قضت كوريين أومز، إحدى نجمات برنامج الواقع الشهير Alone Australia، 70 يومًا بمفردها في البرية الوعرة بجبال تسمانيا، في رحلة غيرت نظرتها إلى الحياة تمامًا.
منذ اللحظة الأولى التي هبطت فيها في جبال تسمانيا الوعرة، شعرت أومز بالرهبة من جمال وقسوة المكان. تقول: “كنت أعلم أنها ستكون تجربة صعبة. من طبيعة الأرض وتكويناتها الصخرية، كنت أدرك أنها ستكون بيئة قاسية، عاصفة، ورطبة.”
“لكن كان هناك هدوء لا يصدق. صوت الأمواج على الصخور وأحيانًا زقزقة الطيور… كان الأمر جميلًا جدًا”.
لم تكن أومز، البالغة من العمر 39 عامًا، في رحلة سياحية، بل كانت متسابقة في برنامج “ألون أستراليا”، حيث يُختبر المتسابقون على قدرتهم على البقاء على قيد الحياة بمفردهم في بيئة معزولة.
“لم أكن مستعدة، لكنني نجحت”
يضع البرنامج 10 أشخاص في مناطق مختلفة من برية تسمانيا القاسية، حيث يُسمح لهم فقط بمعدات محدودة وبدون أي اتصال بالعالم الخارجي. ويُطلب من المتسابقين أن يصوروا أنفسهم وهم يواجهون تحديات البيئة، ومن يصمد لأطول فترة يفوز بجائزة قدرها 250 ألف دولار.
رغم أن أومز لا تعتبر نفسها خبيرة في البقاء على قيد الحياة، إلا أنها صمدت لمدة 70 يومًا، وحققت المركز الثالث، وكانت آخر امرأة تغادر المنافسة.
“علاقة لا يمكن للعدسات التقاطها”
أثرت التجربة في أومز بشكل عميق، فبعدما كانت لا تعتبر نفسها شخصية روحانية، أصبحت الآن قادرة على فهمها. تقول: “حتى الآن، أجد صعوبة في التعبير عن العلاقة التي شعرت بها مع نفسي ومع الأرض. الكاميرات لم ولن تستطيع أبدًا أن تلتقطها. لقد كان مكانًا جميلًا”.
نشأت أومز في المرتفعات الاسكتلندية، حيث تعلمت من والدها كيفية البحث عن الطعام في البرية. وصفت نفسها بأنها “طفلة في التاسعة من عمرها تحمل فأسًا”، كانت تقضي وقتها في اللعب في البرية الوعرة.
قبل 12 عامًا، استقرت في تسمانيا، وقررت المشاركة في البرنامج بدافع استكشاف الذات، حيث تقول: “كم تعرف عن نفسك إذا كنت تكرر نفس الروتين ولا تخرج من منطقة راحتك؟ كنت أعرف أنني سأعاني، وأردت أن أصل إلى تلك النقطة وأتجاوزها”.
لم تكن لديها خبرة سابقة في البقاء على قيد الحياة، ولم تتوقع أن تصل إلى هذه المرحلة المتقدمة في المسابقة.
تحديات البرية: “كانت فوضى عارمة”
في البداية، وجدت أومز صعوبة في التكيف مع متطلبات البيئة والتصوير. كانت تحاول بناء مأوى، وحماية معداتها، والبحث عن الطعام في مكان جديد تمامًا، وفي نفس الوقت كان عليها أن تصور نفسها لساعات طويلة يوميًا.
تصف أومز شهرها الأول في البرية بـ “فوضى عارمة” حيث كانت تتعرض للإصابات باستمرار. لكن بمرور الوقت، بدأت حواسها تتكيف مع البيئة.
“عندما لا تكون محاطًا بالكثير من المثيرات، تصبح حواسك أكثر حدة. تبدأ في ملاحظة أشياء لم تلاحظها من قبل، مثل قطرات الندى على خيوط العنكبوت، أو رائحة العواصف قبل وصولها.”
في أصعب اللحظات، فوجئت أومز بما افتقدته أكثر. “لقد عانيت من الافتقار إلى وجود الأشخاص أكثر بكثير مما توقعت. كانت الرغبة في التواصل الجسدي والعاطفي قوية جدًا، إن لم تكن أقوى من الرغبة في الطعام. كانت هناك أوقات كثيرة أتمنى فيها لو كان هناك من أشاركه هذه اللحظة الرائعة.”
“لقد تغيرت.. وأصبحت سعيدة بالقليل”
واجهت أومز بعض التحديات مع الحيوانات المحلية، بما في ذلك “كوينتين” وهو حيوان من نوع الكوول كان يزورها باستمرار، وأصبح بالنسبة لها صديقًا تتطلع إلى زياراته اليومية.
كما أن صراعها مع ذبح حيوان من أجل اللحم كان من أصعب التحديات. تقول: “كان قتل حيوان الوُلاب (نوع من الكنغر الصغير) تجربة مؤلمة وصعبة، ولكنه درس قيم”.
منذ ذلك الحين، تقول أومز إن شيئًا ما تغير في تفكيرها، وأصبحت قادرة على ذبح دواجنها بنفسها في المنزل، مما منحها تقديرًا واحترامًا لما تأكله.
تعزو أومز نجاحها في البرنامج إلى عقليتها المتصالحة مع نفسها. “ذهبت إلى هناك بدون نية للفوز. أردت فقط أن أستمتع بالوقت، وأتعلم عن نفسي، وأستكشف الغابة. أعتقد أن هذا ساعدني على البقاء.”
وجدت أومز أن العودة إلى الحياة الطبيعية كانت أصعب من البقاء في البرية. تقول: “كان الأمر مرهقًا جدًا، حتى نكهة الطعام كانت قوية، وضوضاء المرور كانت أكثر من اللازم.”
بعد بضعة أشهر، عادت أومز إلى روتينها اليومي، ولكن مع بعض التغييرات. “العيش بدون هاتف أو إنترنت أو وسائل التواصل الاجتماعي، وبدون ضغوط العمل، كان صحيًا جدًا. لذلك، بعد عودتي، قللت من استخدام كل هذه الأشياء.”
الآن، بدأت أومز في تكوين أسرة، وتأمل أن تربي طفلها على تقدير متع الطبيعة البسيطة. “أدركت مدى سعادتي بالقليل. نحن لا نحتاج إلى كل وسائل الراحة التي نظن أننا بحاجة إليها.”

