في خطوة غير مسبوقة على مستوى العالم، أطلقت أستراليا أداة إلكترونية جديدة تُعرف باسم “متعقّب الجينوم” (Genome Tracker)، لرصد التقدّم المحرز في فك الشيفرات الوراثية (الجينومات الكاملة) لأكثر من 250 ألف نوع معروف ومُسجّل في البلاد.

وتكشف المنصة، التي أُطلقت اليوم ضمن أطلس الجينوم المرجعي الأسترالي (ARGA)، أن فقط 2% من هذه الأنواع تم تحليل جينوماتها ولو لمرة واحدة حتى الآن.

هذه الأداة الرقمية طُوّرت بالتعاون بين عدة مؤسسات علمية أسترالية، منها: أطلس الحياة الأسترالية، Bioplatforms Australia، BioCommons، والمركز الأسترالي لبيانات البحث العلمي (ARDC)، وتستضيفها وكالة العلوم الوطنية CSIRO.

وتوضح الدكتورة كاثرين هول، المسؤولة عن مشروع ARGA في CSIRO، أن الأداة تمثل نقطة تحوّل في كيفية تتبّع وتقييم وتحديد أولويات بيانات الجينوم.

“تسلسل الجينوم الكامل للنباتات والحيوانات يتيح فهماً أعمق للتنوع البيولوجي، وعلم البيئة، والزراعة، والأمن الحيوي”، تقول د. هول، “كما يسمح لنا بالغوص في أعماق التاريخ التطوري لفهم كيف تكيّفت الأنواع مع بيئات أستراليا الفريدة”.

وتضيف أن “متعقّب الجينوم” يكشف بوضوح أي فروع من “شجرة الحياة” تمثلها بيانات جينية قوية، وأيها لا تزال مفقودة أو ضعيفة التمثيل.

وتهدف المبادرة في نهاية المطاف إلى بناء قاعدة بيانات جينومية شاملة تمثّل التنوع البيولوجي الأسترالي بشكل عادل ومتوازن.

“الجينومات تساعدنا على فهم الخصائص التكيفية للكائنات – كيف تكيّفت مع بيئتها وكيف تتطور بمرور الزمن”، تقول د. هول.

وتُظهر بيانات المتعقب أن الفروع القديمة من “شجرة الحياة التصنيفية” لا يغطيها سوى 32% من البيانات الجينية الحالية، ما يعني أن تحسين تمثيلها سيساهم في فهم أعمق لتطور الأنواع.

وتضيف: “نحن نعيش لحظة مثيرة في علم الأحياء. الجينوم هو بمثابة خريطة طريق لفهم أصل الحياة وتطورها، وكيف نحافظ عليها للأجيال القادمة”.

كما توفر المنصة واجهات بحث متقدمة تتيح للباحثين تصفية واستعراض الأنواع بحسب التصنيف أو الموقع أو النمط البيئي، مما يساعد في تحديد الفجوات البحثية وتوجيه الجهود المستقبلية.

أمثلة بارزة من إنجازات فك الجينوم في أستراليا:

  • شيطان تسمانيا (Sarcophilus harrisii): أول جينوم منشور في أستراليا عام 2011، أساسي لأبحاث السرطان والحفاظ على الأنواع.

  • الكنغر تامار (Notamacropus eugenii): أول جينوم كنغر عام 2012، كشف عن جينات مضادة للميكروبات في الحليب.

  • طائر الريجنت هونيايتر (Anthochaera phrygia): رغم قلة أعداده، كشف جينومه عن فقدان محدود في التنوع الجيني.

  • النمبات (Myrmecobius fasciatus): تكشف جينومه المنشور عام 2022 عن تكيّفات غذائية فريدة لتناول النمل الأبيض.

  • ببغاء البطن البرتقالي (Neophema chrysogaster): أول ببغاء مهدد بالانقراض يُحلل جينومه، نُشر عام 2025 لدعم برامج الإكثار.

  • ضفدع كوروبوري الجنوبي (Pseudophryne corroboree): جينومه، المنشور في 2025، أكبر بثلاث مرات من الجينوم البشري، وسيساعد في تطوير مقاومة ضد فطر مميت.