والنميمة والقتال والخراب والخزي والموت لجميع الناس ، صعد المسيح على الصليب من اجل ان لا يبادل الشر بالشر، لانه اله حق ،واله سلام ،واله محبة ،
من حيث عدو الله ابليس منذ البدء فرض غضبه على العالم الحروب الروحية الشرسة الغير منظورة ، لكن علّمنا وأنذرنا الرب في كتابه المقدس ، بان لا تقاوموا الشر بالشر، ولا تخافوا من الذي يقتل الجسد ، بل خافوا وتجنبوا من الذي يقتل الروح والجسد سويتاً ، وقرأنا أيضاً عن الاهتمام بالجسد عدواة لله ، من حيث نحن لا نريد جسد الأمراض والأوجاع والموت ، لكننا بأمسً الحاجة إلى الجسد الممجد الروحي المقدس ،الذي لا يفنى، ولا يمرض ،ولا يحزن، ولا يموت، هذا الجسد الذي ولد من الله ليس بمشيئة رجل ، هذا ما قاله الروح القدس إلى المتبتلة العذراء مريم ، والذي أثبته لنا الرب عندما جاء اليه رئيس ومعلم اليهود نيقوديموس ، الذي قال له يا معلم كيف استطيع ان ارث الحياة الابدية، فقال له يسوع ينبغي ان تولد ثانية ، المولود من جسد ، جسد هو ، لكن ينبغي ان تولدوا من العلى من ابي الانوار، من روح الله القدوس بواسطة ايماننا بعمل المسيح الجبار على عود الصليب ، وحلول الروح القدس على كل إنسان يؤمن به وبكلامه من دون اي شك ،ففي النهابة نحن نعلم ان الجسد سيموت لانه من لحمٍ ودمٍ ليس جسدا لكي يحيا إلى الابد ، لكن ان كنا نعتمد على جسد الإنسان الارضي الباطل الممتليء امراض وضعف وبلية، فسوف يكون ايماننا باطل ورجاءنا ضعيف وفاشل وفناء ، وحياتنا فارغة وباطلة الأباطيل ، لا مغذى ولا معنى لها ، نحن نعيش ونحيا على الوعد الالهي الذي قاله لنا فيه كل من امن بي وان مات فسيحيا ، لاننا على رجاء القيامة المجيدة بالجسد الروحي النوراني الذي لا يمرض ولا يموت بل نحيا به إلى الابد بجانب الله في رحاب المجد وحاضرة المعجزة الالهية جسد الرب الروحاني المبارك القدوس الذي هو بلا عيب يسوع المسيح له كل الشكر والحمد، من حيث نحن المؤمنين سنكون ملكاً له وشعباً له مباركين في فردوسه، خالدين أبراراً بلا خطيئة ولا عيب ،إلى ابد الآبدين والدهور الاتية آمين .