أعلن رئيس الوزراء الأسترالي، أنتوني ألبانيز، أن أستراليا ستعترف بدولة فلسطين في سبتمبر، تزامناً مع اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة. وأكد ألبانيز أن حل الدولتين هو “أفضل أمل للبشرية لكسر حلقة العنف في الشرق الأوسط”.

وفي مؤتمر صحفي عقده في كانبيرا، قال ألبانيز إن أستراليا ستعترف “بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولة خاصة به، بناءً على التزامات تلقتها من السلطة الفلسطينية”. وأضاف: “سنعمل مع المجتمع الدولي لجعل هذا الحق حقيقة”.

تأتي هذه الخطوة بعد اجتماع للمجلس الوزاري في كانبيرا حيث وافق على الاعتراف بالدولة. يشار إلى أن أكثر من 140 من أصل 193 دولة عضو في الأمم المتحدة تعترف بالفعل بفلسطين.

وشدد ألبانيز على أن “حل الدولتين هو أفضل أمل للبشرية لكسر حلقة العنف في الشرق الأوسط، ووضع حد للصراع والمعاناة والمجاعة في غزة”. وأكد أن رؤية المجتمع الدولي لسلام عادل ودائم في الشرق الأوسط لطالما شملت دولتين تعيشان جنباً إلى جنب بحدود معترف بها دولياً: دولة إسرائيل ودولة فلسطين، مع ضمان الأمن لشعبي الدولتين.

وأوضح ألبانيز أن السلام سيبقى مؤقتاً ما لم يتم ترسيخ الدولتين الإسرائيلية والفلسطينية بشكل دائم. كما أشار إلى أن أي اعتراف يتطلب ضمان عدم وجود دور لحركة حماس، التي تحكم غزة بحكم الأمر الواقع وتصنف كجماعة إرهابية، في الحكومة المستقبلية.

وأفاد رئيس الوزراء بأن السلطة الفلسطينية أكدت مجدداً أنها تعترف “بحق إسرائيل في الوجود في سلام وأمن”، وأنها “التزمت بالتجريد من السلاح وإجراء انتخابات عامة”.

تأسست السلطة الفلسطينية في عام 1994 لإدارة الأراضي الفلسطينية المتمتعة بالحكم الذاتي في الضفة الغربية (بما في ذلك القدس الشرقية) وقطاع غزة بموجب اتفاقيات أوسلو. وتحكم السلطة، بقيادة حركة فتح، الضفة الغربية، بينما سيطرت حماس على قطاع غزة في عام 2007 بعد فوزها في الانتخابات البرلمانية وحرب أهلية قصيرة، ومنذ ذلك الحين لا يوجد للسلطة وجود في القطاع.

وكشف ألبانيز أنه تحدث هاتفياً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، معتبراً أن الوضع في غزة “تجاوز أسوأ مخاوف العالم”، وحث على التوصل إلى حل سياسي للصراع. واتهم ألبانيز إسرائيل بأن أعمالها، بما في ذلك التهديد بضم الأراضي الفلسطينية المحتلة واقتراح التهجير القسري الدائم للفلسطينيين، قد عرضت حل الدولتين للخطر.

وقال ألبانيز: “الحكومة الإسرائيلية مستمرة في تحدي القانون الدولي ومنع وصول المساعدات الكافية والغذاء والماء للمحتاجين، بما في ذلك الأطفال”. وأكد أن “هذه المساعدات الحيوية يجب أن تصل إلى من هم في أمس الحاجة إليها. الأمر أكبر بكثير من مجرد رسم خط على خريطة. إنه يتعلق بتقديم شريان حياة لشعب غزة”.

من جانبها، قالت وزيرة الخارجية بيني وونغ إن العالم يغتنم الفرصة التي أتاحتها التزامات السلطة الفلسطينية بالتجريد من السلاح وإجراء الانتخابات، وذلك “في الوقت الذي يسعى فيه العالم لدعم جهود الجامعة العربية لعزل حماس”.

وانتقدت وونغ حكومة نتنياهو لكونها “تجاهلت المعارضة الدولية لسلوكها في غزة”، مؤكدة أن هذه الخطوة الأسترالية “ليست النهاية، بل هي مجرد البداية”، وأن هناك “الكثير من العمل الذي يتعين القيام به لبناء دولة فلسطينية”.

وأضافت وونغ أن أستراليا ستساعد في بناء قدرات السلطة الفلسطينية وستعمل مع المجتمع الدولي لمتابعة التزاماتها، مشيرة إلى أن “التطبيق العملي لاعترافنا سيكون مرتبطاً بالتقدم في هذه الالتزامات”.

ردود الفعل على القرار الأسترالي

  • المعارضة الأسترالية: أعربت المعارضة عن “مخاوف جدية” بشأن خطة أستراليا، حيث قالت زعيمتها، سوزان لي، إن الاعتراف كان يجب أن يأتي في نهاية مفاوضات السلام، وألا يتم مع استمرار سيطرة حماس على غزة.
  • حزب الخضر: وصف المتحدث باسم شؤون الخارجية في الحزب، ديفيد شوبريدج، القرار بأنه “تأخر كثيراً” و”كان يجب أن يحدث قبل عقود”. ودعا الحكومة إلى فرض عقوبات على إسرائيل ووقف تصدير قطع غيار لطائرات F-35 المقاتلة.
  • مؤيدو فلسطين: أكد رئيس شبكة المناصرة الأسترالية لفلسطين، ناصر مشني، أن الاعتراف يمكن أن يُستخدم كـ”قناع” يسمح لإسرائيل بـ”مواصلة وحشيتها ضد الفلسطينيين دون عواقب”، ودعا إلى وقف المجازر وعدم التواطؤ فيها.
  • إسرائيل واليهود الأستراليون: انتقد السفير الإسرائيلي لدى أستراليا، أمير ميمون، القرار، واصفاً إياه بأنه “رمزي” و”يقوض أمن إسرائيل”، بينما اعتبر المجلس التنفيذي لليهود الأستراليين، وهو الهيئة التمثيلية العليا للمجتمع اليهودي في البلاد، القرار “خيانة وتخلياً عن الرهائن الإسرائيليين”.

تزايد الضغط على الحكومة الأسترالية

واجهت الحكومة الفيدرالية الأسترالية ضغوطاً متزايدة للقيام بالمزيد مع تفاقم الوضع في غزة. ففي أوائل أغسطس، شارك ما لا يقل عن 90,000 متظاهر في مسيرة عبر جسر ميناء سيدني، بالإضافة إلى الآلاف في عواصم أسترالية أخرى، مطالبين بفرض عقوبات على إسرائيل.

ووجد استطلاع للرأي أُجري في أغسطس أن هناك دعماً متزايداً بين الأستراليين للاعتراف الرسمي بالدولة الفلسطينية. وأظهر الاستطلاع أن 45% من المشاركين يؤيدون اعتراف أستراليا بالدولة الفلسطينية قبل اتفاق سلام تفاوضي، في حين عارضه 23%. وكان الدعم في أعلى مستوياته بين الفئة العمرية 18-34 عاماً (57%)، بينما كان الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 55 عاماً فما فوق أكثر ميلاً للمعارضة (28%).

تجدر الإشارة إلى أن إسرائيل تشن قصفاً على غزة منذ هجوم حماس على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، والذي أسفر عن مقتل 1,200 شخص وأسر حوالي 250 آخرين، وفقاً للإحصاءات الإسرائيلية. ومنذ ذلك الحين، قُتل أكثر من 61,000 شخص في غزة، وفقاً لسلطات الصحة في القطاع، وتشير مصادر الأمم المتحدة إلى أن أكثر من مليوني شخص يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد.