تشهد أستراليا أزمة وطنية في سرقة السيارات، حيث يفشل حتى أحدث التقنيات في وقفها. فوفقًا لمكتب الإحصاءات الأسترالي، تُسرق سيارة كل 11 دقيقة، ويقول الخبراء إن سرقتها أصبحت أسهل من أي وقت مضى.
لقد ولّت أيام تحطيم النوافذ واستخدام الأسلاك الملتوية لتشغيل السيارة. اليوم، يستخدم المجرمون تقنيات ذكية لفتح المركبات وتشغيلها وسرقتها بصمت وفي لمح البصر، وغالبًا دون إطلاق أي إنذار.
يحذر مدير شركة “SIS Australia”، لورينزو إرنست، من أن شركات صناعة السيارات متأخرة في مواكبة التطورات الأمنية، وأن شراء سيارة جديدة لا يضمن بالضرورة حمايتك. ويقول: “أصبح الآن من السهل جدًا استخدام أداة تشخيص، وإعادة برمجة المفتاح، والانطلاق بالسيارة”.
وتُظهر أحدث البيانات المتاحة من مكتب الإحصاءات الأسترالي أن أكثر من 60,000 سيارة سُرقت في جميع أنحاء البلاد في الفترة 2023-2024، بزيادة حوالي 17,000 سيارة عن الفترة 2022-2023. كما تضاعفت مطالبات التأمين على سرقة السيارات منذ عام 2015، ووصلت إلى 428 مليون دولار في عام 2024، مع كون ولايتي كوينزلاند وفيكتوريا الأكثر تضررًا.
تقنيات السرقة الحديثة
يستخدم اللصوص وحدات التشخيص المدمجة (OBD) لبرمجة المفاتيح أو تقليدها. وتقول الشرطة إن هذه الطريقة مسؤولة عن سرقة واحدة من كل خمس سيارات في ولاية فيكتوريا. وقد أفادت الشرطة في فيكتوريا ونيو ساوث ويلز أن سيارات هولدن كومودور هي من بين السيارات الأكثر سرقة. وشملت السيارات التي شهدت أكبر زيادة في السرقة: كيا، جيب، إيسوزو، لاند روفر، وفولكس فاجن.
حلول لمواجهة السرقة
تحاول شركة “SIS Australia” اتباع نهج جديد وجريء، وهو تحويل السائق إلى مفتاح باستخدام القياسات الحيوية المدعومة بالذكاء الاصطناعي. يقول إرنست: “يقوم الناس بأشياء مختلفة، مثل سرعة مشيهم، وطريقة قيادتهم… لديهم عادات محددة للغاية، ويمكننا استخدام هذه المعلومات بمسؤولية لبناء ملف تعريف للسائق”.
تعمل الشركة على تقنية تربط السيارة بالسائق، بحيث حتى لو امتلك شخص ما المفاتيح وتمكن من تجاوز أنظمة منع السرقة، فلن يتمكن من الانطلاق بالسيارة. وتعمل شركات صناعة السيارات، مثل هيونداي، بالفعل في مجال القياسات الحيوية. تأتي سيارة GV60 من هيونداي مزودة بتقنيات “Face Connect” و”Fingerprint Start”، مما يسمح للسائقين بفتح وتشغيل سياراتهم دون الحاجة إلى مفتاح.
تقدم شركة مرسيدس-بنز ميزة إلغاء تنشيط المفتاح في حالات الطوارئ، مما يسمح للسائقين بتعطيل المفاتيح عبر تطبيق على الهاتف. وإذا اكتشفت مستشعرات السيارة وجود عملية سطو، يتلقى المالك تنبيهًا.
أصبح تتبع المركبات عبر تطبيقات الهواتف الذكية شائعًا بشكل متزايد، مع توفير أنظمة من قبل فولكس فاجن، ليب موتور، ألفا روميو، وجيب.
هناك أيضًا إكسسوارات ما بعد البيع متاحة في السوق الأسترالية، لكنها ليست رخيصة، إذ تزيد تكلفتها عن 1000 دولار. على سبيل المثال، يعد جهاز “StealStopper” بـ”التفوق على اللص”، حيث يتم تثبيته مباشرة في السيارة ويعطل دواسة الوقود، مما يجعل من المستحيل تقريبًا الانطلاق بالسيارة.
العودة إلى الحلول التقليدية
بما أن المجرمين يتطورون بسرعة، ولا تزال شركات صناعة السيارات تحاول اللحاق بهم، يعود بعض السائقين إلى استخدام وسائل ردع مادية قديمة، مثل أقفال عجلة القيادة. كانت هذه القضبان الصفراء الزاهية تُعتبر قديمة الطراز، لكنها عادت الآن كحاجز مادي مرئي يرسل إشارة فورية بأن السيارة “لا تستحق العناء”.
يقول إرنست: “هناك قصة قديمة عن بلدين في سباق فضائي، قام أحدهما بتطوير قلم عالي التقنية يمكنه الكتابة في انعدام الجاذبية وعلى أي سطح بشكل مثالي. أما البلد الآخر، فنظر إليهم وقرروا استخدام قلم رصاص بدلاً من ذلك. أحيانًا، نبالغ في تعقيد الحلول”.
إن جعل سيارتك أكثر صعوبة في السرقة قد لا يكون مضمونًا تمامًا، ولكن في هذا السباق، كل طبقة إضافية للحماية مهمة.

