المهندس نقولا داود – سدني

سقط الوطن في حفرة عميقة جدا،

جدران الحفرة ملساء ،

والخروج من الحضيض يشبه الاستحالة،

فالقضاء أمر بالموت المحتوم،

والقدر نفذ الأوامر ، فالجاذبية تشد الساقط الى صلب الأرض ،

ليتدور ويتحلل مع العوادم ..

مهلا ..مهلا ايها القضاء ،

استعجلت الحكم والقصاص على وطني،

صحيح ان قانون الطبيعة حكم بالعدل،

والاتهامات لا تحتاج الى دلائل ،

فالانتهازية تضعف الولاء، وسرقة المال العام تلد ضعف المال الخاص،

وتوريث القيادة السياسية استصغار للعقول الناشئة ولطموح الشباب الصاعد،

والاستزلام للارادات الخارجية  يصيب عزة الوطن بالوهن،

والتفرقة المذهبية  ونتائجها السياسية تضيع الفكرة الأصلية .. فكرة الوطن،

والدجل المستشري من المسؤولين يحكم على كل اجهزة الدولة بالتآكل ،

وكل السلبيات المذكورة موثقة ومعروفة وواضحة كالشمس الشارقة،

نعم ، حكمت ايها القدر على وطني بالموت ، وحكمك عادل..

لكننا نقدم طلب الاسترحام، نطلب رحمة بإسم الاغتراب المتحرق ،كل على قريته وكيانه، والمقيمين الذين لا حول ولا قوة لهم ،

ويسيرون كجنود الحروب الاسرى، وهم مسلوبي الارادة،

وبإسم الاجداد الذي تعبوا لتوريث الخيرات الفكرية والمادية والمعنوية لاحفادهم، وبإسم كل من استشهد او شقى وحلم بالغد الافضل.

الوطن فكرة جيدة ، وحرام على الفكرة ان تموت، الوطن لقاء بين مكوناته الطبيعية والقيم الاخلاقية،  الفكرة هي ان يتقوى الوطن ويكون رسالة انسانية ويتوسع جغرافيا ،

 ليشمل جغرافية الجيران، بجاذبية الإنسانية لا بقوة السلاح والبطش الغاشم، هل ماتتت الفكرة؟ وهل نحن نتفرج على جنازة الفكرة؟ وغير مبالين؟

ارحمنا يا قضاء لله، ويا عدل الطبيعة، الفكرة الجميلة متأصلة في فكر الأحرار الذين لا يريدون شيئا لأنفسهم واصحاب الفكرة كثر،  على مساحة الوطن والعالم،

سيجدون السبل لمد الحبال الى قعر الحفرة لإنقاذ الفكرة التي سقطت،

وسيصعدون الفكرة مجددا ، مهلا ورويدا ، الى النور والحرية والبقاء والاستمرارية..

قديما كانت الناس تحلم بالمدينة الفاضلة  .. مدينة افلاطون،

والفضيلة قادمة لتسود لا محالة .. بعد هول السقوط،

وفي قعر الحفرة سندفن جهلنا  وخطايانا، وأسباب انهيارنا،

وليس لنا خيار سوى الصعود الى النور، بجهد وتصميم وعناد،

إنه الصعود العظيم.