من دين براون الذي كان سيُجلي المسيحيين من لبنان عن طريق البواخر سنة ١٩٧٤ إلى توم باراك الذي سيعيدنا إلى بلاد الشام سنة ٢٠٢٥ عشرات بل مئات المبعوثين الدوليين مرّوا على لبنان: اميركيين وفرنسيين وأوروبيين وأمميين وعرب. ما زلنا نتأرجح على حبال الحيرة؟!.
ربما، وانا في السادسة عشرة من عمري ، كنت افهم ماذا كان يريد دين براون رغم سوء طرحه ولؤم فكرته. اما اليوم وبعد مرافقتي لسلسلة المبعوثين سحابة خمسين سنة وجدتني عاجزاً عن فكّ طلاسم توم باراك.
ففي جولاته الثلاث، رحت اسأل الأصدقاء إذا فهموا شيئاً عمّا يقوله، كي يفهموني.. وتنفّست الصعداء عندما وجدت ان لا احد حتى الآن استطاع ان يحل ألغاز توم باراك .. صحيح أنه زحلاوي ولكن لا يجب ان يبقى تأثير العَرَق عالقاً في رأسه وهو يحل مشكلة مستعصية.
قبل باراك، جاءتنا مورغان اورتاغوس التي أوقفوها عن مهمتها في لبنان، اولاً لأنها شكرت إسرائيل وهي في القصر الجمهوري لأنها هزمت حزب الله، وثانياً لأنها جاءت في زيارتها الثانية وهي تلبس خاتماً عليه نجمة داوود، وثالثاً لأنها كادت تخطف قلوب لبنانيين كثر!!؟.
أمّا سلَفها أموس هوكشتاين فأوقفوه لأنه مولود في إسرائيل..
اما الفرنسي جان ايف لودريان المغرم بأكل ال”لبن امّو في قصر الصنوبر” فهو في زياراته التي كادت تلامس العشر، فما زال يدرس ويقيّم الأمور.
وفي العودة الى زيارة باراك الثالثة إلى بيروت، فهو لم يضف فيها شيئاً الى زيارتيه السابقتين مثل:” الوقت بدأ ينفد من امام لبنان، على لبنان ان يحل مشاكله بنفسه، تسليم سلاح حزب الله شأن لبناني داخلي، اميركا لن تضغط على اسرائيل، لا إعمار ولا مساعدات قبل حصر السلاح بيد الدولة”.
وقبل أن يغادر قال: “لا أعلم ماذا ستكون النهاية”.
واذا كان تسليم السلاح شأن داخلي ، واذا كانت اميركا لن تضغط على اسرائيل، فلماذا يزور سعادته لبنان إذن؟؟؟!.
..علماً انه كلما تهبط طائرة باراك في مطار بيروت ، يلاقيه الشيخ نعيم قاسم بخطاب ناري جديد.
وما يؤيد كلامي، هو ما كتبته صحيفة النهار البيروتية:”ومن غير المستبعد أن ينتهي تكليف توم باراك الملف اللبناني في أي وقت وعلى نحو مفاجئ، تماما كما انتهى تكليف مورغان أورتاغوس”.
في الختام، عندما نعرف ماذا يريد ترامب من أوكرانيا، وماذا يريد من أوروبا ومن أستراليا، نعرف ماذا يريد من لبنان.
بالمختصر ، المشهد لا يدعو الى التفاؤل.

