أنطوان القزي

لم يبقَ رئيس أو ملك أو نائب رئيس أو رئيس حكومة من المتناوبين على الكلام في قمّة جدّة إلا وضمّن كلمته كلمه إطراء أو مدح أو اغتباط بحضور الرئيس السوري القمة وعودة سوريا الى مكانها الطبيعي!.
هذه الهجمة العربية الشاملة للترحيب بالأسد لا تنسحب على معظم الشعب اللبناني الذي يتوجّس من عودة الأسد ليحتلّ مكانه بين الأشفاء، لأن اللبناني لا ينسى أن الأسد فعل ما فعله في لبنان يوم كان شريكاً في الجامعة العربية وأن خوفه اليوم مبرّر لأن العرب كانوا يتفرجون في الماضي على جلد شقيقهم الأصغرمكتفين ببيانات الشجب أو إرسال مبعوثين يكرّرون ذات اللازمة لدى وصولهم ومغادرتهم.
لدى العرب رقض وارتياح ولدى اللبنانيين تذكير بالجراح.
ذكّرتني عودة الأسد بما حصل للمصري مع أكلة الكبسة السعودية، وقد قرأت امس الأول على لسان مواطن مصري كان يزور السعودية إسمه محمد علي النور شرف ما يلي:
«في البداية عندما ركبت الطائرة كنت أفكر بالمثل القائل: (اللي طلع من داره قلّ مقداره)، وبعد أن وصلت إلى جدة كنت أفكر بالعودة في أسبوعي الأول لعدم تعودي على الغربة، ولكن يوماً بعد يوم تزداد صداقتي، وعاماً بعد عام يزداد حبي لجدة وأهلها خاصة والسعودية عامة، وهذه شهادة لله، فأنا أحمد الله بأن كتب الله لي بأن عشت أكثر من الأربعين عاماً بأرض الحرمين الشريفين، فطيبة أهل السعودية تشعرك بأنك وسط أهلك وليس غريباً.
وفي يوم من الأيام من كرم ضيافة السعوديين دعاني صديقي السعودي لحضور فرح أخيه، وذهبت وجلست مع بعض الأصدقاء نتسامر ونحكي، وفجأة سمعت من بجواري يهلل بصوت عالٍ: (الكبسة) جات، الكبسة جات. وقفت مذعوراً وهرولت نحو الباب جرياً ممسكاً بطرف ثوبي بأسناني وكأنني في سباق ماراثون للجري، ولحقني أحد الأصدقاء وقال لي وهو يلهث من الجري ورائي: ايش بيك يا أبو حميد؟! مالك فزعت وجريت؟! قلت له: ازاي أستنى لغاية ما الكبسة تجي تمسكني؟! هو أنا عملت حاجة، ده أنا والله بأحبكم. قال لي: يا أخي، الكبسة هي الأكلة المفضلة عندنا الرز باللحمة».
عدت وقلت لهم: أنا آسف لأن الكبسة عندنا في مصر تعني مداهمة بوليس، ونسيت معنى الكبسة المصرية وأخذت ألتهم الكبسة السعودية اللذيذة.
انتهى..
الأسد لدى العرب هو الأكلة المفضلة بالرز واللحمة، اما عند اللبنانيين فهو «كبسة البوليس» .. وفهمكم كفاية.

ختاماً ، قيل في الماضي أن العرب لا يقرأون وباتوا اليوم لا يقرأون ولا يرون.
وعلى صيادي بحر بيروت وطرابلس وصيدا وصور وبيبلوس أن يفكّوا عقدّ شبكهم بأيديهم لأان العرب وقعوا مجدداً في شباك الأسد؟!.