كمال براكس

كيف السبيل ان اظل محتفظاً باسمي,هل ارسمه على الحائط بخط عريض,ام ادقّه في جدار راسي بالمطرقة والمسامير. قد يتبادر الى اذهانكم انني مجنون؟ انا لست مجنوناً.

انا لم افقد ذاكرتي بعد,انا رجل في كامل قواي العقلية.ها أنذا أضحك كما ترون,اغرق في الضحك,بل اقهقه ملئ اشداقي وحنجرتي,الا يكفي هذا لكي اثبت لكم انني لست بمجنون ولكن “يطيب لكم ان ترموني بالجنون”.

بقيت في مكاني ابكي بلا دموع, ويدي ترتعد على خدّي,وكنت احسّ ان راسي غدا ثقيلاً لاصقاً بارض الغرفة,وقد تجمّدت رقبتي,وسرت النار في وجهي وعيني,كان بؤساً متقعاً وكان الفقر والجوع والتضوراكثر من ان نضيف اليه بعض الظلم والشقاء والتعاسة,وكنت اقول في نفسي ؟سيأتي الفرج:اخرج كل صباح ابحث عن عمل واعود المساء خالي الوفاض,

حتى الطعام هو نفسه :حساء عدس,دائماً حساء العدس.

واحسست كأني اقف في مهّب الريح, كنت اسير وعصا خفيّة تشدّني الى الخلف دائما” لا تريد ان تترك لي حتى حرية السير,وكنت لا أجرؤ حتى ان افكّر,او ابدي رأياً في شيء.

وينتفض كل عصب في جسمي,وامضي سريعا منسحقاً مقهوراً,والقيود غير المنظورة, تكبّلني وتردّني بعنف وبقسوة جارحة ,الدنيا سوداوية والأفق مسدودا”,العتمة المذبوحة المتألمة, والظلام الدامس الملعون,اتخّطى بالجدران والركائز لقد مكثت في غرفتي لا ابارحها,اعيش في صمتها ,وحولي علب التونا والسردين, وقشر البيض المسلوق,وفضلات الخبز,والروائح التي لا اشمّها,والحشرات الباحثة عن طعامها والتي تتسلّق الجدران الرطبة,تسرح وتمرح حيث يطيب لها.

جاء صديق يزورني ,انا لا اصدقاء لي ,انه انسان,لا ادري لماذا احّب ان تكون له علاقة بي ,كنت ابعده وأنحيه عن طريقي ,وكان يبتسم دائماً,يربّت على كتفي ,فيقشعرّ بدني, دخل غرفتي ,ورأيته كمن يتقيّأ,بقيت اراقبه ,جاحظ العينين, فنظر اليّ مبتسماً,كمن يقاسي اللوعة والحزن,لم يجد ما يقوله فمضى ولم اعد اراه.

انا لا اريد ان يقتحم عالمي اي مخلوق,ولا حتى المرأة التي احببت.طردّتها لما رأيت في عينيها ومضات ترثى لحالي,او ربما تشفق علي ,انا لست بحاجة لعاطفة اي مخلوق.

دعوني الآن اطلعكم على ما لا تعلمون,هاتوا اذانكم لأهمس فيها بالسر الكبير .اسمعوا ان معي مسدّسا”تحت وسادتي ,معبّأ بأستمرار ,لا ينتظر اّلاان اضغط بأصبعي على الزناد وانا لن اخاف تلك اللحظة ,لن احّس بدبيب اي شيئ في جسمي ,ولن ترتعد اوصالي ,ولن يتصّبب عرقي ,وسأدع رفيقتي الرتيلاء تنسج خيوطها بسلام وطمأنينة في الركن العالي من غرفتي.انها واقفة متأهبة لأي عميل غربي يدخل نطاقها العنكبوتي لتهجم عليه وتقضمه وتقّطعه ارباً ارباً ومن ثّم ترميه جانباً.

انها تؤنس وحدتي الفارغة ,اني اشعر بصداقة تربط بيني وبينها,انها تفهم وتدرك ما آلمني من شعور مأساوي مزمن يصعب مداواته.

اياكم ان تحدّثكم انفسكم بأقتحام غرفتي علي ,انكم لا تستطيعون  دخول عالمي,انه ما يزال بعيدا” عن الضوء.اتراكم تنسون اسمي بعد اليوم,لن ادعه يفلت مني هذه المرة ,هل اثبته في رؤؤسكم بالآبر والدبابيس,ايها المجانين.وليبحث كل منكم عن زعيمه الفاسد الموبوء بالجراثيم ليجد له رأساً فارغاً وفماً موبوءاً بالفيروسات وساعداً ملتوياً الى الوراء وظهراً محدودباً وقيوداً وسلاسل لا نهاية لها ولا مفّر منها.

صحوت مرتعباً ومذعوراًمن هذا الكابوس الذي لازمني طيلة الليل.

https://sites.google.com/site/kamalbracks/