أستراليا تشهد تحولًا اقتصاديًا جذريًا، حيث تتزايد سيطرة الشركات الكبرى على حساب الشركات العائلية وأصحاب الأعمال الحرة. وفقًا لبحث جديد صادر عن معهد الشؤون العامة (IPA)، فإن هذا التمركز الاقتصادي يهدد التقليد الأسترالي الذي طالما ارتبط بانتشار الملكية بين المواطنين.
بين عامي 2019 و2024، ارتفعت حصة الشركات من الدخل القومي بنسبة 7.5%، في حين انخفضت حصة الشركات العائلية وأصحاب الأعمال الحرة بنسبة 20%. وتوضح الأرقام أن حصة الشركات من إجمالي الدخل القومي قفزت من 26.5% إلى 28.5%، بينما تراجعت حصة الشركات العائلية وأصحاب الأعمال الحرة من 8.75% إلى 7%.
هذا التراجع كان له تأثير مالي كبير؛ فبين عامي 2020 و2023، خسرت الشركات العائلية وأصحاب الأعمال الحرة 149 مليار دولار من الدخل بسبب انخفاض حصتهم. كما خسر العمال في نفس الفترة 215 مليار دولار من الأجور نتيجة تراجع حصتهم النسبية من الدخل القومي.
يقول سيان هوسي، زميل الأبحاث في المعهد: “نشهد تراجعًا في عدد الشركات العائلية وأصحاب الأعمال الحرة، مع تركيز متزايد للدخل والقوة الاقتصادية في أيدي الشركات الكبرى”. ويضيف أن هذا التوجه “يقوض نموذج الرأسمالية الديمقراطية الذي اعتدنا عليه، والذي سمح بانتشار ملكية الشركات والمنازل والثروة بين شريحة واسعة من الناس”.
وتظهر أبحاث سابقة للمعهد أن حصة الشركات العائلية والصغيرة من الدخل القومي قد تدهورت على المدى الطويل، حيث انخفضت من 26% في عام 1960 إلى 9% فقط في عام 2019. وتعزز النتائج الجديدة فكرة أن الشركات الصغيرة تواجه صعوبات متزايدة في بيئة تنظيمية خانقة.
يشير هوسي إلى أن السياسات التي تفضل تقليل الملكية بين الأستراليين العاديين تساهم في تفاقم المشكلة. ويؤكد أن “العبء المتزايد للروتين الحكومي (red tape) وسياسات الطاقة التي تهدف إلى تحقيق الحياد الكربوني (net zero) رفعت تكاليف ممارسة الأعمال التجارية، مما يدفع الشركات العائلية الصغيرة ورواد الأعمال المستقلين إلى الخروج من السوق، بينما تمنح ميزة تنافسية للشركات الكبرى القادرة على تحمل تكاليف الامتثال الإضافية”.
ويختتم هوسي بالقول إن أستراليا بحاجة إلى تصحيح المسار لضمان انتشار أوسع للملكية والمشاركة في الاقتصاد، ومنع تحويل الثروة والسلطة من العائلات العادية إلى مجالس إدارة الشركات والمستثمرين الأجانب.

