رغدة السمّان – سدني

قراءة في كتاب «أنا لم أكن أنا»
إحتفاء وحضور طاغٍ ، بعد أن آنس المكان وأستحوذ على لُبّه وأصبح معجماً لكتابه الشعري الخامس» أنا لم أكن أنا «…إجتمع الأوفياء محتفلين ومشاركين لأرض ابن  لبنان وتراث بلدة أَردة…
بدأ بقراءة المقدمة الدكتور عماد برو حامل لواء الثقافة والإنسانية والمهام ،التي تُعنى وتُعلي من شأن العقل العربي في خِطابه مستمداً رؤية خاصة للشاعر بدوي الحاج. ما كتبه بمداد قلبه لا بحبره، كلمات في محراب الأدب ورسالة الشعر العامرة بِرقّي وأخلاق الثقافة العربية بوحٌ يفوق الجمال وكأنه أشعل بخوراً ارتفع إلى عليائه بخيوط فضية مائلة إلى الزرقة، اللون الذي طغى على المكان فالتفاصيل الدقيقة هندسة.. إعتمده «المهندس شاعر الفروسية» لقب أطلقه عليه رئيس تحرير التلغراف الأسترالية أ.أنطوان قزي..
ثم قراءة ثلاث قصائد مترجمة للغة الإنكليزية من الشاعرة زينة عيسى وهي بادرة ملفتة وهامة لأجيال المستقبل التي ستحمل رسالة الشعر والنص العربي  .
“بدوي الحاج «إعتلى المنبر واثق الخطى مصافحاً فِكر الحضور وفرح الكتاب المولود من قارة جنوب الأرض الأسترالية نَبضت أنفاسه بمشوار من رحلة الحياة والكلمات ضوءاً فوق جناحي يمامة..فوق سطور الحلم والمطر القادم وبيادر الحنطة، عزف مع الرياح آلامه من «عائدون” :
لَم نأتِ لنبقى
ستعلو بنا السحب يوماً
بعيداً، مع رذاذ العائدين.
ومن ظِلال غربته يتفقد شجرة اللوز التي أزهرت، في الحقل ، خلف البيت الحزين….يتفقّد دالية العنب التي أحنت ظهرَها السّنون..

دالية أبي، أمي وأبي، جدتي، قصائد وإشارات
بلا تلّون ولا رياء تتراوح بين الأصالة والمعاصرة تُرضي القارئ من كافة المستويات في زمن يتوق به الناس إلى صدق المشاعر وسهولة التلقي :
كنت أمسك ثوب جدتي خوفاً
لم أكن احتاج لأي ملجأ أو  متراس
فثوبها كان غطاء دولياً وإقليمياً بالنسبة لي!
إنسجام في بنية القصيدة دون ترهل ، فأناقة الحرف ومتانة الجمل  واندفاق  يجمع اللين والسهولة ، يواجه بتلميح مخفف الخروج عن عصمة الطائفية ومواجهة العصابات المسلحة فِكرياً، تارة درزياً متقمصاً ،تارة سنياً، شيعياً،مارونياً، كاثوليكياً،آشورياً….نكاية بالمذهبية أعودُ ملحداً ،كافراًبالقضية!
لا يخلوا شعره الغزلي من  نرجسية إبداعية ورغبة في تسريب شيء من الترّنح والإنتشاء» خمر وحوريات”:
أيها الساقي، زد كأسي خمراً
علّني أنتشي كثيرآ
أُعاند السقوط ، فأمسك بِظلّي عصا!
ومن عشق الحبيبة إلى عاشق لحن القضية فنقرأ صميم الوطنية المتجذرة في النفس يثقلها بوجدانية وبلاغة :
أماه ،يداي عاريتان
لاتحملان سوى الحجارة.
يتكور ليلاً مُترفاً بآلامه  مُحتضناً القصيدة راصداً ضوء الفجر إلى أن تصير الكلمات ثورة وذرات جسده قصائد تعانق موج البحر الصاخب :
كيف لنا أن  نقود ثورة!
فنحن نعيش في وطن بلا شهوة
بارد كرصيف يجلده المظر كل يوم…
إنه الموت كل يوم!
لم ينس بدوي الحاج اللبناني الغيور على مايجري في فلسطين فالقضية الفلسطينية تعني كل مواطن عربي بأبعادها التاريخية والوطنية  :
“طفل فلسطيني “
أنا طفل فلسطيني،  أنا  موسم الخير المنتظر ،أنا الزهر
أنا زخّات المطر
أنا طفل عربي
مسلوب الأرض والقمح والفجر..بندقيتي مقلاع
فراشي مرج
وسادتي حذاء وحجر….
وختام ٨٧ قصيدة ونص  من بديع الزهر وريحانه
قال:
شكرا لمن سيأتون غداً
من بعدنا
سيرحلون على عجل
مابقي سوى الرماد،
وضع يده في جيبه …ومشى….

تقديرا للصداقة والأخوّة تقبل مني مشاركتك فرحك برؤية إنسانية صادقة
ألف مبروك المهندس والشاعر بدوي الحاج  نتاجك الجميل «أنا لم أكن أنا”