وبرفقة الذاهبين الى قبر السيد ذهبت،
أحمل مشعلي الذي يشبه العدم ،
مثقلا بكل الاحباط واليأس ،
كنت أتوسل لفتة مباركة كما توسل زكا في الإنجيل ،
واقفا على باب الهيكل كالمجدلية ،
لكنني تيقنت من صوت الضمير الحي أنك ملاذي ،
كما أنك رجاء لكل ابن آدم ،
وعند حلول ملء الزمان فاض نورك من القبر المظلم ،
وأخذت مع أترابي عبر الأزمنة نورا من نورك الذي لا يغرب..

أخذت نورك بأنانية وأردت احتضانه لنفسي،
لكنني سمعت صوتك يصرخ من داخلي،
النور هدية لك .. لكنك لا تملكه،
أحباه ابن الله رجاء .. وهداية لكل الناس،
وهو أمل لكل من يواجه خيبة الظلمات ،
وبرد اليأس،
وحرارة الصحراء وجفافها،
وزعه،
أضىء شموع الآخرين مجانا كما أخذت نورك مجانا،
إرفع المشعل عاليا،
وإلا لسقط من يدك أبديا، لإنك لا تستحق.

سمعت الصوت بوضوح ، وصرت خائفا على النعمة أن تغادرني،
لكنك تعرف ضعفي ، ويشبه ضعف من امتلأت اهراؤه ،
لكنني شددت العزم انا ابن الانسان ألا أكون جبانا ولا خائنا ،
أسير على الماء مثل بطرس بلا وجل،
وأرفض الثلاثين من الفضة،
ذلك انني بمعيتك لا أحتاج سوى للهواء والماء .. من لدنك.

نعم يا سيدي، من وطن المعذبين أرجوك ان تبقى معنا،
تضيء الشموع التي تضعف وتموت شعلتها أمام رياح الشك والأنانية ،
لعل ضعفنا نحن البشر يزيدنا تشبثا بأهدابك،
لعل الامتحان العسير يكسبنا مناعة في وجه الأخطار ،
لعلنا نعيش ثقافة جديدة ، نجهد ونعمل كما أوصيت،
ونقتنع أنك تطعم طيور السماء،
ونشهد أن جمال صنيعتك هم أجمل من زنابق الحقول،
وأنك أنت هو الطريق والحق والحياة.

رب شعلة صغيرة تنتشر كالنار في الهشيم،
رب شمس تشرق وتطرد الليل الحالك،
رب يأس مستحكم يتبدد ، ويحل مكانه رجاء وفرح عظيم،
رب ثقافة عقيمة أوصلت شعبنا الى هذا الدرك تذهب بلا رجعة،
رب موت أكيد يرحل بعد ان طردته إرادة السيد ومن يتبع خطاه.

نعم تتجدد الفصول مع دورة الأرض حول الشمس،
ومع الفصول يغير الله الأحوال والأقدار ،
ونبقى نقصد القبر لتنوير مجتمعاتنا بالنور المقدس،
وبالمعرفة المهداة الى كل فرد ومجتمع،
ونبقى نهتف وإلى الأبد بقلوب منسحقة وفرحة مجددين الولاء والرجاء :
المسيح قام من بين الأموات ،ونحن شهود على ذلك.