د. خلود العبيدي – سدني

?تمت الانتخابات العراقية في العاشر من شهر تشرين أول /أكتوبر. تسعى الانتخابات لاختيار329 ?ممثلا للهيئة تشريعية أو مجلس النواب في العراق. ?هذه الانتخابات كانت قد وعدت بها الحكومة العراقية ?كأحد مطالب ثوار انتفاضة تشرين ?حين خرج أبناء العراق يطالبون بحقهم في «وطن». ?وقد تفاعل مع هذا الحراك الجاليات التي خرجت مؤيدة ومساندة لهذه الانتفاضة ومنها المظاهرات التي شاركت فيها الجاليات العربية والعراقية في الهايد بارك في سيدني وفي ملبورن.

?كانت مطالب المتظاهرين تتلخص بتغيير الحكومة وإجراء انتخابات مبكرة. وقد تمت بالفعل استقالة رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي واستلام مصطفى الكاظمي رئاسة الوزراء الذي مهد لعملية الانتخابات.

?الانتخابات العراقية بمجملها كانت عملية ناجحة وتستحق كل الاحترام والتقدير. ?التهيئة لهذه العملية تثبت بأن هناك اهتماماً بالانتخابات والحرص على شفافيتها. ?أولا بدأ بإصلاح قانون الانتخابات. كان أحد نتائجه هو تقسيم المناطق الانتخابية. في البداية بعد عام 2003، كان النظام الانتخابي يعتمد على الدائرة الواحدة أي أن العراق كان دائرة انتخابية واحدة. ?الانتخابات الحالية تقسم العراق إلى مناطق انتخابية هذا يجعل العلاقة مباشرة وثيقة بين ?المرشح وناخبيه ويضعف سيطرة الأحزاب والكتل السياسية ومصالحها البعيدة عن خدمة العراقيين. ?الفائز في الانتخابات سيكون تحت مراقبة ناخبيه وسياسته يجب أن تكون  لخدمة من انتخبوا ومناطقهم.

?ومع أن النتائج غير مكتملة واسماء الفائزين تتوالى إلا النتائج تتوقع فعالية النظام الجديد. ?رئيس البرلمان السابق الأستاذ محمد الحلبوسي أعيد انتخابه.  ?وكان قد صرح ?? ?بأن 40 من مرشحي كتلته  «تمدن» حصلوا على مقاعد في البرلمان. ?وهذا يوضح أهمية التغيير الذي ?تم في ?الدوائر الانتخابية. ?لأن السيد الحلبوسي ساعد على إعادة إعمار منطقة الانبار، حتى صارت مثالاً للأعمار. ?

??النتائج أيضا بينت بأن مرشحي ?انتفاضة تشرين استطاعوا أن يحصلوا على مقاعد في البرلمان. ?وهذه النتيجة ظهرت في المحافظات الجنوبية التي ابلت بلاءً حسناً أثناء الانتفاضة. ?إنه لمن دواعي الفخر أن يكون الناخب العراقي وفياً لدماء الشهداء الزكية ويختار ممثليه من قيادات ثورة تشرين.

?

لقد توفرت لعملية الانتخابات إمكانيات تليق بدولة مثل العراق. لقد حضر مراقبون من الأمم المتحدة  والاتحاد الأوروبي يراقبون هذه العملية. ? ?وجود المراقبين ?سواء كانوا من أبناء الشعب أو ?من المراقبين الدوليين يثبت أهمية وشفافية العملية. ?ولاسيما أن المراقبين الدوليين وصل عددهم بالمئات يوضح أن هناك ميزانية كبيرة خصصت لتأمين نزاهة الانتخابات. ?ويتبين ذلك في الإمكانيات المادية التي توفرت للعملية اللوجستية التي رافقت الانتخابات، وأعداد المراكز الانتخابية وحمايتها.

?هذا الاهتمام الواضح والرعاية للانتخابات كان على كل من يحق له الانتخاب أن يدرك أهمية المشاركة بصوته. ?لقد كانت فرصة قد لا تتوفر في المستقبل أن يحصل هذا الاهتمام على الانتخابات وبحضور مراقبين دوليين وهذا يبطل أي ادعاء يقوم به المقاطعون للانتخابات.

?النظام الديمقراطي هو النظام الأكثر انتشارا في العالم  ?في الدول المتقدمة.  انه نظام يعكس تحضر المجتمع. ?هذا لا يعني أن دول العالم لا تعاني من مشاكل وفساد و تنافس بين القوى السياسية بل بالعكس هذه المشاكل موجودة في كل الدول الديمقراطية. الديمقراطية تعني المشاركة والتداول السلمي للسلطة وحرية الشعوب في ممارسة حقها في اختيار ممثليها. ?الديمقراطية نظام سياسي انتشر في القرن الماضي وإن كان مفهومه اللفظي قديم حيث استخدمه اليونانيون لنظام حكم مدن صغيرة عن طريق ما يسمى بالديمقراطية المباشرة. ?النظام الحالي هو نظام مؤسساتي يعتمد على وجود أحزاب لأنه نظام نيابي أي أن ممثلين عن الشعب هم الذين يقومون بتشريع القوانين ومراقبة السلطة التنفيذية. ولهذا  النظام يتأسس بوجود أحزاب ولذلك ايضاً فمن أول مظاهر الدكتاتورية هو محاربة الأحزاب. ?تبلور الكتل السياسية والأحزاب يحتاج إلى فترات طويلة في حياة الشعوب لبلورة نظام حزبي مناسب.  ولا يجب أن نتوقع الفشل وان نحبط المجتمع الذي يريد أن يمارس الحياة الديمقراطية لأسباب عرضية ستزول في المستقبل كلما تربت التقاليد الديمقراطية في المجتمع. لابد للمجتمع أن يتعثر فترة ولكن المسيرة الديمقراطية? تتبلور في النهاية.

?ولقد شاركت في هذه العملية أكثر من ثلاثة آلاف مرشح. ?وهذا يبطل حجة ?المقاطعين بأن المرشحين فاسدون. ?ليس من حق أي جهة مهما ادعت الوطنية أن تتهم أكثر من ثلاثة آلاف عراقي وعراقية بالخيانة والفساد. ?من ترجل ليرشح اسمه وتحمل عبء الحملات الانتخابية يستحق كل التقدير والشكر سواء فاز أم لم يفز.

?? ?حاول المقاطعون أن يشككوا  بنسبة المشاركة. ?المفوضية العليا للانتخابات إعلانات انه نسبة المشاركة كانت 41%. ?وهذه نسبة جيدة. ?وبدون جدال ضعف المشاركة ليس دليل فشل العملية الانتخابية بالدليل شراسة التحديات وضعف الوعي الديمقراطي عند بعض أبناء الشعب العراقي.   لقد قامت جهات عديدة  بمحاولات تثبيط وتشكيك الناخب العراقي  في الانتخابات. ورغم ذلك النتائج أثبتت مشاركة مقبولة وعدد هائل من المرشحين.  المطلوب من الشعب العراقي في المرحلة القادمة أن يكون أكثر وعيا.  الانتخابات حق للعراقي والعراقية ولذلك يجب أن يدافعوا عنه. ?ولو نظرنا إلى أهل خبايا ونوايا المشككين بالانتخابات سنجدها كلها معادية وتمثل جهات أجنبية في العراق.  لو سألت المقاطعين ما الحل إذا كنتم لا تؤمنون بالانتخابات؟ هم يتصورون ان هناك «قوة دولية» ?ستأتي من ?من حيث لا ندري ?لتسلمهم السلطة جاهزة. ?هذا وهم  لن يحدث أبدا لأن الجهة التي يمكن أن تسلمها امريكا السلطة يجب ان تكون ?لديها قوة وقاعدة شعبية وقادرة على مسك زمام الأمور وقيادة الدولة.  فلا ?توجد جهة في الداخل أو الخارج تسلم السلطة لمجموعة تتقاعس ان تذهب الى مركز انتخابي.

المقاطعون استخدموا أسلوباً فاشلاً بالتشكيك بالانتخابات. انهم اكبر الخاسرين. المقاطعون لم يقدموا حلاً بديلاً عن الانتخابات لتصحيح الأوضاع في العراق غير الطرق الانتهازية التي تتصور ان جهة خارجية يمكن ان تساعدهم «وبدون ثمن غالٍ» يكلف العراق سيادته. الانتخابات هي الطريقة الافضل لإحداث التغيير